السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية ملؤها التقدير والمودة لأعضاء هذا الصرح الكريم، منبر العلم والإيمان، ومنارة الفكر والنقاش الواعي، الذي ننهل منه عبير المعاني، ونستضيء فيه بأنوار القرآن والسنة، جزى الله القائمين على إدارة هذا الموقع المبارك خير الجزاء، وبارك في جهودهم المضيئة، كما نشكر الأخ الكريم الذي طرح هذه الآية العظيمة، التي تفيض بالعظمة والسكينة، وتشعّ منها أنوار الهداية:
{وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
ما أبهى هذه الكلمات الربانية، وما أصدقها وهي تنقلنا من ساحة الصيام إلى ساحة التكبير، من ميدان المجاهدة إلى ميدان الحمد، وكأن الله جل جلاله يُعلِّمنا كيف نغلق أبواب العبادة بالشكر، لا بالاغترار، وبالتسبيح لا بالإهمال، وبالتكبير لا بالتقصير.
وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ… هي دعوة لإتمام الرحلة، لا لأن الله يحتاج عدد الأيام، بل لأن النفوس تحتاج اكتمال العبودية، حتى تنضج في الطهر، وتصفو في القرب، ويستوي فيها الجوع الجسدي مع الشبع الروحي، فالعدة ليست أرقامًا تُعد، بل أيام تُحيي في القلب نورًا لا ينطفئ بعد رمضان.
وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ… أيُّ جمالٍ هذا، حين لا يُنهي الله رحلة الصيام إلا بتكبير؟! كأنما يقول لنا: لا تنسوا من أنار دربكم، من هداكم إلى الصيام، من ألهمكم الدعاء، من منحكم القوة والثبات، من أعانكم على أنفسكم. كَبِّروا الله لا بألسنتكم فقط، بل بقلوبكم، بسلوككم، بتواضعكم، بعظيم امتنانكم، كَبِّروا الله لأن الهداية ليست منكم، بل من عظيم كرمه ونوره.
إن هذه الآية الكريمة تُعلمنا أن العبادة ليست مجرد طقس يُؤدَّى، بل هي تجربة إيمانية تُورِث في القلب خضوعًا وشكرًا، وأن كل نهاية عبادة يجب أن تُتوَّج بالحمد، لا بالنسيان، وبالعودة لله، لا بالانصراف عنه. ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ… في ختامها تأتي الغاية، أن تكون النفوس شاكرة، لأن الشكر هو ثمرة الهداية، وهو تاج العابدين، وهو بوصلة الواصلين إلى الله.
فلنتأمل هذه الكلمات، ولنعِشها في قلوبنا، ولا نكتفِ بتلاوتها بألسنتنا، بل نجعلها نورًا نسير به بعد رمضان، فالعبرة ليست في إكمال العدة فقط، بل في أن تُثمر تلك العدة تقوى، ورقّة، وشكرًا، وتكبيرًا.
شكرًا مرة أخرى لإدارة هذا الموقع المبارك، التي تجمعنا دومًا حول مائدة القرآن، وتفتح لنا نوافذ للروح كي تتنفس، وللعقل كي يتأمل، وللنقاش كي يسمو ويثمر. جزى الله الأخ صاحب الطرح خير الجزاء، ورفع قدره وبارك في علمه.
#القرآن_الكريم #التكبير_بعد_رمضان #ولتكملوا_العدة #الشكر_والهداية