
ليدي أوسكار ، مِن رَوائِع الإِنمِيات الكلَاسِيكيّة !
هكذا كان حالي بعد إنهائه أو ربّما أوشكت عليه ، فكم هي صعبة كتابة مقدّمة تليق بهذا العمل ، فكرت طويلا و حاولت إيجاد بعض الكلمات التي قد تصف لنا حال هذا الإنمي ، لكن عجزت عن إيجاد شيء مثير للإهتمام. لربّما كانت هاته الصورة هي ابرز ما يمكن تقديمه لكي نستهل حديثنا عنه .
إن إختيار مشاهدة هذا العمل سيفرض عليك الدخول في حلم جميل قد لا تخرج منه سريعا ، لا أخفي قولا بأن الإنمي أثّر عليّ لدرجة كبيرة و بقيت أفكّر فيه لمدة طويلة بعد إنهاءه ، لعلّي أفكّر في حال البطلة أوسكار التي بحثت عن هدف و معنى لحياتها ؟ او حال أنطوانيت الملكة التي وجدت نفسها في منصب الحُكم في سنّ صغير ! او ربّما اندريه الذي بقي صامتا لمدة طويلة قبل أن يبوح لنا بما يملك في لحظات لا تُمحى بسهولة ! أو لعلّها التغيرات التي طرأت على الانمي و ما رافقها من منعرجات مثيرة أو لعلّها تلك الاوبينينغ المهولة جدا او ربما الحلقة 22 و التي عانقت الروعة و لم تفارقها أو .. أو .. أو .. لقد إحترت فعلا !
و لكي نزيح الغموض عن هاته المقدمة و التي ،في الحقيقة، لا ترضي عطشي و شغفي و لم تكن بالمستوى الذي أردته لكنّها على الأقل أفضل من لا شيء ، لهذا العمل الذي لا يتكرّر كل يوم يا سادة يا كرام . لنستهل حديثنا بتقديم الإنمي : ليدي أوسكار أو وردة فرساي هو إنمي متكون من 40 حلقة تم عرضه بين 10 أكتوبر 1979 و 3 سبتمبر 1980 من إخراج الرائع ديزاكي أوسامو ، هذا الذي أخرج لنا Nشيتا نو جو و سبايس كوبرا للنور و غيرها من الأعمال القديمة التي زيّنت طفولتنا البهيّة .

فمن أين إنطلقت حكايتنا ؟ من أين بدأت قصتنا ؟ و من أين يجب أن نستهل سردنا و وصفنا ؟
لعل تلك الليلة كانت مشؤومة على البعض لكن شهدنا فيها ميلاد أوسكار فون جيرجياس ، إبنة أحد النبلاء الفرنسيين و الذي كان ينتظر أن يُرزق بولد لكنها كانت فتاة ! فلم يكن يملك خيارا سوى أن يعتبر إبنته ولدًا و إن كانت فتاة في الحقيقة . اضطرت أوسكار على أن تعيش حياتها كـذكر بحسب رغبة والدها . من هناك إنطلقت حكايتنا الجميلة و التي تروي لنا جانبا من هذا التاريخ المعاصر الذي إتسم بحدوث ثورة فكرية و إجتماعية في فرنسا. إن قراءة القصة لوحدها سيجعلك تفكر ، كيف ستعيش أوسكار حياتها ؟ هل سترضى بأن تعيش مثل الذكور ؟ تلك الأنثى الجميلة الخلابة صنعت لنفسها و لنا دراما لا تُصدّق .
لعلّ ذكري المتكرر لأوسكار سيدفعكم للتساؤل حول ذلك ، هو على الأقل بالنسبة لي فإنها أوسكار كانت المتفردة بكل شيء في هذا الإنمي .. لم أقدر على أن أكافئ بينها و بين البقية .. و كيف لي بأن أقوم بذلك و هي التي تمحورت حولها القصة بشكل كبير ؟!. إن شخصية أوسكار القوية جعلت من الكثيرين يُعجبون بها ، كيف لا و هي التي فرضت الإحترام أينما حلت و بطريقتها الخاصة ، دون عنف ، دون مشاكل ، دون مكابرة أو غرور ، فقط بكل أناقة و كاريزما و قوة ، أحاول إيقاف نفسي عن مزيد وصف هاته الشخصية لكني لا أستطيع ، لقد جسّدت لنا أوسكار كل شيء .. التضحية ، الأمل ، الصبر ، السمو للأفضل ، البحث عن هدف في هاته الحياة ، كل شيء !لعلّك عزيزي القارئ يا من شاهدت الانمي ستعاتبني على كلماتي أعلاه لكن بالتعمق قليلا في العمل فكل شيء كان يدور حول هاته الفاتنة الفرنسية ، ستقول لي بأن أنطوانيت كانت هي بطلة أخرى للإنمي .. نعم سأتفق معك بعض الشيء كون أنطوانيت كانت الصديقة المثالية لأوسكار ، رافقتها منذ بداية الانمي، عمل هاته الأخيرة كقائد للحرس المسؤول عن حماية الملكة خلق هذا التقارب و التجانس بين الفتاتين .. .. يمكن القول بأن شخصيتها شهدت أمثل تحول من البداية و لغاية النهاية و طوال تلك السنين العشرين التي جرت فيها أحداث الإنمي .. أنطوانيت وجدت نفسها متزوجة من شخص لا تحبه في سن صغير ، وجدت نفسها في الفرساي و هي لم تكمل الـ20 سنة حتى ، وجدت نفسها تحب شخصا آخر بشكل سري رغم أنها متزوجة. رغم أني لا أحب هاته الفتاة لكنها حاربت بعض الشيء لأجل أهدافها و هذا ما يُحسب لها . و لعل هاته القطبية الثنائية في الانمي لم تُخفي عنا باقي كُتّاب الملحمة الدرامية اليابانية ذات النكهة الفرنسية ، نكهة فرساي و نكهة ثورة الباستيل . لنتكلم حول اندريه ، شخصية مهمة هي الاخرى ، مرافق أوسكار منذ الصغر .. تدربا معا و أتقفنا فنون السيف و منه فقد كان خير ملازم لها على الدوام حتى في فترة عملها في حماية أنطوانيت ، لا يمكن أن أمرّ على أندريه دون أن أعبّر عن إعجابي الفائق به ، ليس لانه أحد أبطال قصتنا فقط بل لأنه صنع لنفسه مكانا مرموقا بهذا العمل بطريقة يعجز عن وصفها اللسان ، نعم هو مكافح و مثابر و الاهم منه هو صبوووور ! و نال ما يستحقه و ما كان يريده لنفسه رغم أنه لم يستمتع بذلك طويلا . لا يمكن أن يستوي الحال دون المرور على فيرسين كذلك ، رغم عدم إنتظام ظهوره لكنه كان في كل مرة يُؤجج الوضع و إن كان لا يقصد ذلك ، هذا الشاب السويدي قتل جميع القلوب و إن كان لا يقصد .. جزء آخر مهم من هاته القطعة الدرامية العظيمة ! هذا طبعا غيض من فيض فالشخصيات كانت كثيرة و متنوعة سواءا منها المحيطة بالفرساي او المثقفون و المفكرون الذي عملوا على إشعال فتيل الثورة أو الفقراء المساكين و الذي عانوا الكثير و تجسدت معاناتهم في مواقف كثيرة .
لعل إتياني على ذكر الشخصيات سينتهي هنا لكن ذلك لا يمنع براعة الكاتب في صناعة أفراد ثانوية صنعت مجدًا عظيما لنفسها في هاته المنطومة !
هذا العمل و الذي يجب بأن أُحيّي فيه هاته النزعة التاريخية لاحد الثورات المهمة في تاريخ أوروبا ، الثورة الفرنسية كانت حاضرة بالإنمي ، لعلها لم تكن صائبة تماما من حيث المرجعية التاريخية لكنّها صورت لنا بشكل مناسب أو لنقل بأنها يتناسب مع أحداث الإنمي . طبعا مزج ظروف هاته الثورة ، ظروف نشأتها و تطورها و إندلاعها مع ظروف القصر و ما كان يحصل به صنع من الانمي مزيجا جميلا جدا لا يكاد يتوقف عن إبهارنا.
نُنهي مع الجوانب الأدبية من قصتنا و التي تناولنا فيها القصة و الشخصيات و الاحداث و الاجواء و نمر للجوانب الفنية . لعل ابرز ما يميز الاعمال القديمة اساسا هو طابعها ، نعم الرسم القديم و التحريك كذلك و الإنتاج ، بعيدا عن ضوضاء القرن الـ21 و التي ما فتأت تُبهرنا بإنتاجات قويّة فإن الاعمال القديمة كانت و لازالت محافظة على رونقها و الذي زاده إبداعا تلك الاوبينينغ الجميلة ، نعم لقد كان الليدي أوسكار احد الانميات القليلة التي توقفت عند بداية كل حلقة لسماع أغنيته ، ليس فقط كلمات الأغنية المُبهرة بل كذلك طريقة تصويرها المُتسّمة بالغموض و المليئة بمشاهدة الأزهار ، الأزهار التي وقفت إنحناءًا امام زهرة فرساي العظيمة و الوحيدة .
كذلك الأوستات في خضم الانمي ، اظنها كانت جيدة إجمالا و لا أطلب أكثر من ذلك لعمل يعود لأكثر من 35 سنة . فقد أود فتح قوس صغير هنا و هو المبالغة هي تصوير الشخصيات بشكل فاتن و جميل ، هذا الأمر فتح تأويلات كثيرة لكون الانمي فيه إيحاءات بالشذوذ لسوء الحظ .
ختاما ، ها أنت الآن عزيزي القارئ تأخذ فكرة حول الانمي ، او ربما هي فكرة حول أوسكار لوحدها .. لكن حاولت الإتيان على مختلف الجوانب متناسيا تلك التي علقت ببالي ولو بشكل مُؤقت . بصراحة، و رغم أن من يقرأ الموضوعسيرى بأني أبالغ بعض الشيء لكن أمانة بأن تشاهدوا هذا العمل .. دراما ، حبكة ، تناسق ، كاريزما ، قوة
لا أطلب أكثر من ذلك لاقيمه بـ10 و أضعه في مفضلتي .