¤¤¤ التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل ¤¤¤ -[ص: باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر7
آخر
الصفحة
أبو اسامه

  • المشاركات: 41474
    نقاط التميز: 84400
عضو أساسي
أبو اسامه

عضو أساسي
المشاركات: 41474
نقاط التميز: 84400
معدل المشاركات يوميا: 9.4
الأيام منذ الإنضمام: 4418
  • 11:44 - 2016/03/06
     
   

الكتاب: التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل
المؤلف: أبو حيان الأندلسي

http://img11.hostingpics.net/pics/3179202476367tycjypg9kt.png


 

وتلخص من هذا كله أن كسر (إن) في هذه المسألة إما لكونها خبراً

عن (أول) وهو مذهب الجمهور والمتفهم من كلام س, أو عن (قولي) المضمرة معمولة له, وهو منسوب إلى عضد الدولة. أو لكونها معمولة لـ (أقول) والخبر محذوف وهو قول الفارسي. أول لـ (أول ما أقول) , والخبر محذوف وهو قول الأستاذ أبي علي. أو لا يحتاج إلى الخبر لسد المعمول مسده, وهو قول بعض أصحابنا.
وتحقيق الكلام في هذه المسألة أن (القول) ينطلق على معنيين: أحدهما الحدث, وهو تأخيذ الصوت في أشخاص الكلام أو في بعض أشخاصه, والثاني أشخاص الكلام أنفسها ومثال ذلك: هذا ضربي, تشير إلى تأخيذ الحركات وهذا درهم ضرب الأمير , تريد: مضروبة. فإذا أردت الحدث فتحت, وكان التقدير: أول تكلمي تحميد الله فوقعت موقع المفرد.
وإذا أردت المقول كسرت , وكان التقدير: أول كلامي إني أحمد الله وذلك أن (أول) هي أفعل التي للمفاضلة بدليل أن مؤنثها (الأولى) كالأفضل والفضلى , وأفعل التي يراد بها المفاضلة هي من جنس ما تضاف إليه, فهي كلام, وإذا كان كلاماً أخبرت عنه بما هو كلام , لأن الخبر هو المخبر عنه في المعنى وإذا كان كذلك لزم كسر (إن) لأنها إذا كسرت كانت مع معمولها كلاماً وإذا فتحت كانت بتقدير المفرد, والمفرد ليس بكلام.
وقوله وبعد (إذا) الفجائية مثاله قول الشاعر:
وكنت أرى زيداً كما قيل سيداً ... إذا إنه عبد القفا واللهازم
روي بالكسر على عدم التأويل بالمصدر وبالفتح على تأويل (أن) ومعموليها بمصدر مرفوع بالابتداء. قال المصنف في الرشح:" والخبر محذوف والأول أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير محذوف" انتهى.

وقد تقدم لنا أن مذهب أصحابنا أن الخبر هو (إذا) الفجائية فلا يكون الخبر محذوفاً فلا أولوية بل يكون الوجهان متساويين في الجودة أعني الفتح والكسر في (إن).
وقوله وفاء الجواب عبر عنها المصنف في غير هذا بفاء الجزاء. فإذا وقعت بعد فاء الجواب جاز فيها الفتح والكسر مقاله: من يقصدني فإني أكرمه, بالفتح والكسرة, قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ} قرئ بالفتح وقال تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} قرئ بالكسر, وقال تعالى: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} قرئ بالفتح والكسر, فالفتح على تقديرها بمصدر وهو خبر مبتدأ محذوف كأنه قال: من يحادد الله ورسوله فجزاؤه كينونة النار له, وكذلك: فجزاؤه الغفران. الكسر على أنها جملة باقية على أصلها, وهو أحسن في القياس لأن الفتح يؤدي إلى تكلف الإضمار, والكسر لا إضمار معه.
قال المصنف:" ولذلك لم يجئ في القرآن فتح إلا مسبوق بـ (أن) المفتوحة, فإن لم تسبق (أن) المفتوحة فكسر (إن) بعد الفاء مجمع عليه من القراء السبعة نحو {إِنَّهُ مَن يَاتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} و {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} , {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} انتهى.

وقال الزمخشري في قوله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا} الآية ما نصه: " ويجوز أن يكون {فَأَنّ} معطوفاً على {أَنَّهُ} على أن جواب {مَن} محذوفة, وتقديره: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأن له نار جهنم". وقال:" وقيل: معناه فله, و (أن) تكرير لـ {أَنَّ} في قوله: {أَنَّهُ} توكيداً.
وهذا الذي جوزه الزمخشري والذي نقله عن غيره لا يجوزان:
أما الأول فلأنه قد تقرر في علم العربية أنه إذا حذف جواب الشرط لدلالة الكلام عليه لزم مضي فعل الشرط , نحو قولهم: أنت ظالم إن فعلت ولا يجوز أن يأتي مضارعاً إلا في ضرورة الشعر, وهنا في الآية قد جاء مضارعاً وهو قوله: {يُحَادِدِ اللَّهَ} فلا يجوز إذا ذاك حذف الجواب, ويتعين أن يكون الجواب غير محذوف.
وأما الثاني فلا يجوز أن يكون {فَإِنَّ لَهُ} تكريرا لـ {أَنَّ} على سبيل التوكيد لوجوه:
الأول: أن الفاء تمنع من التوكيد لما فيها من التعقيب والتوكيد هو المؤكد فلا تعقيب بينهما/ ولا يمكن جعل الفاء زائدة لأنها لا تزاد إلا إن كان ذلك في شعر إن وجد.
الثاني: أن الحرف إذا كرر على سبيل التوكيد فلا يكرر إلا بما دخل عليه, ومتعلق {أَنَّهُ} غير متعلق {فَأَنّ} لأن تلك اسمها ضمير الشأن, وخبرها الجملة الشرطية وهذه اسمها {نَارَ جَهَنَّمَ} فلا يمكن أن تكون {فَأَنّ} توكيداً لـ {أَنَّهُ}

الثالث: أنه إذا جعلت {أَنَّ} كررت توكيداً لم تكن داخلة في جواب الشرط, وهي بلا شك داخلة فيه إذ ينسبك منها مع معموليها مصدر, فإذا تنسبك منها مصدر هو داخل في جواب الشرط لم تكن توكيداً, فتناقضا لأنها من حيث هي تكرير على سبيل التوكيد لا تكون داخلة في جواب الشرط, ومن حيث هي مصدرية هي داخلة فيه إذ هي جزء الجواب.
وقوله وتفتح بعد (أما) بمعنى حقاً روي س "أما إنك ذاهب" بكسر (إن) على أن (ما) للاستفتاح كـ (ألا) وبفتحها بمعنى حقاً, كذا قال المصنف في الشرح: إن (أما) بمعنى حقا. والذي شرح به أصحابنا كلام س هو أنك إذا كسرت فـ (أما) استفتاح كـ (ألا) أو فتحت الهمزة للاستفهام و (ما) بمنزلة حق, وذلك أن (ما) عامة, فتجعلها بمنزلة: شيء وذلك الشيء حق, فكأنك: أحقاً أنك ذاهب؟ وانتصابه على الظرف.
قال المصنف في الشرح:" وإذا وليت (أن) (حقا) فتحت لأنها حينئذ مؤولة هي وصلتها بمصدر مبتدأ و (حقا) مصدر واقع ظرفاً مخبراً به ومنه قول الشاعر:

أحقاً أن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريق
تقديره عند س:" أفي حق أن جيرتنا استقلوا فـ (أما) المفتوح بعدها (أن) كذلك".
قال المصنف في الشرح:" ويحتمل عندي أن يكونوا نصبوا حقاً نصب المصدر الواقع بدلاً من اللفظ بفعله, و (أن) في موضع رفع على الفاعلية, كأنه قال: أحق حقاً أن جيرتنا استقلوا وتكون (أما) مع الفتح للاستفتاح أيضاً, وما بعدها مبتدأ خبره محذوف كأنه قال: أما معلوم أنك ذاهب.
وقد يقع بين (أما) و (أن) يمين فيجوز أيضاً الفتح على مرادفه (أما) (حقا) والكسر على مرادفتها (ألا) ذكر ذلك س" انتهى كلامه.
وما ذهب إليه المصنف من جواز انتصاب (حقاً) نصب المصدر الواقع بدلاً من اللفظ بفعله, و (أن) في موضع رفع على الفاعلية لا يجوز لأنه ليس من المصادر التي يجوز نصبها على إضمار فعل, لأن ذلك إنما يكون إذا أريد به الأمر وما أشبهه, أو الاستفهام ويكون نكرة ولا يكون معرفة, وقد قالوا: ألحق أنك ذاهب؟ فدل على أنه منصوب على الظرف, وما بعده مبتدأ وكأنه قال: أفيما يحق هذا؟ وتكون ظرفاً مجازيا/ بمنزلة (كيف) لأن معناها في أية حال. والدليل على أنه نصبه نصب الظرف قول الشاعر:

أفي حق مواساتي أخاكم ... مالي, ثم يظلمني السري
فإن قلت: هل يجوز أن ينتصب على أنه أسقط منه حرف الجر, والعامل فيه (كائن) فيكون أولى من جعل ما ليس بظرف ظرفاً فيكون المعنى: أكائن أو مستقر فيما يحق هذا؟ ثم أسقط الحرف ,
فصار: أحقاً أنك ذاهب؟
قلت: المعنى لا يعمل مضمراً ألا ترى أنا أبطلنا أن يكون (مثلهم) من قوله:
...................... ... ....... وإذا ما مثلهم بشر
حالاً, والعامل فيه الخبر المحذوف كأنه قال: في الوجود وإنما يعمل مضمراً ومظهراً الفعل.
ويجوز أن تقول: أحق أنك ذاهب بالرفع وهو جيد قوي وهو الوجه لأنه ليس فيه جعل ما ليس بظرف ظرفاً وارتفاعه على أنه الخبر لأن (أن) تتنزل منزلة أعرف المعارف.
وأما تجويز المصنف في "أما أنك ذاهب" فتح (أنك) أن تكون (أما) للاستفتاح وما بعدها بتقدير مبتدأ محذوف الخبر, كأنه قال: أما معلوم أنك ذاهب, فالشيء خالف فيه النحويين. ويبطله أنه لو كان على ما ذهب إليه لصرحت العرب بهذا الخبر الذي قدره في موضع ما مع (أن).
وتقول: أما والله أنك ذاهب, بفتح (أن) وكسرها قال ابن هشام:" إذا كسرت جعلتها جواب القسم وإذا فتحت فقدره س: أعلم

والله أنك ذاهب وقدره الفراء وأبو العباس وجماعة: أحلف بالله على أنك ذاهب أي: على ذهابك" انتهى.
وقالت العرب: شد ما أنك ذاهب وعز ما أنك منطلق, فقيل: تركب الفعل مع (ما) وغلب الحرف كما في (إذ ما) ووضع موضع المصدر المنصوب على الظرف كأنك قلت: حقا أنك ذاهب فهي بمنزلة (أما) لكنها مفتوحة أبداً.
ويحتمل أمراً آخر وهو أن يغلب الفعل فيصير بمنزلة (حبذا) و (نعم) كأنك قلت: نعم العمل أنك ذاهب قاله في (البسيط) وفيه: " فإذا قلت (أما حقا فإنك ذاهب) صح الكسر لأنه من مواضع (إن) لأنه جواب الشرط, والفتح هنا ضعيف لأنك لم تضطر إلى الظرف كالأول" انتهى. يعني بـ (الأول) أحقاً أنك منطلق.
وفي الشرح المنسوب لأبي الفضل الصفار ما ملخصه: الكسر هنا لا يجوز, ألا ترى أن (شد) و (عز) فعلان, فما بعدهما في موضع المعمول, و (ما) زائدة فالمعنى: عز ذهابك و (شق) و (شد) كذلك أي: شق لأنك الشيء إذا شد فقد شق. ويجوز أن تكون (ما) تمييزاً, وضمن (شد) معنى المدح و"أنك ذاهب" خبر مبتدأ ولا يجوز أن يكون مبتدأ لأن (أن) لا يبتدئ ويظهر من [قول] الخليل أن "شد ما" بمنزلة "حقا" ركب الفعل مع الحرف , وانتصب ظرفاً والمعنى: عزيزاً ذهابك وشديداً , أي: فيما يشق/ لأنه شبهها بـ (لو) حين جعلها بمنزلة (لولا) في أنه يبتدئ بعدها وإن لم تكن بمنزلتها وذلك أن (لو) لا يليها إلا الفعل , و (لولا)

الامتناعية لا يليها إلا الاسم المبتدأ فأجروا (لو) مجرى (لولا) فيبتدئ بعدها, أي: لشبهها بـ (لولا) انتهى, وفيه بعض تلخيص.
وقوله وبعد (حتى) غير الابتدائية مقاله: عرفت أمورك حتى أنك فاضل فـ (حتى) تقدر بعدها مصدر, فإن كانت عاطفة كان في موضع نصب, وإن كانت جارة كان في موضع جر. واحترز بقوله " غير الابتدائية " ومن أن تكون ابتدائية, نحو قولك: مرض حتى إنه لا يرجى.
وقوله وبعد (لا جرم) غالباً اختلف في "لا جرم":
فذهب س إلى أنها بعل بمعنى (حق) قال س: "قال تعالى {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} و (جرم) عملت لأنها فعل, ومعناها: لقد حق أن لهم النار, ولقد استحق أن لهم النار.
وزعم الخليل أن (جرم) إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام, يقول الرجل: كان كذا وكذا, وفعلوا كذا وكذا, فتقول: لا جرم أنهم سيندمون أو سيكون كذا وكذا" انتهى كلام س.
فـ (أن) بعد (جرم) في موضع الفاعل بها, والوقف على (لا) عند س, ولا يجوز أن توصل بـ (جرم) لأنها ليست نفي (جرم).
وذهب الفراء إلى أن _جرم) بمعنى كسب, قال: وركبت (لا) مع (جرم) وصارت بمنزلة "لا بد" و"لا محالة" والتركيب يحدث معه أمر لم يكن. ولا يقف على (لا) لأنها جزء مما بعدها و (جرم) بمعنى كسب معروف في اللغة ومنه قول الشاعر:

جريمة ناهض في رأس نيق ... ترى لعظام ما جمعت صليبا
أي: أنها تكسب لفرخها الذي هو ناهض. وزعم أن قوله:
..................... ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
على هذا المعنى, أي: كسبت لهم الغضب, قال: وليس قول من قال" حق لفزارة الغضب" بشيء, لأن (جرم) (حق) لم يثبت من لسان العرب, ولو كان "أن يغضبوا" فاعلاً بـ (جرم) لما أنث, فكان يكون (جرم) وتفسير المفسرين {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} بمعنى: حقاً أن لهم النار, لا يثبت أن (جرم) بمعنى حق, لأنهم فسروا المعنى.
قال بعض أصحابنا: هذا الذي قاله حسن جداً.
وأقول: لا يلزم ما قاله الفراء في "جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا" من أنه يلزم أن يقول (جرم) ولا يؤنث, لأنه يكون أنث على معنى الغضبة, كما قال الشاعر:
........................ ... وقد عذرتني في طلابكم العذر

أي: المعذرة. (فزارة) في كلا القولين منصوب على إسقاط اللام.
وقال المصنف:" إذا وقعت (أن) بعد (لا جرم) فالمشهور الفتح, وبه قرأ القراء. قال الفراء: (لا جرم) كلمة كثر استعمالهم إياهم حتى صارت بمنزلة (حقاً) وبذلك فسرها المفسرون, وأصلها من جرمت أي: كسبت/ وتقول العرب: لا جرم لآتينك, ولا جرم لقد أحسنت, فتراها بمنزلة اليمين" قال المصنف في الشرح:" ولإجرائهم إياهم مجرى اليمن حكي عن بعض العرب كسر (إن) بعدها" انتهى.
ولقلة تصفحه كلام س جهل مذهب س في "لا جرم" وكلام الخليل فيها, ولم يبين موضع (أن) بعد " لا جرم" وقد ذكرنا أن مذهب س أنها في موضع رفع على الفاعل. وأما على مذهب الفراء فيظهر أن التقدير عنده: لا جرم من كذا كما تقول: لا بد أنك ذاهب, أي: من أنك ذاهب.
وقوله وقد تفتح عند الكوفيين بعد قسم ما لم توجد اللام قد تقدم لنا ذكر الخلاف (أن) بعد القسم في أوائل هذا الفصل.
وقال المصنف في الشرح:"ذكر ابن كيسان في نحو (والله إن زيداً قائم" بلا لام أن الكوفيين ويكسرون, والفتح عندهم أكثر.
وقال الزجاجي في جمله):وقد أجاز بعض النحويين فتحها بعد اليمين واختاره بعضهم على الكسر, والكسر أجود وأكثر في كلام العرب والفتح جائز قياساً) وهذه العبارة تقتضي أن يكون الفتح

مستعملًا في كلامهم استعمالاً أقل من استعمال الكسر. ثم أشار إلى أن الفتح جائز قياساً. وليس كما قال, فإن الفتح يتوقف على كون المحل مغنياً فيه المصدر عن العامل والمعمول, وجواب القسم ليس كذلك, والكسر كذلك يوجب لـ (إن) الواقعة فيه الكسر قياساً, ولذلك اجتمعت القراء على كسر {إِنَّا جَعَلْنَاهُ} في أول الزخرف, و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} في أول الدخان مع عدم اللام فإن ورد (أن) بالفتح في جواب قسم حكم بشذوذه وحمل على إرادة (على) وعلى ذلك يحمل قول الراجز:
لتقعدن مقعد القصي ... مني ذي القاذورة المقلي
أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذيالك الصبي
في رواية من رواه بالفتح كأنه قال: أو تحلفي على أني أبو ذيالك الصبي"
وأغفل المصنف وقوع (أن) بعد (مذ) و (منذ) فنقول: اتفق النحويون على فتح (أن) بعدهما, فتقول: ما رأيته مذ أن الله خلقني واختلفوا في جواز الكسر بعدهما: فمنهم من صرح بإجازته, وهو مذهب الأخفش. ومنهم من صرح بامتناعه ومنهم من صرح بجواز الفتح,

وسكت عن إجازة الكسر وامتناعه كـ (س) وابن السراج.
فحجة من أجاز الكسر أن (مذ) و (منذ) يجوز وقوع الجملة الاسمية والفعلية بعدهما نحو: ما رأيته مذ قام زيد, ومنذ زيد قائم, والموضع الصالح للجملتين تكسر فيه (إن).
وحجة مانع الكسر أن الجمل بعدهما تتقدر بمصدر والتقدير: منذ قيام زيد, ووضع الجملة موضع المصدر إنما جاء بعد أسماء الزمان أو (ذي) في قولهم:" اذهب بذي تسلم" أو (آية) في قولك: ائتني بآية يقوم زيد, ومن ذلك قوله:
بآية الخال منها عند مفرقها ... وقول ركبتها قض حين تثنيها
ولا ينقاس فيما عدا ذلك, لا يجوز: بلغني يقوم زيد, ولا: عجبت من يقوم زيد, تريد: بلغني قيام زيد, ومن قيام زيد. فلما كان وضع الجملة موضع المصدر غير منقاس إنما يتبع فيه السماع امتنع من جواز وضع (إن) واسمها وخبرها موضع المصدر لأنه لم يسمع وقوعها موقع المصدر في موضع.
قال ابن عصفور: والصحيح عندي أن ذلك جائز, لأن وضع الجملة موضع المصدر بعد أسماء الزمان قد صار مطرداً فجاز لذلك أن يقاس في (إن) وإن لم يسمع ذلك فيها قياساً على غيرها من الجمل الاسمية.

وفي دخول (مذ) و (منذ) على الجمل الاسمية خلاف: ذهب س إلى أنهما اسما زمان, فجازت إضافتها إلى الجمل كسائر أسماء الزمان. وذهب الأخفش إلى أنه لا بد من تقدير اسم زمان محذوف لأن (مذ) و (منذ) لايدخلان إلا على أسماء الزمان ملفوظاً بها أو مقدراً.
والصحيح مذهب س من أنهما يضافان إلى الجمل تارة, ويدخلان على أسماء الزمان أخرى. وسيأتي الاستدلال لذلك عند ذكر المصنف الكلام على (مذ) و (منذ) في " باب المفعول المسمى ظرفاً" إن شاء الله.
والعجب للأخفش أنه يجبز كشر (إن) بعد (مذ) و (منذ) مع اعتقاده أن اسم الزمان محذوف قبلها, وإذا قدر اسم زمان قبل (إن) انبغى أن تكون مفتوحة لأن اسم الزمان مضاف إليها, فهي في تقدير مفرد, فتفتح.
وأغفل المصنف أيضاً وقوع (إن) بعد (أما) إذا جاء بعدها ظرف أو مجرور, نحو: أما في الدار فإن زيداً قائم, والكسر على تقدير: فزيد قائم, ويتعلق المجرور بما في (أما) من معنى الفعل, والفتح بتقدير: فقيامك , والمجرور في موضع الخبر. ويمكن اندراج هذه المسألة تحت قوله"وفاء الجواب" فلا يكون المصنف أغفلها لأن (أما) في معنى الشرط, لكن التنصيص عليها أولى لأن المصنف لم ينص عليها.

-[ص: فصل
يجوز: دخول لام الابتداء بعد (إن) المكسورة على اسمها المفصول, وعلى خبرها المؤخر عن الاسم, وعلى معمولة مقدماً عليه بعد الاسم, وعلى الفصل المسمى عماداً. وأول جزأي الجملة الاسمية المخبر بها أولى من ثانيهما. وربما دخلت على خبر (كان) الواقعة خبر (أن).]-
ش: قوله يجوز دخول لام الابتداء هذه اللام عند البصريين هي لام الابتداء في الأصل التي في قولك: لزيد/ أخوك وهي تؤكد الجملة, وأخرت لكونها للتأكيد و (إن) للتأكيد, فلو جعلوها في أول الكلام لأدى ذلك إلى الجمع بين حرفين لمعنى واحد, والعرب لا تجيء بشيء من ذلك في كلامها إلا في ضرورة نحو قوله:
فلا والله لا يلفي لما بي ... ولا للما بهم أبداً دواء
فجمع بين اللامين, وهما بمعنى واحد وقول الآخر:
فأصبحن لا يسألنني عن بما به ... أصعد في غاوي الهوى أم تصوبا
فجمع بين (عن) و (الباء) وهما لمعنى واحد بل إذا أرادوا تأكيد الحرفين فصلوا بينهما بما يدخل عليه الحرف, نحو: مررت بزيد به.

وربما فصلوا بينهما بأكثر من ذلك, ومنه {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا}. فلما تعذر جعلها أول الكلام لهذه العلة أخروها.
والدليل على أنها لام الابتداء في الأصل أنها تعلق العامل عن عمله كما تعلقه لام الابتداء في نحو: علمت إن زيداً لقائم, وكان حقها أن تدخل أول الكلام فأخرت لما تعذر ذلك فيها لما ذكرناه. والدليل على ذلك أنك تقول: إن زيداً طعامك لآكل وإن في الدار زيداً لقائم فتقدم معمول الاسم الذي دخلت عليه اللام على اللام لأن اللام متقدمة في النية على ذلك المعمول, إذ لو كانت اللام واقعة في محلها لم يتقدم معمول ما بعدها عليها, ألا ترى أنك تقول: لمعطيك درهماً زيد, ولا يجوز: درهماً لمعطيك زيد, لأن اللام من حروف الصدر وقد وقعت موقعها فلو كانت لام (إن) واقعة موقعها لم يجز أن يتقدم عليها معمول ما بعدها عليها, كما لم يجز ذلك في اللام الداخلة على المبتدأ
.

 

http://img11.hostingpics.net/pics/3179202476367tycjypg9kt.png

http://img11.hostingpics.net/pics/428809image021.gifhttp://img11.hostingpics.net/pics/428809image021.gif

   
     
 ¤¤¤ التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل ¤¤¤ -[ص: باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر7
بداية
الصفحة