عانى المصابون بالإعاقة الحركية عدم التعامل مع الحياة بشكل طبيعي كغيرهم من الأشخاص، ما يؤثر في نفسياتهم وبعض وظائفهم الجسدية، خاصة عندما تصل درجة الإصابة للشلل التام وملازمة المنزل لفترات طويلة، وفقدان الاعتماد على الذات وعدم القيام بالعناية الشخصية، ويكونون في حاجة مستمرة إلى مساعدة الآخرين في القيام بأعمالهم اليومية، وهناك أنواع وأشكال مختلفة لهذه الإعاقة فمنها الذي يرافق الشخص منذ ولادته، أو الناتج عن إصابات أو حوادث أو عدوى وأيضاً بعض الأمراض مثل: ضمور العضلات، الشلل الدماغي، التصلب المتعدد، وغيرها، وتعد إعادة التأهيل وبرامج العلاج الطبيعي، أفضل الخيارات التي تسهم بشكل كبير في الحد من المضاعفات التي يتعرض لها المريض والتحسين من حالته النفسية. يقول الدكتور طارق أبو زعكوك، استشاري جراحة العظام إن الإعاقات التي تصيب الجهاز الحركي تحدث لأسباب مختلفة، كما أن تأثيرها وحدتها في حياة المريض وحركته ووظائفه تكون متفاوتة، وتعرف بأنها عاهات بدنية يمكن أن تعيق الحركة، أو التنسيق أو الإحساس، ويمكن أن تشمل الضعف العام وعدم القدرة على التحكم بالعضلات، وتتوقف المخاطر على حجمها ونوعها، ما يتسبب بالشعور بحالة من التعب العام، وربما يصل مستوى الإصابة إلى صعوبة تعبير الشخص عن آلامه، ما يترتب عليه عدم القدرة على التنقل، كما يؤدي إلى ملازمة السرير لفترات طويلة، وفي بعض الحالات الحادة لا يمكن أداء المهام المتعلقة بالعناية الشخصية، ولا حتى ارتداء الملابس، مع مواجهة صعوبات في التواصل مع الآخرين، كما يصعب تناول الأدوية بالاعتماد على الذات. أنواع المرض يبين د. أبو زعكوك، أن هناك نوعين من العجز البدني الذي يؤثر في الوظيفة الحركية، وهما: تشوه نظام الهيكل العظمى الذي يؤدي إلى التشوهات التي تحدث أثناء الحمل، مثل: حنف القدم، والسنسنة المشقوقة، ما يؤدي إلى ضمور العضلات، والورك الحاد أو التهاب المفاصل الركبة، وربما تنجم الإصابة عن الصدمة أو الحوادث، مثل إصابة الحبل الشوكي والصدمات التي تطال الرأس. الإصابة العصبية التي تؤثر في الجهاز العصبي، وتترك تأثيرات سلبية على قدرة الشخص على التحرك، ومن المشكلات الأخرى المتعلقة بهذا النوع، التصلب المتعدد الذي يعد أكثر الأمراض العصبية شيوعاً، ويعتقد أنه ينجم عن فيروس أو مرض مناعي، ويندرج تحت هذا النوع الشلل الدماغي الناجم عن تلف في الدماغ أثناء أو بعد الولادة، فضلاً عن بعض العيوب التي تظهر عند الولادة، وتؤدي إلى الإعاقة الجسدية، إضافة إلى الأضرار التي تطال الحبل الشوكي، وتلك الناجمة عن الصدمات النفسية من الإصابات الرياضية. تدابير صحية يذكر د. أبو زعكوك، أن إدارة الإعاقة الحركية، تعد عملية استباقية تهدف إلى التقليل إلى أدنى حد ممكن من آثار ضعف قدرة الفرد على المشاركة في بيئة المنزل أو العمل، ويمكن لعائلة المريض التعاون مع الأطباء لاتباع أساليب التعامل المثالية، ووضع المصاب على أنه حالة منفصلة عن غيرها، ومن الضروري وضع نهج علاجي مناسب؛ لأنه يصعب تصميم طريقة مناسبة لجميع الحالات، خاصة التي تعاني اضطراباً في المهارات الحركية، ومن شأن تطوير منهج مدروس بعناية أن يسهم في تطوير المهارات البدنية للمرضى، فضلاً عن تقوية عضلاتهم، ومن المهم أيضاً مراعاة الجوانب النفسية لهم، وتوفير المدربين الذين يمتلكون المؤهلات المناسبة، كما ينبغي الأخذ بالحسبان النظام الغذائي، والحرص على الوزن الصحي، والحيلولة دون إصابة المريض بالوزن الزائد. فئة مستهدفة يوضح الدكتور راج شكر غاريكاباتي، مختص في الأمراض العصبية، أن مصطلح الإعاقة يستخدم عند حدوث مشكلة طبية أو جراحية سابقة نتيجة التعرض لإعاقة وظيفية دائمة، أما المشكلة الحركية فتشير إلى تلك التي تنجم عن أمراض التحكم بالعضلات، وهذا يستثني الصعوبات في التحرك الناتج عن مشكلات عظمية أو عمليات بتر أطراف، ويتم التصنيف بشكل منفصل، وبالنسبة للحالات العصبية، فإن أكثرها شيوعاً: الشلل الدماغي في الحالات الخلقية أو المكتسبة عند الولادة، أو شلل الأطفال الذي يصيب الصغار في سن لاحقة نتيجة عدم الالتزام بالتطعيمات، ولكن في ظل حملات استئصال التهاب النخاع السنجابي أو التقليل من انتقال العدوى إلى الحد الأدنى، انخفضت حالات الإصابة إلى حد كبير. تعتبر الجلطة من المسببات الرئيسية للإعاقة الحركية في العالم، ويمكن لأي شخص الإصابة بها. هناك أيضاً العديد من المشكلات العصبية التي تؤدي إلى الإصابة بإعاقات تتراوح بين البسيطة والخطيرة، من بينها مرض باركنسون، داء العصبون الحركي، الاعتلالات العصبية المزمنة، الاعتلالات العضلية المزمنة، ضمور العضلات..إلخ. أعراض الإصابة ينبه د. غاريكاباتي، إلى أن الإعاقة الحركية تؤدي إلى صعوبة في التوقف، المشي، تسلق الدرج، الركض أو في أداء عدد كبير من الأنشطة الوظيفية والحياتية اليومية الأخرى مثل: ارتداء الملابس، العناية الشخصية، تناول الطعام والشراب، كما تتنوع الصعوبات الفردية بناء على السبب وراءها، ومكان المشكلة المسببة لها؛ حيث إن الإصابة بالجلطة تؤدي إلى شلل في جانب واحد من الجسم، وعند الشفاء الجزئي لطرف أو أطراف، ربما تنخفض قوة هذا الجانب لدى الشخص بنمط معين، وإضافة إلى ذلك، ستكون هناك مشكلات إضافية هي التصلب أو التشنج، وكذلك يمكن أن تصاب العضلات بالتعب بسهولة، إضافة إلى فقدان التنسيق، وكلها تسهم في حدوث الإعاقة، ولذلك تتطلب إعادة تأهيل المريض المصاب بطرق منهجية، وبالاستعانة ببعض الأطباء المختصين في الأمراض العصبية والعظمية، إضافة إلى اختصاصي تقويم وعلاج طبيعي، ومعالج فيزيائي ومهني ونطق، وطبيب نفسي. يضيف: يمكن تخفيف التشنج باستخدام الأدوية والحقن جزئياً، وينبغي استخدام جميع هذه المقاربات المتنوعة بشكل مختلف معاً، ما يتطلب الكثير من الجهد والوقت من المريض وذويه ومقدمي الرعاية والمهنيين، ومن الناحية العملية يستخدم مصطلح الإعاقة عندما تفشل هذه الجهود. إعادة التأهيل تشير د. وديعة ثروت، أخصائية التأهيل وإصابات الملاعب، إلى أن إعادة التأهيل بمفهومه الشامل هو مساعدة الشخص المصاب الذي تضرر أداؤه البدني أو الذهني أو العقلي نتيجة مرض أو حادثة ما، للعودة لأدائه الوظيفي اليومي، وبالطبع تحتاج إلى متابعة طبية دقيقة كي لا ينتكس المريض، وكذلك مساهمة أفراد العائلة، كي يسترد قوته ويعود لممارسة أدائه الوظيفي بحده الأقصى؛ حيث إن الإعاقة عجز للنشاط الجسدي من خلال مشكلة تقييد وظيفة الجسم، وتحد من أي نشاط يريد القيام به، أما إعاقة الجهاز الحركي فهي خلل في جميع الأعضاء، ما يؤثر في قدرة الفرد على استخدام عضلاته وأدائه بشكل ملحوظ، ومنها المولود به أو المكتسب، إضافة إلى أنها تفقد المصاب القدرة على القيام بالوظائف التي يجب أن يقوم بها، والمتعلقة بأنشطته الحياتية الجسمية، ما يجعله بحاجة إلى التدخل الطبي والاجتماعي والمهني، ولذلك فإن إعادة التأهيل تستهدف الحد من الإصابة والإعاقة والفقدان الوظيفي ومنع أو تصحيح العجز الناتج عن الإصابات. برامج علاجية تشير د.ثروت، إلى أن الحالات المرضية تختلف عن بعضها، ويتم اختيار برامج إعادة التأهيل بحسب حجم المشكلة، ووضع خطة يقوم بإدارتها فريق متخصص لتقييم حالة المريض، والإشراف الكامل على علاجه، ضمن نقاط أساسية تعمل عليها اللجان الطبية في عملية إعادة التأهيل، كالآتي: استخدام المسكنات، ضمن خطة للحد من الآثار الجانبية للسماح لبرنامج التأهيل بالنجاح. التمارين الحركية لإعادة المرونة لأطراف المريض، خاصة أن بعض الإعاقات تؤدي إلى تقلص أو ضمور العضلات، فيقوم المختص بإجراء التدريبات لإعادة المرونة لها. تحقيق التوازن تؤكد د. ثروت، أن الإعاقة الحركية تُفقد العضلات والجهاز العضلي ككل قوة التحمل؛ ليصبح واهناً غير قادر على العمل بكفاءة، فيعمل مختصو إعادة التأهيل على إعادة القوة والتحمل للجهاز العضلي مع المحافظة على قدرة القلب والأوعية الدموية بواسطة هذه التمرينات، كما أن هناك أنواعاً من الإعاقات تؤثر في التناسق العضلي العصبي، ما يؤدي إلى الخلل في الحركات، فيحدث فقدان للتوازن خاصة في وجود مشكلات الأوتار العصبية، أو الإصابة بالشلل، وبعد استعادة الإحساس بالأوتار العميقة، يأتي دور مختصي إعادة التأهيل؛ ليعيدوا للمريض طرق التوازن والتوافق العصبية العضلية، من خلال استخدام أجهزة تقويم العظام والعضلات والأجهزة التعويضية والدعائم الخارجية، ورجوع المريض لسابق عهده، واستعادته لوظائف الحركية، وتحتاج إعادة التأهيل في الكثير من الأحيان، فترة زمنية طويلة، والكثير من الصبر والتأني؛ لأن التقدم في أحيان كثيرة يأخذ وقتاً يشعر خلاله المريض بالملل والعجز.
السنسنة المشقوقة
يعتبر فتق العمود الفقري السبب الرئيسي في الإصابة بالإعاقة الحركية عند الصغار، بعد القضاء على شلل الأطفال، وتسمى هذه الحالة السنسنة المشقوقة، وتنتج نتيجة وجود خلل يرافق الطفل منذ الولادة وهو عدم تشكُّل النخاع الشوكي كاملاً، ويجري تشخيصه عند إجراء الفحوص والاختبارات الدورية أثناء شهور الحمل، ويتسبب وجود هذا الفتق في شلل الجزء السفلي في الجسم، وعلى الرغم من أن السنسنة المشقوقة لا يوجد لها علاج، إلا أن هناك بعض الإجراءات التي تقلل نسبة الإصابة بخضوع الطفل للجراحة في النخاع الشوكي، وهو ما يجعل المريض يستطيع الحركة بالاستعانة بالعكازات أو جهاز المشي، بدلاً من استخدام كرسي متحرك.