استراتيجية فهم المقروء: بوابة التمكّن من النصوص والارتقاء بمهارات القراءة
تُعد استراتيجية فهم المقروء من أهم الاستراتيجيات التعليمية التي تهدف إلى تنمية قدرة المتعلم على استخلاص المعاني من النصوص، وتحليل محتواها، وتفسيرها، وربطها بخبراته السابقة. وهي مهارة حيوية لا تقتصر فائدتها على الحقل الأكاديمي فقط، بل تمتد لتشمل حياة الإنسان في تعامله مع النصوص اليومية والمعلومات المتدفقة في شتى المجالات.
إن فهم المقروء لا يعني فقط "القراءة الصحيحة"، بل يتعداه إلى القراءة الواعية التحليلية التي تُسهم في بناء الفكر الناقد والقدرة على التعبير والتفاعل مع المادة المقروءة، وهو ما تسعى هذه الاستراتيجية لتحقيقه.
أولًا: مفهوم فهم المقروء
فهم المقروء هو: "القدرة على إدراك المعنى الكلي للنص المقروء، وتحليل أفكاره، وتفسير معطياته، وتكوين استجابات ذهنية ونقدية تجاهه".
يشمل هذا الفهم:
ثانيًا: أهداف استراتيجية فهم المقروء
✅ تعزيز مهارات القراءة الفعالة.
✅ تنمية القدرة على تحليل الأفكار واستخلاص العناصر الرئيسة.
✅ تطوير التفكير النقدي والإبداعي.
✅ تحسين القدرة على طرح الأسئلة، واستخدام السياق لفهم المعاني.
✅ الربط بين النصوص والحياة الواقعية أو خلفية الطالب المعرفية.
ثالثًا: خطوات تنفيذ استراتيجية فهم المقروء
تعتمد استراتيجية فهم المقروء على عدة خطوات متسلسلة، يمكن تطبيقها مع أي نص:
1. مرحلة ما قبل القراءة
🔹 التنبؤ بمحتوى النص من خلال العنوان أو الصور المصاحبة.
🔹 طرح أسئلة استكشافية مثل: ما الذي أتوقعه من هذا النص؟ ما الفكرة العامة؟
🔹 تنشيط المعرفة السابقة لدى الطالب لربطها بالنص الجديد.
2. مرحلة أثناء القراءة
🔸 القراءة الفاعلة: قراءة هادفة مع التركيز على الأفكار الأساسية.
🔸 تحديد الكلمات المفتاحية والمصطلحات الغامضة ومحاولة فهمها من السياق.
🔸 التوقف عند النقاط المهمة وتدوين الملاحظات أو رسم خريطة ذهنية.
🔸 طرح أسئلة تحليلية: لماذا حدث هذا؟ ماذا يقصد الكاتب؟ ما النتائج المترتبة؟
3. مرحلة ما بعد القراءة
🔹 تلخيص النص بأسلوب الطالب الخاص.
🔹 الإجابة على أسئلة الفهم (التحليل، التفسير، الاستنتاج، التقييم).
🔹 مناقشة النص شفهيًا أو كتابيًا، وربط محتواه بواقع المتعلم.
🔹 تقويم ذاتي: ماذا استفدت؟ ما الذي لم أفهمه؟ هل تغيرت وجهة نظري؟
رابعًا: استراتيجيات داعمة لفهم المقروء
🟢 استراتيجية KWL (أعرف – أريد أن أعرف – تعلمت):
تُستخدم لتنشيط المعرفة السابقة وتقييم مدى تطور الفهم.
🟢 خريطة المفاهيم:
تُساعد على تنظيم الأفكار بصريًا وربطها.
🟢 التلخيص بأسلوب الطالب:
يُنمّي التعبير اللغوي والفهم العميق.
🟢 استخدام الأسئلة الخمس (ماذا، لماذا، من، متى، كيف):
تكشف مدى التفاعل مع النص وتُعمّق الفهم.
🟢 العصف الذهني الجماعي:
يُشجع التعاون وتبادل الأفكار حول النص.
خامسًا: دور المعلم في تطبيق استراتيجية فهم المقروء
🔸 تدريب الطلاب على كيفية قراءة النص بوعي، وليس مجرد التهجئة.
🔸 استخدام أساليب الاستفهام الاستنباطي لتحفيز التفكير.
🔸 تشجيع الطلاب على التحليل والمقارنة والاستنتاج.
🔸 تهيئة بيئة صفية تفاعلية تسمح بالتعبير والنقاش.
🔸 توجيه الطلاب إلى القراءة المستقلة كعادة يومية.
سادسًا: معوّقات فهم المقروء
⚠ ضعف الثروة اللغوية لدى الطالب.
⚠ قلة الاهتمام بتدريس مهارات القراءة النقدية.
⚠ الاعتماد على الحفظ دون التحليل.
⚠ نصوص غير مشوقة أو لا تراعي مستوى المتعلم.
⚠ بيئة صفية غير محفزة على التفاعل.
خاتمة
تُعد استراتيجية فهم المقروء ضرورة تعليمية، وليست ترفًا تربويًا، في ظل مجتمع معرفي يتطلب من الفرد أن يكون قادرًا على التعامل مع النصوص بمستوى عالٍ من الوعي والتحليل. إن تمكين الطالب من هذه المهارة يعزز استقلاليته، ويمنحه الأدوات الفكرية التي يحتاجها لفهم العالم من حوله، وتكوين مواقفه الخاصة تجاه القضايا المعرفية واللغوية.
#استراتيجية_فهم_المقروء #مهارات_القراءة #اللغة_العربية
#Koora_Madrid