نتــائج وآثـار الفتــوحات الإسلامـية
للفتوح الإسلامية نتائج وآثار لا تزال قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وسر بقائها قوله تعالى : ) فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض(سورة الرعد الاية 17 )،فالفتوحات الإسلامية ليست حروب لأغراض دنيوية فتزول وتُطمس آثارها كالحروب التي شهدها العالم مثلا كاكتساح الإسكندر المقدوني وغيره ولكن آثارها ستبقى خالدة تالدة لأنها تحمل رسالة الإسلام الخالدة والمرء يقف أمامها مشدوها يتأمل تلك الحركة لينفذ إلى كينونتها ليتصور كيف كانت حياة الناس في ذلك الوقت،وكيف بقيت تلك الآثار شامخة صامدة لا تهزها الرياح العاتية، ولا تجرفها عوامل التعرية.فكان من أهم نتائجها :
أولاً : نتائج وآثار دينية :
1. دانت مناطق واسعة للإسلام وأخرجوا الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة وأصبحت راية الإسلام ترفرف خفاقة في أقاليم واسعة
2. إقامة المساجد وانتشارها على نطاق واسع منذ اللحظات الأولى لوصول المسلمين إلى الأراضي المفتوحة
3. الحكم بما أنزل الله ونبذ عبادة ما سواه
4. الاستعلاء بالإيمان مع التواضع : فالعربي الذي كان لا يخطر على باله في حلم أو يقظة مهاجمة دولتي الفرس أو الروم لعظمتهما في النفوس تجرأ العرب من داخل الجزيرة العربية تدفعهم شحنة ضخمة من الإيمان فهذا المثنى بن حارثة الشيباني حيث ذكر له الطبري قولا جميلا في هذا الصدد إذ يقول: " قد قاتلت العرب والعجم في الجاهلية والإسلام والله لمائة من العجم في الجاهلية كانوا أشد على من ألف من العرب ، ولمائة من العرب اليوم أشد علي من ألف من العجم أن الله أذهب مصدوقتهم، ووهن كيدهم اليوم "،أيضا مقابلة المغيرة بن شعبة رستم، وزهرة بن حيوة وغيرهما كثير لأكاسرة الفرس وقوادهم.
5. ظهرت حركة الاجتهاد التشريعي وظهرت المذاهب الأربعة تبعا لمعطيات الظروف المعاشه آنذاك
6. وجود نظام ومنهج واحد دخل الناس تحت مظلته بديانات مختلفة يحكمها العدل دون ضغط بتغيير دينهم و دون تفريق عرقي أو لوني بل الكل أمام القانون الإسلامي سواء لهم وعليهم واجبات
ثانياً: نتائج وآثار اجتماعية :
السمو والرقي الأخلاقي والتقيد بالمنهج الرباني لدى جميع الفاتحين والبعد عن المعاصي لأنهم يدركون إذا أذنبوا تساووا مع عدوهم وسيكون النصر للعدو لأنهم أكثر عددا وعده لذلك كانوا حريصين على التخلق بالإسلام والمحافظة على السنن حتى في استخدام السواك ليكونوا قريبين من الله ، وهذا ما كان له صداه لدى الشعوب التي فتحها الفاتحون فأذعنت تلك الشعوب للإسلام ودخلت فيه ، وأمثلتنا على ذلك كثيرة منها:
1. مارواه البلاذري أنه عندما انسحب المسلمون من مدينة حمص في خطة عسكرية لمواجهة القوات الرومية في معركة اليرموك ولم تكن النتيجة مضمونة فأعادوا الجزية إلى أهلها خوفا من عدم الوفاء لهم وهم بذلك خالفوا بهذا العمل الإنساني الفريد كل ما يتوقعه الناس من جند منسحبين وغيرها كثير وكان لتلك الروح العالية صدى في نفوس الأهالي فأسلموا طواعية
2. رفع الظلم الاجتماعي وتحرير الإنسان من عبودية غير الله
3. القضاء على مبدأ التمايز بين الطبقات، وقرر مبدأ المساواة حيث ألغى الامتيازات التي كانت تتمتع بها طوائف خاصة .
4. التكافل الاجتماعي فقد شجع الإسلام على مساعدة الفقراء وفرض الزكاة للتخفيف من وطأة الفقر ، وكذلك شاعت روح المحبة والصفاء بين كافة أبناء المجتمع الإسلامي وذلك للمبادئ التي أقرها الإسلام من احترام وتقدير للكبير، ورحمة بالصغير ، واحتواء للشاب، ورعاية المرضى والعجزة
5. احتوى المجتمع الإسلامي على كافة الأطياف على مختلف عقائدهم الدينية والاجتماعية، واحترم أهل الذمة وحدد ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وأقر مبدأ حقوق الإنسان قبل ما تقره هيئة الأمم المتحدة حيث قرر الإسلام منذ أكثر من 1428 سنة المبادئ الإنسانية ونّفذت على أرضية الواقع دون محاباة أو تحيز فظهرت أمة لا تجمعها الأعراق والأنساب ينضم إليها من يدين بمقوماتها ولا عبرة بأي اعتبارات أرضية، وإنما آصرة العقيدة هي الآصرة الوحيدة أو ضمن نطاق الحقوق والواجبات فأدى ذلك إلى بروز قيادات من كل الأجناس العرقية، وما الخلافة الراشدة والخلافة العباسية والعثمانية إلا شواهد تاريخية تؤكد صدق ما نقول.
ثالثاً: نتائـج وآثـار اقتصاديـة:
1. زادت رقعة البلاد المفتوحة وبالتالي زادت مواردها
2. وضع أنظمة اقتصادية تكفل سعادة الفرد في الدارين ، فألغى كثيرا من الضرائب التي كان يتحملها أهل البلاد كضرائب المنازل والمهن وغيرها وخفف عنهم الأعباء المالية ، وفرض الزكاة ،وحدد الخراج، وقنن للجزية، وفرض العشور.
3. ظهر نظام الوقف والذي صاحب الفتوحات الإسلامية منذ بداياتها لما فيه من خير على المجتمع وإن لم يتبلور هذا النظام إلا في العهد الأموي من حفر للآبار ووقف البساتين وغيرهما.
4. الاهتمام بالنشاط الزراعي كاستصلاح الأراضي والجسور ،وأيضا الاهتمام بكافة النشاط التجاري مما زاد في رفاهية البلاد المفتوحة
5. ازدهار التجارة وذلك لوجود المقومات والمرتكزات التي تقوم عليها التجارة، ومنها على سبيل المثال:
اتساع الأراضي الزراعية الخصبة، ووفرة الأيدي العاملة للعمل في المنتجات الزراعية والصناعية،وبالتالي العمل على ازدهار القطاع التجاري حيث تم التبادل التجاري في كثير من الأماكن،وأصبح التجار يجوبون مناطق واسعة.