بومة أم قويق، والمعروفة أيضًا باسم البومة الصغيرة أو بومة الحقول، هي واحدة من الطيور الجارحة الليلية الأكثر شهرة وانتشارًا في مناطق متعددة من العالم العربي وأوروبا وآسيا. يشتهر هذا الطائر بقدرته على الصيد بكفاءة عالية بفضل حواسه المتطورة وبنيته الجسدية المتناسبة مع حياته الليلية. كما أن اسمها، "أم قويق"، يعود إلى صوتها المميز "قويق" الذي تصدره في الليل.

الخصائص الجسدية

تتميز بومة أم قويق بحجمها الصغير نسبيًا مقارنة ببعض أنواع البوم الأخرى. يصل طولها إلى حوالي 21-27 سم، بينما يتراوح طول جناحيها ما بين 50-60 سم. تزن بومة أم قويق حوالي 100-150 غرامًا، مما يجعلها خفيفة وسريعة في الحركة.

تتميز بوجه مسطح وعيون كبيرة دائرية ذات لون أصفر ساطع، وهو ما يساعدها على الرؤية الليلية الحادة، حيث تعتمد بشكل كبير على البصر في تحديد الفريسة أثناء الليل. ريشها بني مائل إلى الرمادي مع بقع بيضاء تغطي الجسم، مما يوفر لها تمويهًا ممتازًا وسط البيئة المحيطة بها.

الموطن والتوزيع

تنتشر بومة أم قويق في عدة مناطق جغرافية واسعة تشمل أوروبا، وآسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا. يمكن العثور عليها في المناطق الزراعية المفتوحة، الحقول، الغابات المتناثرة، والمناطق القريبة من القرى والضواحي. تفضل العيش في الأماكن المفتوحة أو شبه المفتوحة التي تحتوي على شجيرات وأشجار منخفضة توفر لها ملاجئًا آمنة.

تتواجد بومة أم قويق غالبًا بالقرب من الأنشطة الزراعية، حيث تجد فرصًا أكبر للصيد والتغذية على الفئران والحشرات التي تنتشر في تلك المناطق. كما أنها تفضل بناء أعشاشها في ثقوب الأشجار أو المباني المهجورة أو الصخور.

النظام الغذائي

تعتبر بومة أم قويق من الطيور الجارحة الليلية، حيث تعتمد بشكل رئيسي على صيد فرائسها ليلاً. يتكون غذاؤها من القوارض الصغيرة مثل الفئران والجرذان، وكذلك الحشرات الكبيرة مثل الجنادب والخنافس. تتمتع هذه البومة بحاسة سمع حادة تمكنها من تحديد موقع الفريسة حتى في الظلام الدامس.

عند رصد الفريسة، تطير بومة أم قويق بسرعة منخفضة وتستخدم مخالبها الحادة للانقضاض على الفريسة وإمساكها. وبفضل حركتها الصامتة أثناء الطيران، يصعب على الفريسة سماع اقترابها، مما يزيد من فعاليتها في الصيد.

السلوك والتكيفات

بومة أم قويق هي طائر ليلي بامتياز، حيث تقضي ساعات النهار في الراحة والاختباء داخل الأشجار أو الثقوب، وتنشط في الليل للصيد. تتميز بطيرانها الصامت، حيث أن أجنحتها تحتوي على ريش خاص يمتص الصوت، مما يجعلها طائرة صامتة وقاتلة.

بالإضافة إلى قدراتها البصرية والسمعية الفائقة، تعتمد البومة على استراتيجيات الصيد الكامنة، إذ تجلس وتنتظر بصبر حتى تقترب الفريسة ثم تنقض عليها بسرعة. في المناطق التي تتوفر فيها الفريسة بكثرة، تستطيع بومة أم قويق صيد أكثر من فريسة في ليلة واحدة، مما يجعلها مفيدة في التحكم في أعداد القوارض والحشرات الضارة.

التكاثر ودورة الحياة

تبدأ فترة التزاوج لدى بومة أم قويق في الربيع، حيث تبني أعشاشها في ثقوب الأشجار أو المباني القديمة. تضع الأنثى من 3 إلى 5 بيضات في المرة الواحدة، وتقوم بالاحتضان لمدة تتراوح بين 28 إلى 30 يومًا. بعد الفقس، يعتني الأبوان بالصغار حتى يتمكنوا من الطيران والاعتماد على أنفسهم بعد حوالي 5 إلى 6 أسابيع.

تظل الصغار مع والديها لفترة قصيرة بعد الطيران، ثم تبدأ بالبحث عن مناطق جديدة للعيش فيها. وفي ظل الظروف المثالية، يمكن أن تعيش بومة أم قويق حتى 10 سنوات في البرية.

التهديدات والمحافظة

على الرغم من أن بومة أم قويق ليست من الأنواع المهددة بالانقراض، إلا أنها تواجه بعض التحديات بفعل الأنشطة البشرية. من بين هذه التهديدات تدمير الموائل الطبيعية نتيجة التوسع العمراني والزراعي، وكذلك استخدام المبيدات الحشرية التي تقلل من أعداد الحشرات والقوارض التي تتغذى عليها.

كما أن الصيد الجائر والاعتداء على أعشاشها يشكل تهديدًا إضافيًا. ولحماية هذا الطائر المهم في التوازن البيئي، يتم إنشاء برامج حماية في بعض المناطق من خلال إقامة محميات طبيعية وتوعية المزارعين بضرورة الحفاظ على البيئات الزراعية الصحية.

الخاتمة

بومة أم قويق طائر مميز بأناقته وقدرته الفائقة على الصيد في الليل. بفضل حجمها الصغير وتكيفاتها المدهشة، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من النظام البيئي في المناطق الزراعية والصحراوية. على الرغم من بعض التحديات التي تواجهها، ما زالت هذه البومة تلعب دورًا حيويًا في مكافحة الآفات الزراعية والاحتفاظ بتوازن النظم البيئية.