
معجم المناهي اللفظية ومعه فوائد في الألفاظ
للشيخ بكر أبو زيد
حرف الألف * آب ، آش : ? عن مجاهد قال : عطس ابن لعبد الله بن عمر – أبو بكر أو عمر – فقال : (( آب )) فقال ابن عمر : وما آب ؟ إن آب اسم شيطان من الشياطين ، جعلها بين العطسة والرحمة . رواه البخاري في : (( الأدب المفرد )) وابن أبي شيبة في (( مصنفه )) بلفظ آش ... قال ابن حجر : ( سند الأثر صحيح ) ا هـ . لكن في سنده : مخلد بن يزيد : صدوق له أوهام . * أبرأ من الحول والقوة إلا إليه : ? هذه للخطيب ابن نباته ، أنكرها عليه بعض الناس ، وقال : لا يصح إلا بحذف الاستثناء ، بأن يقال : أبرأ من الحول والقوة إليه . فبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – أن كل واحد من القولين صحيح باعتبار ، فلينظر . فمعناه مع عدم الاستثناء : برئت من حولي وقوتي . ومعناه عند الخطيب : براءته من اللجأ إلا إلى الله . فهما يتواردان على هذا المعني . والله أعلم . * آله : ? في هذا ثلاثة أبحاث : الأول : في المراد به في نحو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هل آله - صلى الله عليه وسلم - : أهله ، أم قرابته ، أم أتباع ملته - صلى الله عليه وسلم - ؟ آل النبي همو أتباع ملته من الأعاجم والسودان والعرب لو لم يكن آله إلا قرابته صلى المصلي على الطاغي أبي لهب وبحث هذا في : كتب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنها : (( جلاء الأفهام )) لابن القيم . وليس من المراد في هذا المعجم . الثاني : في كتاب : (( الطرة على الغرة )) للآلوسي : أنه شاع عن الرافضة كراهة الفصل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين آله ، بحرف (( على )) لحديث موضوع يروونه في ذلك : (( من فصل بيني وبين آلي بـ : على ؛ لم ينل شفاعتي )) وقد نص غير واحد من الشيعة على أنه موضوع . إذا فينبغي لأهل السنة منابذة الرافضة فليقولوا : (( .. وعلى آل محمد )) .
(31/1)
الثالث : للعلامة أحمد تيمور باشا – رحمه الله تعالى – بحث مطول في أن (( آل )) إنما تضاف إلى الأسماء الظاهرة ، وهل تجوز إضافتها إلى الأسماء المضمرة ؟ وأن أول من منع ذلك : الكسائي ، وتابعه : أبو جعفر بن النحاس ، وأبو بكر الزبيدي . ثم قال : وليس بصحيح؛ لأنه لا قياس له يعضده، ولا سماع يؤيده. ثم ذكر الشواهد على الجواز . وهذا مما لا ينبغي الخلاف فيه ، لثبوت الإضافة للآل إلى المضمر في لسان أفصح العرب - صلى الله عليه وسلم - . والله أعلم . * آمنت بمحمد الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ? قال العيني : من الغريب ما قاله الحليمي في هذا الباب - أي مسألة : هل يجوز تغيير قال النبي ، إلى : قال الرسول ؟ - قال الحليمي : إن الإيمان يحصل بقول الكافر : آمنت بمحمد النبي ، دون محمد الرسول . وعلل : بأن النبي لا يكون إلا الله ، والرسول قد يكون لغيره . ا هـ . ورحم الله الحليمي ، فمقولته هذه مما يعلم بطلانها بالضرورة من دين الإسلام ، كما في أحاديث الشهادتين والإسلام بهما، والأذان ، والإقامة ، والتحيات ، ونحوها . والله أعلم . * إبراهيم : ? في ترجمة : عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي . أن والده توفي في طاعون عمواس سنة 18 هـ ، وتزوج عمر : أمه ، فنشأ في حجر عمر – رضي الله عنه - . ويقال : ( كان أبوه سماه (( إبراهيم )) فغير عمر اسمه ، حكاه ابن سعد ) ا هـ . تنبيه : هذا التغيير إن ثبت لا يدل على أي وجه من وجوه الكراهية لهذا الاسم المبارك (( إبراهيم )) ، اسم شيخ الأنبياء ، واسم ابن خاتم الأنبياء ، وإنما هو من باب الاختيار في الأسماء كما يقع ذلك عند تسمية المولود ، أو لمعنى اقتضاه .
(31/2)
وعليه فما يأتي من تغيير النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنية : كعب بن مالك من (( أبي بشير )) إلى (( أبي عبد الله )) من هذا الباب . والله أعلم . ومثله تغيير عمر – رضي الله عنه – اسم شخص من (( محمد )) إلى (( عبدالحميد )) ، ويأتي في حرف الميم (( محمد )) . * أبو : ? يجوز إطلاقه على زوج الأم ، كما في حديث أنس – رضي الله عنه – في قصة أم سليم ، رواه : أبو عوانة . * أبو الأعلى : استنكر الشيخ حمد الجاسر على الشيخ : (( أبي الأعلى المودودي )) تكنيه بذلك محتجا بقول الله – تعالى - : {سبح اسم ربك الأعلى} . وهذا من باب التوقي ؛ لأن للمخلوق علوا يناسبه ، والخلق في ذلك متفاوتون . ولا يظهر لي لمنع . وانظر : (( أكبر شيء )) في : (( المعجم )) . * أبو بشير : ? كعب بن مالك الأنصاري – رضي الله عنه – كانت كنيته في الجاهلية : (( أبا بشير )) ، فكناه النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أبا عبد الله )) . رواه البغوي . وسنده لا يثبت . * أبو ليلى : ذكرها ابن الأثير في : (( المرصع )) كنية لإبليس . ولم يذكر دليلا . وفي الرواة : عبدالرحمن بن أبي ليلى . وانظر في المعجم حرف الألف : أبو مرة . * أبو مالك : ? انظر في حرف الخاء : خالد ، وفي حرف الميم : مالك . وعن معمر ، عن رجل من أهل الكوفة قال : أبغض الأسماء إلى الله : مالك ، وأبو مالك . رواه عبدالرزاق . وهذا الأثر موقوف من رواية مجهول ؛ فلا تقوم به حجة ، ولم أر في هذا سواه . والنهي لا يثبت إلا بدليل . والله أعلم . * أبو المؤمنين : ? قال النووي – رحمه الله تعالى - : هل يقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أبو المؤمنين ؟ فيه وجهان لأصحابنا : أصحهما عندهم : الجواز ، وهو نص الشافعي ، أنه يقال : أبو المؤمنين ، أي : في الحرمة . ومعني الآية : {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } لصلبه . والله تعالى أعلم . ا هـ .
(31/3)
وذكر السيوطي أن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع كنى هي : أبو القاسم ، أبو إبراهيم ، أبو المؤمنين ، أبو الأرامل . فأبو القاسم مضت قريبا ، وأما أبو إبراهيم ففي مستدرك الحاكم أن جبريل – عليه السلام – قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : (( السلام عليك يا أبا إبراهيم )) وأما أبو المؤمنين ففي السنن عند الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إنما أنا لكم مثل الوالد )) . وأما أبو الأرامل فلم يذكر له دليلا . وانظر : الأب . * أبو يحيى : ? قال ابن عبدالهادي في : (( مغني ذوي الأفهام )) : (( ويكره من الكنى .... وبأبي عيسى ، وبأبي يحيى )) انتهى . وهذا غريب ؛ إذ لا مستند له فيما نعلم ، والصحابي الجليل : صهيب بن سنان – رضي الله عنه – كنيته أبو يحيى . * اتق الله ولا تكن مسمار نار في كتاب الله : ? سئل ابن رشد في معنى قول بعضهم لذلك – في كتاب النكاح من (( المدونة )) – فأجاب : ( الكلام الذي سألت عنه فيه تقديم وتأخير ألبس من أجل ذلك معناه ، وتقديره : (( اتق الله في كتاب الله ، ولا تكن مسمار نار )) يريد : في جهنم ) . انتهى . * أجرى الله العادة : يأتي في حرف العين : عادة الله في كذا * اجلس على اسم الله : يأتي في حرف العين : بلفظ : على اسم الله . * أدام الله أيامك : ? قال ابن القيم – رحمه الله تعالى- في سياق الألفاظ المكروهة ، ومنها : ( أن يقول : أطال الله بقاءك ، وأدام الله أيامك ، وعشت ألف سنة ، ونحو ذلك ) انتهى . ولم يظهر لي في هذا اللفظ ما يمنع منه . وانظر : أطال الله بقاءك . * اذكر الله : ? قال النووي في (( الأذكار )) . ( روى النحاس عن أبي بكر محمد ابن أبي يحيى – وكان أحد الفقهاء العلماء الأدباء – أنه قال : يكره أن يقال لأحد عند الغضب : اذكر الله تعالى ، خوفا من أن يحمله الغضب على الكفر ، قال : وكذا لا يقال له : صل على النبي ؛ خوفا من هذا ) ا هـ .
(31/4)
قال الشارح : (( وفي تنبيه الأخيار )) لابن حجر : ( وكره أن يقال للغضبان : اذكر الله ؛ خوفا من كفره ، وما صح من أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يقال له : تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لا ينافيه ؛ لأن سورة الغضب إن حملت على نحو سب إنما تقع هنا للشيطان على أن سماعه أعظم زاجر ، وأبلغ راشد إلى أن غضبه من الشيطان ، فيكف عنه ، ومن ثم يبعد أخذ ندب هذا من هذا الحديث ) ا هـ . ولعل هذا يختلف باختلاف المقامات ، والأشخاص ، فالأرعن المتهافت الذي أخذ الغضب منه مأخذه ، لا يعرض إلى ما يؤدي إلى المحذور المذكور ، وهكذا . ويأتي في حرف التاء بلفظ : تعوذ بالله من الشيطان ، ما يفيد الجواز في هذا ، فتأمله . * أرجوك : ? لا أرى بها محذورا ، ومثلها : آمل منك كذا . وهما لفظان جاريان في التخاطب والمكاتبات كثيرا ؛ لاستعطاف المسئول فيما هو من مقدوره . فأي محذور في هذا ؟ وفي جواب المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم-رحمه الله تعالى - : (وأما كلمة (( أرجوك)) في شيء يقدر عليه ذلك المخلوق ، فليس بشرك ولا محرم ، ومن حسن الأدب ترك استعمال هذه الكلمة مع المخلوق ) . وفي تقرير له : ( التوحيد أن يقول : أرجو الله ثم أرجوك ، فالمرجو لا يحصل إلا بمشيئة الله ) . * ارحمنا برحمتك : ? قال النووي – رحمه الله تعالى- : ( ومن ذلك ما رواه النحاس ، عن أبي بكر محمد بن يحيى ، قال : وكان من الفقهاء الأدباء العلماء ، قال : لا تقل : جمع الله بيننا في مستقر رحمته ، فرحمة الله أوسع من أن يكون لها قرار . قال : ولا تقل : ارحمنا برحمتك .
(31/5) |