تحليق العنقاء» «مور» يتغلب على وحدة المكان
آخر
الصفحة
زكي الشيخ

  • المشاركات: 42097
    نقاط التميز: 1497
مشرف سابق
زكي الشيخ

مشرف سابق
المشاركات: 42097
نقاط التميز: 1497
معدل المشاركات يوميا: 5.6
الأيام منذ الإنضمام: 7565
  • 13:06 - 2005/02/20
الإنسان مع غضب الطبيعة 

«تحليق العنقاء» «مور» يتغلب على وحدة المكان

من بين باقة الأفلام الجديدة التي بدأ عرضها في الصالات المحلية الأربعاء الماضي استحوذ فيلم «تحليق العنقاء» flight of the phoenix على اهتمام الجمهور وتابعته أعداد كبيرة ضاقت بها قاعة العرض الصغيرة وظهر من البداية أن المخرج «جون مور» أراد أن يشد انتباه المتلقي ويسيطر على حواسه من خلال اختياره الموفق لأطراف الصراع، سواء بين البشر أنفسهم أم بين البشر والطبيعة.


فقدم حدثاً متنامياً كلما وصل إلى ذروته انفتحت آفاق جديدة تبقي على حيوية الصراع وامتداده. وتحوط المخرج في الوقت ذاته من الدخول في سرد أفقي قد يؤدي إلى هبوط الإيقاع، لكن هذه الحيطة المبالغ فيها أوقعت «جون مور» في الشرك حيث أقحم على الأحداث شخصيات دخيلة لم تقدم أو تؤخر في السياق العام، فأصبح بالإمكان حذف مشاهد هذه الشخصيات دون الإخلال بسياق الفيلم.


قصة الفيلم تم تناولها أكثر من مرة في السينما إذ قدمها المخرج «روبرت الدرخ» سنة 1965 في فيلم من بطولة «جيمس ستيوارت» وقدمت أيضاً باقتباس في السينما العربية في فيلم بعنوان «الطائرة المفقودة» غير ان الاسقاطات الخفية وتوجيه الفكرة هنا وهناك، يبقيان على خصوصية التناول، كما هو الحال في فيلم «البداية» لصلاح أبو سيف.


وفي هذا الفيلم يركز «مور» على الصراع مع الطبيعة حيث تسقط طائرة تقل عدداً من الأشخاص أثر دخولها عاصفة رملية قوية بسوء تقدير من قائدها «راينر» ويأتي سقوط الطائرة في صحراء قاحلة ممتدة كعقدة للحدث يتوجب على الجميع الخروج منها، وعلى الرغم من صعوبة الاتصال بجهات الانقاذ وقلة الماء والطعام، إضافة إلى قسوة الطبيعة بعواصفها الرملية المتكررة، وهطول الأمطار المصاحبة بالصواعق.


ويحكم السيناريو بذلك قبضته على الحدث ويأسر المشاهد ويضعه في بؤرة الصراع تماماً. هكذا اختار «مور» صراعه مع الطبيعة، ولذلك جاءت الشخصيات ضعيفة في بنائها باستثناء شخصيتين فقط: الأولى «راينر» قائد الطائرة، والثاني شاب في مقتبل العمر يعمل مصمماً لدمى الطائرات في شركة تنجح الألعاب، فانحصر الصراع البشري بينهما..


ويريد الأول الحفاظ على الماء والطعام الذي يكفي المجموعة لشهر واحد، ويعتمد الأمل على أن يراهم أحد وينقذهم. لكن الشاب «اليوت» ينصحهم ببناء طائرة جديدة من الحطام، ويقوم بتصميمها من دون أن يعرف الآخرون أنه مجرد مصمم دمى لا أكثر، أما بقية المجموعة فليس من بينها أحد يمثل أهمية، وظهرت كأنها مجرد عمالة تنفذ الأوامر، وتستعمل عضلاتها لبناء الطائرة فقط.


وتشاء الصدفة أن تنجح الفكرة وتقلع الطائرة لتصل رسالة الفيلم إلى الجمهور بأن محاولة الخروج من المأزق أفضل كثيراً من الانتظار، وأن الحاجة هي أم الاختراع.


اختار «مور» صحراء ناميبيا للتصوير، واستطاع ان يتغلب على وحدة المكان بتقسيم المشاهد بالتساوي بين «ليلية» يضيئها البرق، و«نهارية» محملة بالمتاعب والأخطار وأبقى أحد عناصر الاثارة والتشويق لدى المتلقي.


وساعده في ذلك مهندس الاضاءة الذي وظف إضاءة البرق لإبراز الوجوه أثناء حوارها، وكان منطقياً إلى حد بعيد إذ يصعب إيجاد مبرر لإضاءة أخرى في مكان صحراوي وبرع التصوير في تقديم لقطات معبرة عن ثورة الطبيعة لكنه فشل بعد ذلك في خلق صورة تعكس الانفعالات، وجاءت الكاميرات محايدة في معظم الأحيان ربما لضيق مساحة التعبير أمامها.


عموماً الفيلم جيد المستوى ويمكن لجميع أفراد العائلة متابعته والاستمتاع بأحداثه، وهو من بطولة «دينس لويو»، و «جيوفاني ريياس» و «ميراندا أوتو».


عز الدين الأسواني


 تحليق العنقاء» «مور» يتغلب على وحدة المكان
بداية
الصفحة