للمرة الأولى تطرح قضية التحرش الجنسي بالأطفال في الدراما العربية من خلال مسلسل "لام شمسية" كتابة مريم نعوم، إخراج كريم الشناوي، وبطولة أمينة خليل، وأحمد السعدني، ويسرا اللوزي، وصفاء الطوخي، الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الحالي. هذا الموسم أيضاً تتخطى الشركة المنتجة (سعدي ــ جوهر) كل القضايا المستهلكة التي تُطرح في المسلسلات الرمضانية وتتراوح بين الدراما العنيفة التي طبّع التعامل معها الممثل محمد رمضان أو تلك الاجتماعية ــ العاطفية، لتطرح قضية حساسة ومحرمة حتى الآن في الدراما العربية.
في "لام شمسية"، نحن أمام جريمة تحرش يقع ضحيتها الطفل "يوسف" والمتهم صديق والده وأستاذ اللغة العربية، وسام (محمد شاهين). تتحول ليلة عيد ميلاد الطفل يوسف، إلى لعنة بعدما تكتشف زوجة أبيه نيللي (أمينة خليل) الجريمة، وتصرخ بأعلى صوتها، فيتدخل والد الطفل، طارق (أحمد السعدني)، لتقع مشادة حادة بين الأب وصديقه. هنا نتابع هذا الأخير وهو يقع أرضاً على الأرض ويصاب بنزيف دماغي ينقل على أثره إلى المستشفى في حالة حرجة، فيحتجز طارق على ذمة التحقيق. مبارزة من اللحظات الأولى للمسلسل وتشويق يتعدى إطار المشاهد المستهلكة في عالم الدراما المتلفزة.
ويبدو واضحاً أن المخرج كريم الشناوي يدير فريق العمل بدقة متناهية، وفق أحداث تتسارع منطقياً، يخرج من متلازمة التطويل المعتمد في الأعمال الأخرى، لزوم تقديم 30 حلقة، ويتجه إلى كشف القضية بسرعة الضوء، والاعتماد على الحيثيات وأدق تفاصيل الوجوه، والعِلم، والأحلام التي تباغت ساكنيها ليلاً، ثم ينقلب اللاوعي صباحاً وينعكس على المسار اليومي للفرد. قصص لا تعتمد بالضرورة على الإثارة، أو عالم الجنح أو الجرائم المتوقعة، التي تحفل بها المسلسلات، خصوصاً القصيرة منها (أي مسلسلات الـ15 حلقة).
يُحسب لفريق العمل وللمخرج في آن معًا القدرة على اختيار مجموعة من الممثلين بعيداً عن الصورة التلقليدية للمثل: أمينة خليل تنقلب مجدداً لمدرسة تعمل على توفير الراحة لطفليها، وتعتمد على أداء بسيط جداً من دون مستحضرات التجميل، وكذلك تظهر زميلتها يسرا اللوزي التي تعاني من تعب نفسي بدا واضحًا مفصلاً في الحلقة الأولى من خلال العلاقة التي تجمعها بزوجها وسام المتهم بقضية التحرش. إلى الحلقات الثلاث، كل الأدلة تشير إلى وقوع حالة التحرش، في حين يحاول المخرج كريم الشناوي أن ينقل صورة بانورامية وافرة عن المحيطين بهذه القضية، وكيفية تلقفهم خبر التحرش، والتعامل معها، خصوصاً أن المتهم لا يزال في العناية المركزة.
يرسم "لام شمسية" آفاقاً جديد لواقع الدراما، إذا سلمنا أن المسلسلات التلفزيونية هي مرآة ليومياتنا، ومحاولة جادة لكسر الروتين التجاري، مع الدافع النفسي والعملي لكل شخصيات الرواية المؤلف من 15 حلقة فقط، فينتهي عرضه مع انتهاء الموسم الرمضاني الحالي. محاولة نجاح أخرى تكتبها مريم نعوم، وتقوم بتنفيذها مع فريق عمل بدا متكاملاً هو الآخر، فتنقذ الموسم من التقليد، وقصص ألف ليلة وليلة التي تجتاح الشاشات، وترسم عشرات من علامات الاستفهام حول الهدف من وراء عرضها في شهر الصوم وضمن الموسم الدرامي الأكثر متابعة.
