لكل شيء في الحياة طريقته الصحيحة في العمل، وإذا جُهِلت كيفية العمل، أو عُمِلت بشكل خاطئ لم تُؤد النتيجة المطلوبة.
ندرك هذا في مجال إصلاح الآلات أو تركيب بطارية ما، أو عمل طبخة معيَّنة، أو غيرها من الأمور...
فمعرفة كيفية العمل + تطبيق الكيفية بشكل صحيح = نجاح في المهمة المطلوبة.
ولهذا الأمر فإن كل منتوج يُباع في السوق من آلات وإلكترونيات وغيرها يكون مرفوقا بكتيِّب إرشادات يُعطي معلومات عن كيفية الاستعمال، وحل أنواع المشاكل و الأعطاب التي يُمكِن أن تُصيب الآلة أو تحُل بها.
إن ما قلناه آنفا عن الأمور المادية يتحقق أيضا بالنسبة للمجال الإنساني والعلاقات البشرية. فالقرآن الكريم هو الكتاب الذي ُيعلِّم الانسان كيفية التعامل مع النفس ومع الناس ومع الكون...
وما نعيشه من انحرافات و ارتكاسات وتخلُّف ناتج عن عدم انضباطنا لما فيه من الإرشادات أو جهلِنا بها في الأصل، يقول تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) ويقول عز وجل: ( اهدنا الصراط المُستقيم). أي أن الله هو الهادي إلى المنهج الصحيح الذي يؤدي إلى النجاح في الحياة الدنيا وفي الآخرة: ﴿فَمَنْ يُّرِدِ اِ۬للَّهُ أَنْ يَّهْدِيَهُۥ يَشْرَحْ صَدْرَهُۥ لِلِاسْلَٰمِۖ وَمَنْ يُّرِدَ اَنْ يُّضِلَّهُۥ يَجْعَلْ صَدْرَهُۥ ضَيِّقاً حَرِجاٗ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِے اِ۬لسَّمَآءِۖ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اُ۬للَّهُ اُ۬لرِّجْسَ عَلَي اَ۬لذِينَ لَا يُومِنُونَۖ ﴾
وبناء على ما قُلناه فإن كل خلل في حياتِنا أو مرض أو ضيق نفسيان نمرُّ بهما فمَرَدُّ ذلك إلى عدم التزامنا بما في القرآن من أحكام وعلامات هادية. وذلك واضح وبيِّن في القرآن الكريم ؛ حيث يُرجع سر السعادة والاطمئنان النفسي إلى ذكر الله عز وجل، والتعلق به دون سواه من المُغريات الزائفة الدنيوية، قال تعالى: ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
وإذا أعرض الإنسان عن ذكر الله تعالى وعن المنهج القرآني كان مصيره لامحالة التعاسة والضيق - ولو كان يملِك من الدنيا ما يملِك قارون- مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَمَنَ اَعْرَضَ عَن ذِكْرِے فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكاٗ وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِ أَعْم۪يٰۖ ﴾
وحيث إن القرآن مُوضَّح ومُيَسَّر للفهم ، وفيه كل ما تحتاجه البشرية لسعادتها ورُقِيِّها، كان كل من يَحيد عن ذلك المنهج، إنما يجني على نفسه لا على غيره؛ فالله غني عن العالمين؛ قال تعالى: ﴿قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ اُ۬لْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْۖ فَمَنِ اِ۪هْتَد۪يٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِے لِنَفْسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَاۖ وَمَآ أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٖۖ ﴾
فاللهم اهدنا الصراط المُستقيم الذي به النجاة في الدنيا والآخرة آمين. والحمد لله رب العالمين.