الأفعال المظهرة العاملة في ثمانية أنواع.
النّوع الأوّل: في اللّازم:
وهو كلّ فعل لا يقتضى مع فاعله مفعولا، نحو: قام وقعد، فهو يعمل الرّفع في فاعله، ويقتصر عليه، فاحتاج - في تعديته - إلى قرينة تعدّيه إلى المفعول، والقرائن ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: خمس.
القرينة الأولى:" حرف الجرّ"، نحو: مررت بزيد، ونزلت على عمرو، ودخلت إلى الدّار، ورغبت في مودّتك، وصدفت عن بكر.
القرينة الثانية:" الهمزة"، تقول: قام زيد/، وأقام زيد عمرا، وقعد بكر، وأقعدت بكرا.
__________
(1) انظر ص 139 - 149.
القرينة الثّالثة:" التّضعيف"، نحو: فرح زيد، وفرّحته، وشرف عمرو وشرّفته.
القرينة الرّابعة:" الحركة"، نحو" حزن زيد، وحزنته، وفتن الرّجل وفتنته، فالفتحة عدّت الفعل إلى" زيد" (1) بعد أن كان - مع الكسرة - قاصرا.
القرينة الخامسة:" السّين والتاء"، نحو: نطق زيد، واستنطقته، وكتب واستكتبته
والقرائن الثلاث تتعاقب على الفعل الواحد، وقد يختصّ ببعضها دون بعض، نحو: ذهبت بزيد، وأذهبته، وكرّمت عمرا، وأكرمته، وقوله تعالى:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (2) وأَنْزَلَ الْكِتابَ * (3) ونَزَّلَ الْفُرْقانَ (4).
وتجتمع كلّ واحدة من" الهمزة" و" التّضعيف" مع" حرف الجرّ" نحو:
أمررت زيدا على عمرو، وفرّحت زيدا بعمرو، ولا تجتمع" الهمزة" مع" التّضعيف"؛ لاختلاف البنائين.
وحروف الجرّ: أعمّ هذه القرائن؛ لأنّها تدخل على الثّلاثىّ فما فوقه، والباقية تختصّ بالثّلاثيّ الذى لا زيادة فيه.
وكلّ فعل عدّيته بحرف الجرّ، لا يجوز أن تحذفه منه، وتعدّيه، إلّا فى ضرورة الشّعر، أو ما اتّسعوا فيه من الأفعال، وكثر استعمالهم له؛ فصار
__________
(1) في الأصل: إلى عمرو، والصّواب ما أثبتّه؛ فالمثال: حزن زيد.
(2) 193 / الشعراء.
(3) 91 / الأنعام.
(4) 1 / الفرقان.
كالجائز المطّرد، نحو: دخلت البيت، فسيبويه (1) يجعله غير متعدّ، وغيره (2) يجعله متعدّيا، قال: ومثل: ذهبت الشّام، دخلت البيت (1)، يعنى أنّه قد حذف منه حرف الجرّ، وكان الأصل: ذهبت إلى الشّام، ودخلت إلى البيت، ومثله قول الشاعر (3):
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب
وقد فعلوا ذلك فيما يتعدّى من الأفعال إلى مفعول واحد، إذا أرادوا تعديته إلى اثنين، وسيجئ ذكره (4) فى النّوع الثالث. قال سيبويه: وليس كلّ فعل يتعدّى بحرف جرّ لك أن تحذف منه حرف الجرّ وتعدّيه؛ وإنّما يجوز فيما استعملوه، وأخذ سماعا عنهم (5)، فأمّا ما جاء لضرورة الشّعر، فكقوله (6):
تمرون الدّيار ولم تلمّوا … كلامكم علىّ إذا حرام
__________
(1) الكتاب 1/ 36 - 37.
(2) وهم الأخفش والجرميّ والمبرّد. انظر: المقتضب 4/ 60 - 61 و 337 - 339.
(3) هو عمرو بن معد يكرب، ونسب البيت أيضا إلى العباس ابن مرداس وإلى زرعه بن السائب وإلى خفاف ابن ندبة.
والبيت من شواهد سيبويه 1/ 37، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 35، 83، 320 و 4/ 331 والأصول 1/ 178 وابن يعيش 2/ 44 و 8/ 50 والمغنى 315 وشرح أبياته 5/ 299 و 7/ 196 والخزانة 1/ 339.
النّشب: المال الثابت، كالضياع ونحوها.
(4) انظر: ص 476 - 477.
(5) كذا قال ابن الأثير، والمذكور هنا من قوله" وليس كل فعل .. إلى قوله: وأخذ سماعا عنهم" هو نصّ كلام ابن السّراج فى الأصول 1/ 180،
والذى فى سيبويه 1/ 38 - 39:" .. وليست (استغفر الله ذنبا) و (أمرتك الخير) أكثر في كلامهم، وإنّما يتكلّم بها بعضهم، وليس كل الفعل يفعل به هذا"
(6) هو جرير. انظر: ديوانه 416، ورواية الديوان:
أتمضون الرسوم ولا تحيّا … كلامكم ...
انظر: الكامل 50 وابن يعيش 8/ 8 و 9/ 103 والضرائر 146 والمغنى 102، 473 وشرح أبياته 2/ 289 والخزانة 9/ 118.
يريد: على الدّيار، أو بالدّيار، ومن حذف حرف الجرّ، قوله تعالى: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (1) وبَطِرَتْ مَعِيشَتَها (2) وأَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً (3) ووَ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ (4)، ومنهم من (5) لم يجعله على حذف حرف الجرّ، ويتأوّله (5).