السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة مباركة أبعثها من القلب إلى إخوتي وأخواتي الأعضاء الكرام في هذا المنتدى المبارك، الذي طالما جمعنا على مائدة الفكر الطيب، والنقاش الهادف، والمضامين التي ترتقي بالذوق والفكر والروح. كما أتقدّم بجزيل الشكر والامتنان لإدارة الموقع الموقّرة على جهودها المباركة في صناعة هذا الفضاء الرفيع، ولا يفوتني أن أُثني على الأخ الكريم الذي طرح هذا الموضوع النبيل، الذي يستحق الوقوف عنده مليًّا والتأمل في معانيه العميقة: التَّجَمُّلُ للوُفودِ والجُمُعةِ والعيدين.
ما أعظم هذا الدين، وما أبهى هذا الهدي الربّاني الذي لم يغفل عن أدق تفاصيل حياة الإنسان، فجمع بين روح العبادة وجمال المظهر، بين طهارة الباطن ونقاء الظاهر. فحين نتأمّل التجمّل الذي دعانا إليه الشرع الشريف في مثل هذه المواضع — الجمعة، العيدين، ولقاء الوفود — فإننا لا نقف فقط عند حدود اللباس والنظافة، بل نزداد يقينًا بأن الجمال جزءٌ من العبادة، وأن إكرام النفس والناس من دلائل الإيمان وسعة الخُلق.
إن التجمّل للجمعة ليس فقط لباسًا حسنًا يُرتدى، بل هو استقبالٌ لنداء الله بأجمل هيئة، كأنّ المرء يدخل على مَلِكِ الملوك، يتهيّأ له بجمال الهيئة، ونقاء الجسد، وصفاء النفس. أما التجمّل في العيدين، فهو فرحٌ ظاهرٌ بنعمة الله، واحتفاءٌ بتمام الطاعة، وتعبيرٌ عن البهجة التي لا تنفصل عن معاني العيد: من التسامح، والوصال، والرحمة، والتآلف بين الناس.
أما التجمّل للوفود، فهو صورة من صور احترام الذات والغير. هو لغة صامتة تقول للآخر: “أنت محل تقدير”، وهو تعبير عن الأصالة والضيافة، وعن النفس الكريمة التي تُحب أن تُمثّل نفسها بأبهى صورة. وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إذا قَدِم عليه وفد من العرب، خرج إليهم في أبهى هيئة، وهو الذي قال: "إن الله جميل يحب الجمال".
فما أجمل أن يتزيّن المرء لا من باب التفاخر، بل من باب الذوق، والاحترام، والتعبير عن الفرحة أو التوقير، وفق ميزان الاعتدال والنية الطيبة.
وإننا في زمن كثرت فيه المغالاة في المظهر عند غير محلها، وتُرك الجمال حيث ينبغي، أحوج ما نكون للعودة إلى هذا الهدي النبوي المتّزن، الذي يعلمنا أن المسجد له حرمة، والعيد له فرح، والضيوف لهم مكانة، وكل موقف له زينته التي تليق به.
ختامًا، أكرر شكري لهذا الجمع الطيب، ولهذه المنصة النقية التي نستظلّ بظلها، ونُزهر في فضائها، وأشكر صاحب الطرح المميز، سائلاً الله أن يجعل كل ما نكتب ونقرأ في موازين حسناتنا، وأن يُلبسنا وإياكم ثياب الإيمان والتقوى، ظاهرًا وباطنًا.
#هدي_النبي
#جمال_العبادة
#التجمل_في_الإسلام
#الذوق_الإيماني