وهي تعني أن الكلمتين أو أكثر بمنطق النظرية التحليلية تتضمن نفس المكونات ولديها عناصر تصورية متماثلة، ويكون الترادف إذا كان هناك تضمن من جانبين فـ(أ) و(ب) مترادفان إذا كان (أ) يتضمن (ب) و(ب) يتضمن (أ) مثل (أب) و(والد). وعليه تصنف الوحدات المعجمية ضمن حقول بمعيار الترادف.
هي تشبه علاقة الترادف إلا أنها تضمن من جانب واحد يكون (أ) مشتملاً على (ب) حين يكون (ب) أعلى في التقسيم أو التفريعي مثل: (الإنسان) و(خالد).
مثل علاقة اليد بالجسم والعجلة بالسيارة، والفرق بين هذه العلاقة وعلاقة الاشتمال أو التضمن واضح، فاليد ليست نوعاً من الجسم ولكنها جزء منه بخلاف (خالد) الذي هو نوع أو جنس من الإنسان وليس جزءاً منه.
والسؤال الذي طرحه اللغويون في هذا المجال هو هل يتعدى جزء الجزء فيصبح جزءاً للكل؟…
والجواب أنه قد يتعدى جزء الجزء فينتج جزء كل وقد لا يتعدى..
فبالنسبة للحالة الأولى مثل (أظافر ـ أصابع) وعلاقة جزئية. (أصابع -يد) علاقة جزئية، أما علاقة الجزء بالكل فهي (أظافر ـ يد ).([30])
أما الحالة الثانية مثل: (مقبض ـ باب) علاقة جزئية، (باب ـ دار)، علاقة جزئية ولكن لا علاقة جزئية بين (مقبض ـ دار) وينسحب هذا المثال على أنواع كثيرة من العلاقات.
أ. التضاد الحاد: ويسمى التضاد غير المتدرج مثل (حي ـ ميت) فهما كلمتان متقابلتان في الدلالة ونفي أحد طرفي التقابل يعني الاعتراف بالآخر.
ب. التضاد المتدرج: ويصفه المناطقة بأن الحدين فيه لا يستنفدان كل عالم المقال، ولذا فإنهما قد يكذبان معاً، بمعنى أن شيئاً قد لا ينطبق عليه أحدهما، إذ بينهما وسط، فقولنا: الحساء ليس ساخناً لا يعني الاعتراف ضمنياً بأنه بارد فربما يكون فاتراً أو دافئاً أو ما إلى ذلك..
جـ. تضاد التضايف: ويسميه المناطقة "الإضافة"، وهي نسبة بين معنيين كل منهم مرتبط بإدراك الآخر كإدراك الأبوة والبنوة، فإن أحدهما لا يدرك إلا مع إدراك الآخر..
د.علاقة التنافر: أو ما يطلق عليه في علم المنطق بعلاقة التخالف وهي النسبة بين معنى ومعنى آخر من جهة إمكان اجتماعهما وإمكان ارتفاعهما، مع اتحاد المكان والزمان أي: يمكن اجتماعهما معاً في شيء واحد في زمان واحد، ويمكن ارتفاعهما معاً عن شيء واحد في زمان واحد مثل (أكل ـ باع)، و(الطول ـ البياض) ([31]).
إن الاعتقاد بضرورة إحداث تقابلات بين مجموع الألفاظ المتماثلة أو المتباينة، يعكس حقيقة العملية الدلالية التي تتم في مستوى ذهني معقد، إذ التقاطُ دلالة صيغة ما يتم بعد سلسلة من التقابلات الذهنية التي يقوم بها السامع، ولذلك ذهب سوسير إلى القول بأن إنتاج دلالة صيغة ما يتم بواسطة عملية التقابل بينهما وبين صيغ أخرى بإحدى العلاقات التي حددها اللغويون والتي أشرنا إليها سابقاً….
تعتبر النظرية التوليدية من أشهر النظريات اللغوية حالياً، ويعد (نوام تشومسكي) رائد هذه النظرية، وبالرغم من أن تشومسكي عاد بالبحث الدلالي إلى الطابع العقلاني الذهني إلا أن نظريته استطاعت أن تقدم تفسيرات علمية لظواهر لغوية تخص الدلالة، وتستند هذه النظرية على آلية توليد جمل صحيحة اعتماداً على كفاية المتكلم (الكاتب) اللغوي ويعني ذلك توفر قواعد تنظيمية ذهنية في عقل متكلم اللغة تتيح له ما شاء من الجمل، وقد انطلق (تشومسكي) للتدليل على وجود هذه الكفاية، من تعلم اللغة عند الطفل، بحيث ألفى الطفل ينتج جملاً لم يسبق له أن سمعها من قبل بناء على القواعد الكائنة ضمن كفايته اللغوية، والنظرية التوليدية "تتخذ شكل قاعدة "إعادة كتابة" أي أنها تعيد كتابة رمز يشير إلى عنصر معين من عناصر الكلام برمز آخر أو بعدة رموز"([32]). وتكون هذه الكتابة بالنسبة للجملة المشتملة على ركن فعلي (مؤلف من فعل وفاعل ومفعول به وشبه جملة عائدة للفعل)، وعلى شبه جملة. على النحو التالي:
ج Ù رف + شج (حيث ج: ترمز إلى الجملة)، وعليه يمكن كتابة الركن الفعلي بمؤلفاته على النحو التالي:
رفÙ ف + رأ + رأ + شج (حيث ف ترمز إلى الفعل، ورأ ترمز إلى الركن الاسمي ويتم اشتقاق الجملة:
وباستبدال الرموز بعناصر الكلام في نظام اللغة تحصل جمل كثيرة من بينها الجملة:
كتب الرجل الرسالة إلى الأستاذ بالأمس. ويمكن رسم تلك الرموز التي تدل على القواعد التنظيمية ضمن كفاية المتكلم اللغوية" بالمشجر([33]) "arbre".
ويبدو أن اعتماد هذه القواعد من شأنه أن يعقد عملية التواصل والإبلاغ، ولذلك تشترط القاعدة التوليدية وجود متكلم ومتقبل مثاليين، لأن عملية التحام المعنى بالبنى اللغوية هي ليست بالعملية السهلة ذلك أنها تقتضي علماً كافياً بقواعد الإسقاط وبناء على ذلك "يحتوي المكون الدلالي إذاً على المعجم أو اللائحة بمفردات اللغة وعلى القواعد الإسقاطية التي تشكل قدرة المتكلم على استدلال معنى الجمل من خلال معنى المفردات"([34])..
لقد تحدث (تشومسكي) على وجهي الظاهرة اللغوية السطحي والعميق، أو كما سماه الظاهر والخفي وعليه حدد مصطلح "الكفاية اللغوية" و"الأداء اللغوي" وقد أرجع العلماء هذه الفكرة إلى أصول فلسفية تعود إلى نظرية أفلاطون حول العالم. " تقول نظرية أفلاطون أن للعالم وجه ظاهري نعتمد في إدراكه على شهادة الحواس وقد تكون هذه الحواس خادعة لا موضوعية فيها ووجه خفي حقيقي يدرك بالعقل.. أو كما يقول كانط أن العالم الظاهري يخفي عالماً حقيقياً([35])، فالأداء اللغوي يمثل ظاهرة الخطاب في النظرية التوليدية، والكفاية اللغوية تمثل حقيقة الخطاب، وعلى اللغوي ـ كما يقول (تشومسكي)ـ أن لا يبني أحكامه على بنية اللغة السطحية، وإنما عليه أن يصل إلى البنية التحتية العميقة، ليطلع على القواعد الذهنية التي تنتظم اللغة. وقد توصل (تشومسكي) إلى أن العقل الإنساني يحوي آلية مكونة من مجموعة قواعد متناهية بمقدورها تحليل الجمل ومساعدة متكلم اللغة على إنتاج جمل لا متناهية بمعجم لغوي متناه فضلاً على فهم الجمل التي لم يسبق له أن سمعها، ورصد الالتباس الحاصل في الجملة، وقد أضاف (تشومسكي) فكرة جريئة لا زالت موضع بحث وجدل بين علماء اللغة وهو ما سمي بالعموميات اللغوية، وتعني أن جميع اللغات متشابهة في بنياتها الداخلية وهو ما يفسر خضوع التركيب في أي لغة لتلك المدخلات العميقة، وما يشد من عضد هذه الفكرة هو أن المعاني كما تنص نظرية الأوضاع ـ لا تتموقل في عالم اللغة إنما توجد في عالم الأوضاع وقد تمخض عن هذه الفكرة، البحث عن العلاقة بين البنية الدلالية والعوالم الدلالية "فإن كانت الكلمة على مستوى الدال عبارة عن صرّة من الأصوات"، وإذا كانت كذلك فلم لا تكون على مستوى المعنى "صرّة من الوحدات البدائية للمعنى"([36]). وعوّض التحليل المفهومي في النظرية التوليدية التحليل التوزيعي، الذي اتبعته النظريات السابقة في اللغة، فما الدلالة إلا مجموعة سمات تتحدد بواسطة المشير الدلالي وذلك "في تعيين العلاقات الدلالية بين الكلمات المترادفة والمتزايلة أو المتضمنة الواحدة الأخرى"([37])..
إن الهدف الأسمى الذي رسمته النظرية التوليدية هو معرفة الطاقة الكامنة في اللغة على مستوى التعبير ولذلك تأثراً بآراء المدرسة الفلسفية العقلانية التي سادت القرن السابع عشر، اتخذ ( تشومسكي) منهجاً عميقاً لا يعتمد الوصف، وإنما التحليل والتفسير للوصول إلى وضع معايير تحدد قدرة اللغة على الخلق والإبداع والابتكار بإعادة بناء "نسق المعاني" عن طريق قواعد التوليد والتحويل، ولذلك عُدّت النظرية التحويلية التوليدية من أحدث النظريات التي قدمت تفسيراً علمياً موضوعياً لنظام اللغة ووضعت قواعد مرنة تصلح لأي لغة، لأنها قواعد تتسم بالشمولية والعالمية، وهذه المرونة في التقعيد النظري ضرورية للنظام اللغوي الذي ينزع نحو التجدد والتكيف والتطور فضلاً على شمولية التناول والدراسة، وغدا (تشومسكي) يرسم المنهج القويم في الدرس اللغوي مميزاً بين الميتودولوجيا والنظرية، فقد كان اشتغال البنيويين ـ قبل تشومسكي ـ منحصراً على وصف الاتجاه ووضع نظريات تقوم بتطبيق مجموعة عمليات وإجراءات على العينات اللغوية، مهمتها معاينة الوحدات الدالة الصغرى، فأشار (تشومسكي) في كتابه (البنى التركيبية) إلى ضرورة الاهتمام بالمنهج الذي يكمن في الطرق التي تمكن من بناء الأنحاء، وغدا المبحث اللساني مع (تشومسكي) يهتم بالجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين بدلاً من الاهتمام بسلوكهم الفعلي، فلم يعد الإنتاج الكلامي الذي هو عبارة عن سلاسل فيزيائية بمفهوم الفونولوجيا قادراً على تقديم تفسير كاف لآليات حدوث التركيب اللغوي، ولذلك اتجه الدرس اللساني، لا إلى تحديد ما هو موجود من السلاسل اللغوية السليمة فحسب، بل أيضاً إلى ما يمكن أن يوجد من التراكيب اللغوية غير اللاحنة بواسطة مجموعة من القواعد التوليدية. يكون بذلك موقف (تشومسكي) قد انحرف بالدرس اللغوي إلى وجهة جديدة تختلف عن وجهة البنيويين الذين لم يميزوا بين صورة النحو، والوسيلة التي تقود إلى اكتشافه، وهو ما عكف تشومسكي على اتخاذه مبدأ للدراسة اللغوية بحيث فرق بين المنهج والنظرية وولج بذلك إلى كل ما يشكل العالم الداخلي الذهني للمتكلم، وشأن كل نظرية دلالية فإن النظرية التوليدية، وصلت إلى الباب المسدود، وإن نجحت في الكشف عن البنية العميقة لعدد لا متناه من الجمل إلا أنها عجزت عن تفسير عدم التوافق بين معاني المفردات المنتظمة في جملة واحدة، وهو ما فسح المجال لنظرية كاتز وفودر التي تعتبر مكملاً لقواعد (تشومسكي) التوليدية التي ارتكزت على ما يسمى بالمؤلفات الأساسية لمعاني الكلمات وهي مؤلفات تتجاوز الرموز التي اعتمدها (تشومسكي) في القواعد التوليدية، وعلى ضوء نظرية كاتزوفودر يمكن مثلاً تحليل كلمة "رجل" على النحو التالي:
اسم + محسوس + معدود + حي + بشري + ذكر + بالغ..
وتختلف عنها كلمة "امرأة" بمؤلف "الجنس" فقط([38]) وهكذا بالنسبة للكلمات الأخرى..
تصور معنى الكلمة أو الجملة عند أصحاب نظرية الوضعية المنطقية، ينبني على نظرات متباينة، وإن كانت كل نظرة من هذه النظرات هي عبارة عن امتداد معرفي لأفكار سبقتها وتأسست فلسفتها على جملة من الانتقادات التي وجهها لها علماء اللغة عامة وأهل المنطق والفلسفة خاصة، من رواد هذه النظرية "مورتس شليك (M.Chilik)" المؤسس الأول. والعالم "أتونيراث" (A/ NEURATH) ، وهمبل (Hempel)، و"كارنب ([40]) (Carnap)"، و"الفرد جولر أير (A.J.Ayer)"، و"فردريك وايزمان (F. Waisman)"، ذهب "شليك" (1936-1882) إلى أن معنى قضية ما، هو طريقة تحقيقهاا وذلك بتوفر شروط للتحقيق تكون على إثرها القضية صادقة، من ذلك الواقع التجريبي للمعنى وهو ما وسم نظريته "بالنظرية التجريبية في المعنى"، وقد وضع "شليك" معايير ثلاثة لتحديد معنى الكلمة: إماا بالإشارة إلى مسماها المعيّن (الشيء في العالم الخارجي)، أو بالتكافؤ والترادف ويخص ذلك الكلمات التي تعتبر محمولات تجريبية مثل:مربع، شجرة،… أو بالاستخدام في السياق اللغوي وذلك خاصص بالكلمات التي لا تعتبر محمولات تجريبية مثل:إذا، الآن،… وغيرها من الصيغ التي لا معنى لها إلا داخل السياق. ماذا يعني "شليك" بمصطلح "التحقيق"؟.. التحقيق عند "شليك" يعني مطابقة المعنى للواقع ممايدل على صدق القضية في الواقع التجريبي، ولا يشترط أن يكون التحقيق بالمعنى القوي فتلك غاية بعيدة الحصول وإنما يعني "شليك" التحقيق بالمعنى الضعيف، أو ما سماه بإمكان التحقيق. والإمكان كما يوضح "شليك" نوعان: إمكان تجريبي: وهو المعنى الذي يتسق وقوانين الواقع والطبيعة، وإمكان منطقي: وهو ما يطابق قواعد التركيب والنحو واستخدامنا المألوف للكلمات وفق نسق صحيح، والحقيقة أن نظرية "شليك" توقفت عن العطاء العلمي وتقديم التفسيرات الكافية لتمثيلات من المعنى لم تخضع لقواعد هذه النظرية ومعاييرها، وذلك لانحصار نظرية "شليك" في تفسير الكلمات ذات الواقع الحسي بينما وجدت قضايا وصيغ لا يشملها الإدراك الحسي المباشر لكنها محققة المعنى مثال ذلك تركيب الذرة الذي قال عنه "شليك" أن لا معنى له.
ويأتي بعد "شليك" العالمان "أوتونيراث" (1882-1945)، و"همبل" (1905-)، اللذان دعيا إلى معيار جديد يعتمد في رصد المعنى لا يرتد إلى الواقع التجريبي كما كان يقول "شليك" وإنما يرتد إلى قضية "بروتوكول" وتعني تسجيل دقيق لما عاناه المتكلم في خبرته، ويشترط في هذه القضية أن تصدر بضمير المتكلم وتلحق كل جملة بحسب اتساقها مع جمل بروتوكول سبق وأن قبلناها وذلك للحكم بصدقها، وإن تنافرت معها كان الحكم بكذبها وعدم تحققها، فالمعيار الذي اعتمده "نيراث وهمبل"، هاهنا هو معيار الاتساق (consistance).
أما كارنب (1891-1975) بعد جملة أفكار قدمها حول تصوره لمعنى الجملة أو القضية، انتهى إلى رد ذلك إلى الواقع التجريبي وذلك بعد إدراكه أن اللغة هي حاملة لواقع ومعبرة عنه وليس عبارة فقط عن تراكيب وأنساق لغوية.
وبالرغم مما وجهت لنظرية الوضعية المنطقية من انتقادات، إلا أنها قدمت للدرس الدلالي الحديث طرقاً أخرى للبحث عن المعنى تتسم بالعمق في التحليل، وإن كان أصحاب هذه النظرية قد وقعوا تحت سلطة النظرة الحسية للأشياء وهو ما جعلهم يخلطون بين البحث في المعنى وبين صدق الجملة. وذلك ما سوف يعرض نظريتهم إلى مآخذ شديدة أدت إلى تعديل في مواقفهم بحيث عزفوا عن القول بمبدأ التحقيق التجريبي بالمعنى القوي، إلى القول بمبدأ التحقيق التجريبي بالمعنى الضعيف، ويعني ذلك نسبية تحقيق معنى الجمل والكلمات والقضايا واستحالة تحقيقها تحقيقاً مطلقاً تاماً بينما ظل موقف القائلين بالاتساق في الحكم بصدق ومعنى الجملة ثابتاً، بالرغم من الملاحظات الكثيرة التي وجهت إليهم وهو ما جعل موقفهم يضعف مما أدى إلى إجراء تعديل في المصطلح "تحقيق" الذي استبدل بمصطلح تدعيم (confrmation) وسوف ينشأ اتجاه آخر على يد "ألفريد جولزير (Ayer)" و(فردريك وايزمان) (F. waisman)..
يذهب "أير" إلى أنه لا يكون للجملة معنى إلا إذا أمكن تدعيمها إلى درجة كبيرة بإشارتها إلى واقع يمكن ملاحظته. ولا يعد هذا تحديداً تاماً لمعنى الجملة وإنما مجرد تدعيم لها، بحيث يكون لها احتمال كبير في المعنى المحدد بواسطة التدعيم، خاصة وأن الجملة مسندة إلى ضمير المتكلم وبالتالي فهي تعبر عن إحساسات وإدراكات ذاتية وقد وصل "أير" إلى قناعة علمية تتلخص في الامتناع عن اعتماد معيار عام لمعنى الجملة، وربط ذلك المعنى بمجموعة الخبرات التي تحققت بفعل الملاحظة المباشرة عن طريق التحقيق التجريبي الذي يصدقه الواقع وحتى في هذه الحالة تصدق الجملة صدقاً احتمالياً لا صدقاً تاماً.([41])
أما (وايزمان) فقد سار على نهج "أير" ولكن بأسلوب مختلف وذلك بدعوته إلى أن البحث عن مكافئ تام يشرح معنى الجملة سيبقى مفتوحاً لأنه ناقص، ذلك أن الجملة المطلوب رصد معناها تحوي على حالات جزئية يصعب حصرها وتحديدها، كما أن التركيب المعد لإقامة تحقيق القضية لن يكون هو التركيب الأخير المناسب، وإنما قد نحصل على تركيب جديد يشرح أو يحلل أو يضيف إلى معنى الجملة الأصلية. معان جديدة وبالرغم من الجهود المضنية في البحث عن تصور ثابت للمعنى بقي البحث بين دور وآخر يفاجأ، بمسائل جديدة مرتبطة بمسألة "المعنى"، فيخوض من أجل تفسيرها وتحليلها ودراسات مستفيضة، فالقول باعتماد معيار الترادف لتحديد معنى القضية أدى إلى البحث حول، ماهية الترادف، وهل الترادف خال من المعنى؟.. بالطبع لا يقدم الترادف تفسيراً لمعنى الجملة حتى يكون للجملة المرادفة معنى كذلك، وهو يحتاج إلى إيجاد مكافئ له في المعنى، وهكذا يقع الدرس في هذا المجال، في حلقة مفرغة..