بسم الله الرحمان الرحيم
سلام عليكم
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى
وصلوا ما أمر الله به أن يوصل من حقوقه ومن حقوق عباده
صلوا أرحامكم
والأرحام والأنساب هم الأقارب وليسوا كما يفهم بعض الناس هم أقارب الزوج أو الزوجة
فإن أقارب الزوج أو الزوجة ليسوا أنساب وليسوا أرحام وإنما هم أصهار
إنما الأرحام و الأنساب هم أقارب الإنسان هم أقارب الإنسان نفسه كأمه وأبيه وأبنه وبنته
وعمه وعمته وخاله وخالته وكل من بينه وبينهم صلة من قبل أبيه أو من قبل أمه
أومن قبل أبنه أو من قبل أبنته
صلوا أيها المسلمون أرحامكم بالزيارات والهدايا والنفقات
صلوهم بالعطف والحنان ولين الجانب وبشاشة الوجه
صلوهم بالإكرام والاحترام وكل ما يتعارف الناس من صلة
إن صلة الرحم ذكرى حسنة وأجر كبير
أنها سبب لدخول الجنة
وسبب لصلة لله للعبد في الدنيا والآخرة
اقرءوا إن شئتم قول ربكم عز وجل
( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ*
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا
وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
أنني اسأل الله من أهل هذه الصفات أيها المسلمون
وفي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري رضى الله عنه أن رجل قال:
(يا رسول الله أخبرني بما يدخل الجنة ويباعدني من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد وفق أو قال لقد هدى كيف قلت فأعادها الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
تعبد الله ولا تشرك به شي وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاةوتصل ذا رحمك فلما أدبر قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة )
أيها المسلمون أن صلة الرحم سبب لطول العمر ولكثرة الرزق
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يبسط له في رزقه أي أن يوسع له في رزقه
وينسئ له في أثره فليصل رحمه) أخرجه البخاري ومسلم
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم
فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة ،، قال الله: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك
قالت: بلى قال الله عز وجل فذلك لكي قال الله عز وجل: فذلك لك)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ) أخرجهما البخاري ومسلم
ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم أعظم أجرا من العتق
ففي الصحيحين عن ميمونة أم المؤمنين رضى الله عنها أنها قالت:
(يا رسول الله أشعرت أني أعتقت وليدتي
قال: أوفعلتي قالت: نعم أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك)
أيها الناس
إن بعضا منا لا يصل أقاربه إلا إذا وصلوه وهذا في الحقيقة ليس بصلة
فإنه مكافأة لأن المروءة والفطرة والسليمة تقتضي مكافأة من أحسن إليك قريبا كان أم بعيدا
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) متفق عليه
فصلوا أيها المسلمون أرحامكم
صلوا أرحامكم وإن قطعوكم وستكون العاقبة لكم عليهم إذا وصلتموهم وقطعوكم
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليه ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون على فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المن أي الرماد الحار
ولا يزال معك من الله ظهور عليهم أي معين عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم
أيها المسلمون صلوا أرحامكم فإن الصلة فيها ما سمعتم من الثواب
وإن القطيعة إن قطيعة الرحم سبب للعنة الله وعذابه
يقول الله عز وجل (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)
ويقول جلا وعلا (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)
وقد تكفل الله عز وجل للرحم بأن يقطع من قطعها حتى رضيت بذلك
وأعلنته فهي متعلقة ًبالعرش تقول: (من قطعني قطعه الله )
وعن جبير بن مطعم رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم )
وإن أعظم القطيعة إن أعظم القطيعة عقوق الوالدين
ثم من كان أقرب فأقرب من القرابة
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله
قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين ) فسبحان الله ما أعظم عقوق الوالدين وما أشد إثمه
إنه يلي الإشراك بالله إن عقوق قطع إن عقوق الوالدين قطع برهما والإحسان إليهما
وأعظم من ذلك أن يتبع قطع البر والإحسان بالإساءة والعدوان
سواء بطريق مباشر أم غير مباشر
ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من الكبائر شتم الرجل والديه
قالوا: يا رسول الله وهل يشتم والديه قال: نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه )
فأستبعد الصحابة رضى الله عنهم أن يشتم الرجل والديه مباشرة
ولعمر الله إنه لبعيد لأنه ينافي المروءة و الذوق السليم كما أنه ينافى الشريعة الإسلامية
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك قد لا يكون مباشرة
ولكن قد يكون عن طريق التسبب بأن يشتم الرجل والدي شخص فيقابله بالمثل ويشتم والديه
وعن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال: (حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات
لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه لعن من آوى محدثا لعن من غير منار الأرض أي من غير مراسيم الأرض ليدخل في أرضه من جاره ما ليس له ) أخرجه مسلم
فيا عباد الله يا من آمنوا بالله ورسوله انظروا في حالكم انظروا في أقاربكم
هل قمتم بما يجب لهم عليكم من صلة؟؟ هل ألنتم لهم الجانب هل أطلقتم الوجه لهم ؟؟ هل شرحتم الصدور عند لقائهم؟؟
هل قمتم بما يجب لهم من محبة وتكريم واحترام؟؟ هل زرتموهم في صحتهم توددا؟؟
هل عدتموهم في مرضهم احتفاء وسؤالا ؟؟
هل بذلتم لهم ما يجب من بذل لهم من نفقة وسداد حاجة؟؟
أيها المسلمون هذه الاستفهامات وغيرها من الاستفهامات التي تقتضيها صلة الرحم
يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه عليها فلينظر
فلينظر هل قام بما يجب عليه في هذه في هذا الأمر أم هو مفرط فيه
إن من الناس من لا ينظرإلى والديه الذين أنجباه وربياه إلا نظر احتقار وسخرية
لاسيما إذا بلغا إذا بلغا الكبر عنده
إن من الناس من يكرم امرأته ويهين أمه
إن من الناس من يقرب صديقه ويبعد أباه
إذا جلس عند والديه فكأنما جلس على جمر يستثقل الجلوس عندهما ويستطيل الزمن
اللحظة عند والديه كالساعة أو أكثر لا يخاطبهما إلا ببطء وتثاقل ولا يفضي إليهما بسر
ولا بأمر مهم قد حرم نفسه لذة البر وعاقبته الحميدة
وإن من الناس من لا ينظر وإن من الناس من لا ينظرإلى أقاربه نظرة قريب لقريبه
ولا يعاملهم معاملة تليق بهم تجده يخاصم أقاربه في أقل الأمور وأتفه الأشياء
ويعاديهم على ذلك ويسبهم في المجالس من أجل لعاعت الدنيا
ولا يقوم بواجب الصلة لا في الكلام ولا في الفعال لا في بذل المال
تجده مثريا وأقاربه محاويج فلا يقوم بصلتهم بل قد يكونون ممن تجب نفقتهم عليه لعجزهم عن التكسب وقدرته على الإنفاق عليهم فلا ينفق عليهم
بل يتحيل غاية الحيل ويقرع باب كل عالم لعله يجد من يفتيه بأن الزكاة تحل لهم
مع وجوب نفقتهم عليه وهذا أمر واقع مشهود
أيها المسلمون
لقد قال أهل العلم كل من يرث شخص من أقاربه فإنه تجب عليه نفقته إذا كان محتاجا عاجزا عن التكسب وكان الوارث قادر على الإنفاق لأن الله عز وجل يقول(وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ)
فمن بخل بما يجب عليه من هذا الإنفاق فهو آثم محاسب عليه يوم القيامة
سواء طلبه المستحق أم استحيى وسكت
أيها المسلمون
اتقوا الله تعالى وصلوا أرحامكم و احذروا من قطيعتهم واستحضروا دائما
ما أعد الله للواصلين من الثواب وما أعد للقاطعين من العقاب
واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
اللهم وفقنا لصلة أرحامنا اللهم وفقنا لصلة أرحامنا اللهم وفقنا لصلة أرحامنا واجعلنا من الواصلين لهم الذين تصلهم ببرك وإحسانك يا رب العالمين اللهم صلي وسلم على وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزء من خطبة جمعة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله