لكلّ وطن رموز تميّزه في مقدّمتها العلم
علم الجمهورية التونسية


جذور علم تونس ونشأتهيحمل العلم التونسي في طياته تاريخا طويلا حافلا بالملاحم والبطولات، فهو الشاهد الحي على سجل شعب بأكمله خلد عبر العصور رسالة حضارية بنيت على القيم الإنسانية المثلى، لتنحت من تونس أرضا انصهرت في أديمها الحضارات وأضافت بما يتجاوز حجمها إلى حضارة الإنسان.
إن الرموز والألوان التي تميز العلم التونسي ضاربة في التاريخ، ولئن أكد بعض المؤرخين "أن الألوان المكونة لعلمنا كلون القماش الأحمر والدائرة البيضاء التي تحتوي على الهلال والنجم من اللون الأول، هي في الأصل علامات اشتهرت بها الحضارة القرطاجنية، فالواقع أن البلاد التونسية، منذ إلحاقها بالخلافة العثمانية سنة 1574 م، اعتمدت العلم التركي آنذاك أي الراية الحمراء التي أضيف إليها فيما بعد نجمة بيضاء، يحيط بها هلال أبيض.
ويرجع تاريخ العلم التونسي في شكله الحالي إلى عهد حسين باي الثاني (1854-1835)، فبعد انهزام العثمانيين في معركة نافرين (Navarine) في 1827، فكر حسين باي في استنباط علم جديد خاص بالبلاد التونسية للتمييز بينها وبين بقية الولاية العثمانية. وحتى يجتنب ردود فعل السلطة العثمانية اقتبس العلم الجديد من الراية التركية ذاتها، فتمّ الاحتفاظ باللون الأحمر مع إضافة قرص أبيض في وسط العلم وتغيير لون النجمة والهلال من الأبيض إلى الأحمر.
وظهر العلم في السنوات الأولى من نشأته، بصفة محتشمة إلى أن خلف أحمد باي سنة 1837 الباي مصطفى على عرش البلاد.
فكان همه هو السيادة التونسية وإبراز مظاهر استقلال البلاد تجاه الباب العالي. وكان كل نشاطه موجها إلى الأبهة العسكرية، فأمر بتوزيع العلم ذي الهلال الأحمر على كافة الأفواج التونسية، كما أمر المشير الأول أحمد باي برفع العلم التونسي المتميز عن العمل التركي على واجهات المصالح الحكومية والبواخر الحربية والتجارية.
وتجدر الإشارة إلى أن مبعوث السلطان العثماني الذي قدم إلى تونس سنة 1840، استغرب عندما شاهد العلم التونسي يرفرف بمفرده على قصر باردو فاحتجت حكومة الباب العالي على هذه المبادرة التي اعتبرتها خرقا للمواثيق الرابطة بين الإيالة التونسية والخلافة العثمانية وطالبت مرارا وتكرارا بتبديل صنجق تونس بصنجق الباب العالي. لكن المشير الأول أحمد باي ظل متمسكا بموقفه واستمر الأمر على هذه الحال في عهد محمد باي (1855-1859) ومحمد الصادق باي (1859-1882).
وعند انتصاب الحماية الفرنسية في تونس في 12 ماي 1881، لم تتجرأ القوات الفرنسية على إلغاء العلم التونسي لكنها فرضت رفع العلم الفرنسي إلى جانب العلم التونسي تطبيقا لمبدإ السيادة المزدوجة.
وقد ثبتت الحركة الوطنية العلم التونسي وظلت متمسكة به خلال جميع مراحل الكفاح التحريري رغم محاولة السلط الفرنسية منع التونسيين من رفعه أثناء التظاهرات والاحتفالات الوطنية.
وغداة استقلال البلاد وإعلان الجمهورية قرر المجلس القومي التأسيسي بالإجماع الحفاظ على العلم الوطني في الشكل الذي استنبطه حسين باي الثاني وأٌره المشير الأول أحمد باي في النصف الأول من القرن التاسع عشر باعتباره رمزًا للسيادة التونسية على مدى السنين والأحقاب.
وقد نصّ الفصل الرابع من دستور سنة 1959 على ما يلي : "علم الجمهورية التونسية أحمر، تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم ذو خمسة أشعة بها هلال أحمر".
معانيه ومكوناته ورموزهللعلم التونسي تاريخ مليء بالمعاني والعبر فتاسيسه سنة 1831 لا يعني فقط تثبيتا لخيار الاستقلال عن الدولة العثمانية والتميز عنها بل هو ايضا انخراط واضح في الحركة العالمية الجارية في ذلك الوقت والتي انبثقت عنها معظم الدول القومية بمفهومها الحديث وهو في هذا السياق احد المظاهر الرئيسية لشخصية الدولة التونسية في العهد الحسيني وقد كان له دور حيوي في ربط اللحمة بين افراد الشعب التونسي في فترة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي
باعتبار ان كل بلد يتضمن علمه ما يختص به من مبادئ وما يروم تحقيقه من اهداف فان القراءة المعاصرة لالوان العلم التونسي ورسومه تشير الى ان اللون الاحمر يرمز الى التضحية والجهاد والفداء تخليدا للنضال الوطني و وفاء لدماء الشهداء وارواحهم الطاهرة ,كما يعبر عن استمرارية الاستعداد للدفاع عن حرمة الوطن وصيانتها والموت من اجل ان يبقى حرا ابد الدهر
اما اللون الابيض فهو متفق عليه كونيا على انه يرمز للصفاء والسلم والتاخي وتثبيته في العلم الوطني يعني تاصل هذه القيم في الشعب التونسي
وفي باب الرسوم يرمز النجم الاحمر المخمس الى قواعد الاسلام الخمسة والى اعتزاز التونسيين بالحضارة الاسلامية وعزمهم على صيانة حرمة الدين, اما الهلال الاحمر فهو يرمز الى الفتوحات الاسلامية وبالتالي الى خارطة العالم العربي الاسلامي ويعبر عن انتساب تونس الى العروبة والاسلام وكلها مبادئ منصوص عليها في الدستور
+a