دخل صنّاع مسلسل «لام شمسية» (تأليف مريم نعوم وإخراج كريم الشناوي وإنتاج شركة «ميديا هب»/ سعدي وجوه) مباشرة في صلب الموضوع، أي البيدوفيليا. لم يغرق المسلسل في فخّ المماطلة أو المشاهد المتكررة، بل كان مباشراً منذ لقطاته الأولى، ومحدّداً هدفه في معالجة تلك القضية، لكنه بالطبع مشى بين الألغام في توجيه أصابع الاتهام للمتحرش.
تتفجّر المفاجأة في ختام الحلقة الأولى من «لام شمسية»، بعد أن ينتهي طارق (أحمد السعدني) وزوجته نيللي (أمينة خليل) من الاحتفال بعيد ابنهما ميلاد يوسف (الطفل علي البيلي). تكتشف الأم في مشهد ضبابي لم تفسّره الكاميرا بوضوح، تعرّض ابنها للتحرش من صديق والده المقرّب وسام (محمد شاهين). عند كشف الأم للواقعة، يثور الأب فيضرب صديقه الذي يدخل في غيبوبة.
هنا تبدأ الأحداث بالتصاعد بشكل صاروخي، وسط غياب العنصر الأساسي وهو المتهم الغارق في سباته، بينما يحاول الأب تبرير فعلته بأنها نتيجة غضبه، نافياً واقعة تهمة التحرش بسبب ثقته العمياء بصديقه. أما الطفل، فقد أصيب بحالة صدمة وعدم إدراك لما يدور حوله. يتقن صنّاع العمل عامل التشويش على الحقيقة، ودفع المشاهد إلى التشكيك بأنّ المتهم بريء أو مجرم.
هنا أصلاً تدور الحكاية التي تلمس الواقع، فهل طارق هو متحرش فعلاً أو أن الأم مريضة؟ وهل السيناريوات المتوقعة ستكون سخيفة أو أن لطارق حكاية طويلة مع الأطفال؟.
تبدأ الأم بجمع الأدلة حول التحرش من حركات الطفل إلى تأثره بالمجرم الذي يعرف إقناعه بكل شيء. لكن المعادلة ستتبدّل مع ظهور رباب (يسرا اللوزي) زوجة طارق، التي تخفي سرّاً عنه لم تكشفه، فربما هي صاحبة الكلمة الفصل في المسلسل. جميع الدلائل تشير إلى أن الطفل وقع فريسة مدرّسه، وأقرب أصدقاء والده الذي يعد بمنزلة عمّه.
إن أبرز نقاط قوّة «لام شمسية» أنه يظهر المتحرش إنساناً عادياً، وليس مدمن مخدرات أو مجنوناً كما اعتادت الدراما على تصويره. طارق دكتور أكاديمي ولديه علاقات اجتماعية قوية في محاولة منه لطمس جرائمه والتلطي خلفها.
هكذا، خرج مسلسل «لام شمسية» بقضية اجتماعية حساسة، يتهرّب المجتمع العربي من التحدث عنها ولا تزال ضمن خانة «التابوهات» التي تدمّر حياة الطفل ومستقبله.
المسلسل راهن جداً، خصوصاً أنّه قبل أسابيع فقط، تعرّضت طفلة مصرية لاعتداء جنسي داخل دورة مياه في أحد مساجد مدينة العاشر من رمضان (محافظة الشرقية).
فتّح العمل الدرامي أنظار الأهل على علاقة أطفالهم بالكبار، داعياً إلى مراقبة من يحتكّ بالأطفال من معلّمين وأصدقاء. كما حمل المسلسل رسالة مهمة، هي التنبّه إلى إشارات جسم الطفل الضحية والتغيرات التي تظهر عليه بعد التحرش. كما أضاء على تلك العلاقة التي تربط الضحية بالمجرم. وهنا في الأساس جوهر الحكاية.
ولكي يكتمل العمل، كشف المخرج كريم الشناوي أنه استعان بسارة عزيز مديرة ومؤسسة Safe Egypt وعضو مجلس إدارة في «المجلس القومي للأمومة والطفولة»، التي تواجدت في كواليس تصوير «لام شمسية» وتأكدت من صحة الطفل النفسية. قدمت الاستشارية النصائح في كيفية التعاطي مع حالات الطفل الضحية، لينطلق بمشاعره نحو عالم آخر.
هكذا، وضع مسلسل «لام شمسية» يده على جرح ينزف في المجتمع العربي، وعالجه بطريقة واقعية إلى درجة الألم. دعا العمل الأهل إلى التحرّر من المخاوف، ومواجهة القضية بكل ثقة. قلب المسلسل المقاييس في شهر الصوم، بعد فشل المسلسلات التي عرضت في النصف الأول منه. على أن تكون العبرة في «لام شمسية» في حلقاته المتلاحقة التي ستضع النقاط على الحروف.