إقتباس لمشاركة: @Mustapha OUDIGH 14:35 - 2025/03/05
إذا كنت ترى أن الوجوب يشمل الفقير والغني على حد سواء، فلماذا لم يوجب النبي ﷺ الأضحية على كل مسلم كما أوجب الصلاة والصيام؟
الحج، رغم كونه ركنا من أركان الإسلام، لا يجب إلا على المستطيع، فكيف تكون الأضحية، التي هي ليست ركنا من أركان الإسلام، واجبة على كل فقير ومسكين؟
ثم إن الفقير قد يستطيع تدبير ثمن الأضحية بمدخراته أو مساعدات، لكن ماذا عن المسكين الذي لا يجد حتى كفايته اليومية؟ هل يُكلَّف بما لا يطيق؟
الشريعة قائمة على التيسير، ولهذا قال جمهور العلماء إن الأضحية سنة مؤكدة، وليست فرضا على غير القادر
يا أخي مصطفى، إن رؤية الحق ليست مجرد مسألة عقلية بحتة، بل هي توفيق من الله يُلقى في قلبٍ سليم، فإن كان القلب مريضًا بأمراض القلوب، كان ذلك حجابًا يحول بين الإنسان وبين رؤية الحق.
فالحق لا يُبصر بالعين فقط، بل يُرى بالقلب، فإذا كان القلب ملوثًا بالكبر، بالحسد، بالعجب، بحب الذات، فإنه يُحجب عن رؤية الحق، حتى لو كان واضحًا كوضوح الشمس في رابعة النهار. وهذا ما وقع لأبي طالب، رغم أعماله الجليلة في نصرة النبي ﷺ، إلا أن الكِبر منعه من النطق بكلمة التوحيد، فكان مصيره الخلود في النار!
قال الله تعالى:
﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]
وإبليس – لعنه الله – كان من كبار العُبّاد بل كان مع الملائكة فتامل، لكنه سقط في الكبر، فلم يشفع له علمه، ولم تنفعه عبادته، لأنه كان يحمل في قلبه بذرةً من الاستعلاء، فكان ذلك سبب هلاكه الأبدي.
لذلك، أمراض القلوب أخطر من أمراض الجسد، بل حتى المعاصي الجسدية – على شدتها – قد تُغفر بالتوبة النصوح، أما المعاصي القلبية فقد تُهلك الإنسان دون أن يشعر! فقد يمنعك الكبر من قبول الحق إذا جاءك ممن هو أصغر منك، أو يمنعك الحسد من الاعتراف بفضل غيرك، أو يمنعك العجب من الاعتراف بجهلك في مسألة ما.
وقال تعالى:
﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ [الأعراف: 146]
وهنا أقول لك: قبل أن تخوض في تفاصيل الأحكام وتناقش في المسائل، يجب أن يكون الأساس الذي تنطلق منه واضحًا وسليمًا، فهناك بديهيات في أصول الإسلام يجب أن تكون راسخة، مثل الفرق بين الواجب والركن والشرط، وأقسام الواجب، وأقسام الشروط، وكيف تنصرف الأوامر إلى الوجوب إذا وردت من الله أو من رسوله ﷺ. هذه ليست أمورًا هامشية، بل هي قواعد أساسية، ومن لم يُحكمها فإنه سيظل في تخبط وخلط، ولن يفهم دقائق العلم كما ينبغي.
لذلك أقول لك: هات يدك، فأنت غارق في لجج التأويلات والخلط بين المفاهيم، اصعد معنا سفينة العقيدة والتوحيد أولًا، ثم بعدها سل عمّا تشابه عليك من المسائل، أما الدخول في الجدالات دون تأسيس صحيح، فذاك طريق الهلاك، والعياذ بالله. والله المستعان.
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ
