بســـــــــم الله الرحمــــــن الرحيـــــم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومـن سيئـات أعمـالنـا مـن يهـده الله فـلا مضل له ومن يضلل فلا هـادي لـه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه
أما بعد .....
سنة إحدى ثلاثين ومائة للهجرة
▪ ذكر دخول قحطبة الري ج2
لما دخل قحطبة الري وأقام بها أخذ أمره بالحزم والاحتياط والحفظ وضبط الطرق ، وكان لا يسلكها أحد إلا بجواز منه ، فأقامبالري وبلغه أن بدستبى قوما من الخوارج وصعاليك تجمعوا بها ، فوجه إليهم أبا عون في عسكر كثيف ، فنازلهم ودعاهم إلى كتاب الله وسنة رسوله وإلى الرضاء من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجيبوه ، فقاتلهم قتالا شديدا حتى ظفر بهم ، فتحصن عدة منهم حتى آمنهم أبو عون ، فخرجوا إليه ، وأقام معه بعضهم وتفرق بعضهم .
وكتب أبو مسلم إلى أصبهبذ طبرستان يدعوه إلى الطاعة وأداء الخراج ، فأجابه إلى ذلك ، وكتب إلى المصمغان صاحب دنباوند بمثل ذلك ، فأجابه : إنما أنت خارجي وإن أمرك سينقضي .
فغضب أبو مسلم وكتب إلى موسى بن كعب ، وهو بالري ، يأمره بالمسير إليه وقتاله إلى أن يذعن بالطاعة ، فسار إليه وراسله ، فامتنع من الطاعة وأداء الخراج ، فأقام موسى ولم يتمكن من المصمغان لضيق بلاده ، وكان المصمغان يرسل إليه كل يوم عدة كثيرة من الديلم يقاتله في عسكره ، وأخذ عليه الطرق ، ومنع الميرة ، وكثرت في أصحاب موسى الجراح والقتل .
فلما رأى أنه لا يبلغ غرضا عاد إلى الري ، ولم يزل المصمغان ممتنعا إلى أيام المنصور ، فأغزاه جيشا كثيفا عليهم حماد بن عمرو ، ففتح دنباوند على يده .
ولما ورد كتاب قحطبة على أبي مسلم بنزوله الري ارتحل أبو مسلم ، فيما ذكر ، عن مرو فنزل نيسابور .
وأما قحطبة فإنه سير ابنه الحسن بعد نزوله الري بثلاث ليال إلى همذان ، فلما توجه إليها سار عنها مالك بن أدهم ومن كان بها من أهل الشام وأهل خراسان إلى نهاوند فأقام بها ، وفارقه ناس كثير ، ودخل الحسن همذان وسار منها إلى نهاوند فنزل على أربعة فراسخ من المدينة ، فأمده قحطبة بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة ، وأطال حتى أطاف بالمدينة وحصرهم.