السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية معطّرة بأريج الإيمان، ومكلّلة بنور الفقه والسنة، أزفها إليكم أيها الأعضاء الكرام في هذا الصرح الطيّب، منبر الحوار الراقي والمعرفة الأصيلة، حيث تلتقي القلوب الباحثة عن النور، وتتناغم الأرواح الساعية لفهم أعماق السنة المطهّرة. كل الشكر والتقدير لإدارة الموقع الموقرة على جهودها المستمرة في بثّ روح العلم والخير، وللأخ الكريم الذي طرح هذا الموضوع النبيل، والذي يفتح لنا نافذة على خلق من أخلاق سيد الخلق، وهدياً من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، في يومٍ هو للفرح، وللذكر، وللتجديد الروحي.

إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا كان يوم عيد خالف الطريق"، ليس فعلاً بسيطاً أو تصرفًا عابرًا، بل هو شعيرة من شعائر النبوة، تختزل في بساطتها معاني عظيمة، وتمنحنا تأملًا في عمق السنة النبوية، التي لم تترك شيئاً من تفاصيل الحياة إلا رسمت فيه خريطةً نحو الأفضل، والأكمل، والأسمى.

مخالفة الطريق في يوم العيد، هي حركة تحمل دلالات قلبية قبل أن تكون جسدية، إنها إعلانٌ صامت بأن العيد ليس يوماً عاديًّا، بل هو مناسبةٌ يتغير فيها النسق، ويتجدد فيها العهد بين العبد وربه، وبين الإنسان والمجتمع. كيف لا، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلّمنا أن نترك الروتين، أن نكسر العادة في سبيل صناعة ذاكرة روحانية، يظل أثرها في القلب والوجدان.

في تلك المخالفة تتجلّى مقاصد بديعة؛ منها إحياء شعائر العيد في أوسع بقعة، ومنها تحية المؤمنين في الذهاب والإياب، ومنها تكرار مشهد الفرح الإيماني في وجوهٍ متعددة، ومنها أيضاً البركة التي تزرعها خطوات النبي في طرقٍ متعددة، تشهد له يوم القيامة أنه مرّ منها بخير، فكيف بمن تبعه واقتدى؟

ليس ذلك الفعل مجرد تغيير طريق، بل هو تحوّل روحي يُذكّرنا بأن يوم العيد هو يوم تجديد، يوم اختلافٍ محمود، لا يُؤسس على الهوى، بل على السُّنة، وعلى إشاعة الخير، وعلى بثّ الأمل، وعلى كسر الرتابة التي قد تقتل معاني العيد في النفس.

ما أعظم هديك يا رسول الله، وما أصدق أفعالك التي تُعلّمنا كيف نعيش الدين بكل أبعاده، حتى في خطواتنا، حتى في طرقنا، وحتى في أفراحنا. فطوبى لمن فهم، وطوبى لمن طبّق، وطوبى لمن سار على النهج بحب ويقين.

شكرًا لهذا الطرح الماتع الذي يُعيدنا إلى جلال التفاصيل النبوية، شكرًا لكل من يزرع فينا حروفًا تُثمر وعيًا، ولكل من يشاركنا فكرًا يُنير القلوب قبل العقول.

#هدي_النبي #عيد_المسلمين #السنة_العملية #الاقتداء_بالرسول