ويستمر ابن خلدون في تفنيد الاعتقادات بخصوص ما يتعلق بذريعة استرقاق الجنس الأسود بدعوى ما ورد في دعوة نبي الله نوح عليه السلام على ابنه حام ، وفق اسانید علمية حيث يقول وقد توهم بعض النسابين ممن لا علم لديه بطبائع الكائنات ان السودان هم ولد حام بن نوح اختصوا بلون السواد لدعوة كانت عليه من ابيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله من الرق في عقبه وبذلك ينفي ابن خلدون نفيا مطلقا ومبررات علمية مشيرا إلى جهل النسابين وعدم إدراكهم بتأثير البيئة على الكائنات الحية
وانه انطلاقا من تلك الحقائق فإن ما اعتقده الكثيرون عن استعباد واسترقاق الجنس الأسود حجة ما وقعت عليهم من دعوة نوح عليه السلام على ولده وبدعوى إن هذا الجنس الأسود إنما هم نسل حام بن نوح دون إدراك بتأثير البيئة في تشكيل الأجسام والوان الأبدان كما ان المسعودي في كتابه التنبيه والأشراف كان اكثر وضوحا حيث كتب عن نفس الموضوع وقال فيه أما أهل الربع الشمالي من الكرة الأرضية وهم الذين بعدت الشمس عن منهم من الواغلين في الشمال كالصقالبة والإفرنج ومن جاورهم يقصد سكان القارة الأوروبية
فان سلطان الشمس ضعف عندهم لبعدهم عنها فغلب على نواحيهم البرد والرطوبة وتوتر الثلوج عندهم والجليد ثم ينتقل في موقع آخر من نفس الكتاب ليتحدث عن سكان الربع الجنوبي فيصفهم قائلا اما اهل الربع الجنوبي والذين كانوا تحت خط الاستواء وتحت مسامتة الشمس اي الوضع العمودي للشمس فإنهم خلاف تلك الحال من التهاب الحرارة وقلة الرطوبة فاسودت انوفهم واحمرت عيونهم واحترنت الوانهم وتفلفلت شعورهم لغلبة البخار الحار اليابس ثم يصف في نفس الكتاب، طبيعة البيئة في التأثير على شعر الإنسان
ويفسر تلك التاثيرات بقوله وكذلك الشعور السبطة إذا قربت من حرارة النار داخلها الانقباض ثم الانضمام ثم الانعقاد على قدر قربها من الحرارة او بعدها عنها لم يتوقف السعودي عن شرح تأثير البيئة على بني البشر فقط، وقدرتهم على التكيف معها من خلال صورهم واشكالهم بما يتناسب مع الظروف البيئية المحيطة بهم بل انه قام بتعميم التأثير البيئي على البنية البانية من الكائنات الحية حيث أشار إلى تاثير البيئة على اشكال وصفات الكائنات الحية الأخرى حيث يقول في ذات الكتاب وبقاع الأرض مختلفة بحسب اختلاف الطبائع وما نؤثره غيها الأجسام السمائية من النبرین
ویعنی الشمس والقمر والكواكب وغيرها فغلب طبع کل ارض على مكانها كما نشاهد الحوار السود والأغوار ووحشها يميل إلى السواد ووحش الرمال البيض على ذلك اللون فإذا كانت الرمال احكر فوحشها عفر وهو لون التراب وكذلك وحش الجبال من الأراری انواع من الغزلان وغيرها يكون على الوان تلك الجبال أن مرة وإن بيضة وإن سودا مما سبق نرى أن المسعودی یعنی بان اختلاف البيئات الأرضية تؤثر تاثيرا مباشرا على الكائنات الحية من الفصيلة الحيوانية اطلق عليها اسم الوحش التي تعيش فيها كما أشار إلى أن الاختلافات في الوان تلك الكائنات الحية ناتج عن عدة عوامل هي تأثير الشمس والقمر والكواكب موقع البيئة الجغرافي فوق سطح الأرض
طبيعة وشكل البيئة من حيث كونها صحراوية او جبلية او منخفضات او مرتفعات وبالتالي تؤثر على الوانها تشتمل عليه من كائنات حية فمثلا نجد أن الدب القطي بنسم بلونه الأبيض لأنه يعيش في بيئة يغلب عليها اللون الأبيض بينما بغلب اللونين الأسود والبني على الأنواع الأخرى من الدبية التي تعيش في غابات افريقيا او آسيا بعيدا عن الجو القطي كما أن الجمال والإبل الصحراوية تتسم بلونها الأغبر لأنها تعيش في بيئة يغلب عليها اللون الرملي وهكذا مما سبق نجد أن العلماء العرب والمسلمين قد سبقا علماء الغرب منذ قرون عدة في إدراك مدى اثير البيئة على طبائع واشكال الكائنات الحية ففي الوقت الذي ننسب فيه تلك الآراء إلى داروين يتبين لنا أن العالم المسعودی اشار إلى بوضوح تام إلى قدرة الكائنات الحية على التكيف مع البيئة التي تعيش فيها والتالف معها خطوط الطول ودوائر العرض