يمكن وصف مسلسل «عايشة الدور»، من بطولة دنيا سمير غانم وتأليف وإخراج أحمد الجندي، بأنه خفيف ويمكن مشاهدته من باب التسلية، لكنه لا يترك أثراً في ذهن المشاهد. فهو يناسب جميع أفراد العائلة، ويطرح قضايا الشباب والمراهقين بطريقة سهلة الهضم، لكنه لم يتمكن من خلق لحظات كوميدية قوية أو تقديم حبكة درامية متماسكة.
«عايشة»، الأم المطلقة التي تكافح وسط روتينها اليومي ومسؤولياتها تجاه طفليها، بينما يقف الأب مستهتراً على هامش المشهد. تبدو الحياة لها وكأنّها مشهد متكرر، حتى تأتي الفرصة حين تطلب منها ابنة شقيقتها «فاطيمة» الذهاب إلى الجامعة لتقديم طلب تأجيل التحاقها بسبب سفرها للخارج. هناك، تعيش «عايشة» إحساساً بالنشاط والحيوية، خاصة بعد اكتشافها وجود فريق مسرحي في الجامعة، فتجد نفسها مندفعة نحو التجربة، لتتحول الأم إلى طالبة وتنقلب الأحداث.
لم يتمكن المسلسل من تحقيق عنصر الكوميديا بشكل قوي، إذ جاءت النكات والمواقف الكوميدية ضعيفة، معتمدة بشكل أساسي على أداء دنيا سمير غانم. في هذا السياق، أشار الجمهور إلى تأثير غياب شريكها الكوميدي المعتاد محمد سلّام الذي قدمت معه أعمالاً ناجحة مثل «جت سليمة» و«نيللي وشريهان» و«لهفة». كما أن الممثل ماجد القلعي الذي يؤدي دور والد «عايشة» يقدم شخصية مونولوجيست متقاعد يقلّد الفنانين، من دون أن يضيف عمقاً إلى العمل، إذ بدت مشاهده مكرورة إلى حد الملل.
لم يكن اختيار بعض الممثلين الجدد موفقاً، إذ استعان العمل بعدد من أبناء المشاهير الذين كان حضورهم فاتراً. على سبيل المثال، قدمت أميرة أديب (ابنة منال سلامة) شخصية «نسمة»، الفتاة المغرورة في الجامعة، بأسلوب تقليدي لم يضف أي جديد. بينما ظهر محمد عمرو الليثي (نجل الإعلامي عمرو الليثي) في دور شاب يعجب بـ «فاطيمة»، لكن أداءه بدا ثقيلاً وغير مقنع. أما الاستثناء الوحيد فكان لأحمد عصام (نجل حنان يوسف) الذي لعب دور «أيمن» الطالب الوحيد في الجامعة الذي يعرف سر «عايشة»، ويساعدها على التأقلم مع لغة الجيل الجديد، مما صنع بينهما ثنائية لطيفة.
على خطٍ موازٍ، غاب المنطق في معالجة بعض المشكلات، إذ اعتمدت «عايشة» على «المكاتيب» لحل الأزمات، واستطاعت برسالة مكتوبة واحدة تحسين علاقة «أيمن» بوالده الصارم، فيما قدّمت بأخرى حلاً لصديق يعاني من فقدان صديقه في حادث سير، مما جعل المعالجة الدرامية تبدو سطحية وساذجة أحياناً. والمفارقة أنّ «عايشة» التي كانت تعظ الآخرين بالحب والتفاهم، لم تكن تطبق هذا المبدأ على طفليها، إذ كانت تعتمد على الصوت العالي والتعنيف في مواجهة المشكلات معهما.
ورغم أن الحبكة جاءت بسيطة، لم يخلُ المسلسل من لحظات مشرقة، أبرزها العلاقة الدافئة التي جمعت «عايشة» بصديقتها «داليا» (فدوى عابد) والتي تعكس مفهوم الصداقة والدعم المتبادل بشكل إيجابي. كذلك، أضفت الموسيقى على العمل لمسة من الجمال، إذ برزت مجموعة من الأغاني التي كتبها أيمن بهجت قمر ولحنها عمرو مصطفى، مثل «ياما نفسي أقولك»، و«عايشة الدور»، و«هاخد فرصتي».
«عايشة الدور» مسلسل خفيف يجمع بين الدراما والموسيقى، لكنه لم يحقق توازناً قوياً بين الكوميديا والحبكة. ورغم بعض اللحظات المشرقة، يبقى السؤال: هل يكفي الاعتماد على نجومية بطلة العمل وحدها لصنع مسلسل ناجح، أم أنّ الجمهور بات يبحث عن أعمال أعمق وأكثر ابتكاراً؟