ذكر تقسيم المضمر (2)
المضمر إمّا متصل أو منفصل، أمّا المتصل فهو الذي لا يستقلّ بنفسه أي لا ينفك عن كلمة أخرى يتصل بها، وينقسم إلى بارز وإلى مستتر، فالبارز، إمّا أن يتصل باسم كالكاف في غلامك أو بفعل كالتاء في ضربت أو بحرف كالكاف في لك، والمستتر نحو ما في ضرب في قولنا، زيد ضرب كما سيأتي شرحه. وأمّا المنفصل فهو ما استقلّ بنفسه نحو: أنا، ونحن، والمضمر يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا، لانّه اسم واقع موقع الظاهر، والظاهر على أحد هذه الأمور، لكنّ المرفوع متصل ومنفصل، والمنصوب أيضا متصل ومنفصل، وأمّا المجرور فلا يكون إلّا متصلا، لامتناع الفصل بين الجار والمجرور، فالمضمرات حينئذ خمسة أنواع (3).
ذكر الضمير المرفوع المتّصل (4)
وهو يقع لكلّ واحد من المتكلم والمخاطب والغائب على ستّة معان، لأنّ كلّا من المتكلّم والمخاطب والغائب إمّا مفرد، أو مثنّى، أو مجموع، وكلّ واحد منها إمّا مذكر أو مؤنث، وضعوا للمتكلّم لفظين: ضربت وضربنا، فضربت للمفرد المذكّر والمؤنث فالتاء ضمير الفاعل، وحرّك لأنّه اتصل بالفعل فلو سكّن اجتمع ساكنان على
__________
(1) تسهيل الفوائد، 29 والمساعد، 1/ 118 - 119 وشرح الأشموني، 1/ 110.
(2) الكافية، 403.
(3) شرح الوافية، 273.
(4) الكافية، 403.
غير حدّه (1) وضربنا للاثنين/ وللجماعة فيهما، فضربت حينئذ مشترك في معنيين (2) وضربنا مشترك في
أربعة (3).
ووضعوا للمخاطب خمسة ألفاظ: أربعة نصوص، وهي ضربت للمذكّر وضربت للمؤنث، وضربتم للجمع المذكّر وضربتنّ للجمع المؤنث، وواحد مشترك بين المذكّرين والمؤنّثين وهو ضربتما، فالميم إيذان بأنك جاوزت الواحد، والألف للتثنية وإنّما ضمّت تاء ضربتما وكانت في المفرد مفتوحة لئلا يتوهم المخاطب أن ضربت كلمة وما كلمة أخرى، ووضعوا للغائب خمسة على مثال المخاطب أربعة نصوص وهي:
ضرب وضربت وضربوا وضربن (4) وواحد مشترك وهو: ضربا ضربتا وهو مشترك باعتبار ألف الضمير وإن اختلفت الصيغة بزيادة التاء، فإنّ التاء في ضربتا جيء بها علامة للتأنيث وليست بضمير.
ذكر الضمير المرفوع المنفصل (5)
وهو للمتكلّم والمخاطب والغائب على ما شرح في المرفوع المتصل من النصّ والمشترك، وهو: أنا ونحن للمتكلّم، وينبغي أن يعلم أنّ الهمزة والنون في أنا هما الاسم عند الأكثر (6) وزيدت الألف لبيان حركة النون، وقد تبيّن بالهاء كقولك أنه، وقال قوم أنا كلّه هو الاسم (7) ومنه قول الأعشى: (8)
__________
(1) شرح الوافية، 274 وانظر شرح المفصل، 3/ 86.
(2) أي مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث.
(3) أي المثنى المذكر والمثنى المؤنث، والمجموع المذكر والمؤنث.
(4) شرح الوافية، 274.
(5) الكافية، 403.
(6) هذا مذهب البصريين وأصل أنا عندهم أن بفتح النون، ولكون النون مفتوحة زيدت فيها الألف في الوقف لبيان الحركة كهاء السكت ولذلك تعاقبها فيقال: أنه، وإذا وصلت حذفتها انظر شرح المفصل، 3/ 93، وشرح الأشموني ومعه حاشية الصبان، 1/ 114.
(7) وهو مذهب الكوفيين واختاره ابن مالك في التسهيل واحتجّوا بإثبات الألف وصلا في لغة وقالوا إنّ الهاء في أنه بدل من الألف. انظر شرح المفصل، 3/ 93 تسهيل الفوائد، 25 وهمع الهوامع، 1/ 60 وشرح الأشموني، 1/ 114.
(8) هو ميمون بن قيس بن جندل يكنى أبا بصير، شاعر جاهليّ أدرك الإسلام ولم يسلم انظر ترجمته في طبقات فحول الشعراء، 1/ 52 والشعر والشعراء، 1/ 178 ومعجم الشعراء، 12. والبيت في ديوانه، 103 برواية:
فما أنا أم ما انتحالي القوا … في بعد المشيب كفى ذاك عارا
-
فكيف أنا وانتحالي القوافي … ...
وهي لغة ربيعة وبعض قيس، وأنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتنّ للمخاطب، وهو وهي وهما وهم وهنّ للغائب، وينبغي أن يعلم أنّ الهمزة والنون في أنت هما الاسم (1) وأمّا التاء فللخطاب وفتحت لخفّة الفتحة وكسرت في المؤنّث للفرق.
ذكر المنصوب المتّصل (2)
وهو للمتكلّم والمخاطب والغائب على ما شرح، تقول في المتكلّم: ضربني، فالياء هي الاسم المنصوب المتصل وهي ضمير المتكلّم والنون قبلها نون الوقاية كما سيذكر وتقول إذا أخبرت عن نفسك ومعك غيرك: ضربنا وفي المخاطب: ضربك، وضربك، وضربكما، وضربكم، وضربكنّ، وفي الغائب ضربه وضربها وضربهما، وضربهم وضربهنّ، ويتصل الضمير المنصوب بالحرف أيضا، نحو: إنّني إنّنا إلى إنّهنّ، واعلم أنّ الهاء وحدها في ضربه هي الاسم عند الزجاج وهي ضمير الغائب، وإنّما زيدت الواو تقوية للهاء لتخرجها من الخفاء إلى الظهور، وكذلك في رأيتها، الهاء وحدها هي الاسم، وزيدت الألف للفرق بين المذكّر والمؤنّث (3).