TRUE DETECTIVE
-نعلم كلنا أننا أحيانا ننجرف وراء العاطفة ونسمي الأمور بغير أسمائها واحيانا أخرى نبالغ بالعناوين لنجدب الأنظار ونقول أعظم مسلسل , اضخم فيلم , مسلسل مجنون , وكما قرأتم عنواني - المسلسل الذي جعل عقلي يطيش- لكن هده المرة والله أنا صادق فهدا المسلسل جعلني انهض من مكاني و اتكلم وحدي ..بكل بساطة عقلي طاش وسرح في عالم الانسان الحيواني والفلسفة الكفرية والابداع اللامحدود في هدا العمل الخرافي .
-يعلم جميع من يعرفني أو يقرؤ مواضيعي أو تعليقاتي أنني من عشاق الشاشة الكبيرة وتلحقها تباعا الشاشة الصغيرة فتأثري بالسينما رفع سقف تدوقي للمسلسلات فلابد أن يكون المسلسل ممتازا حتى ينال اعجابي فلا مجال للمقارنة بين الشاشة الكبيرة والشاشة الصغيرة فقط في الاسم تعرف قيمتهما -كبيرة وصغيرة- ولو لاحظتم أحبتي الاعضاء والزوار الكرام في السنواتت الأخيرة عمد المنتجون والمخرجون لمحولة تقريب مستوى المسلسلات للسينما بصفتها أكثر متابعة وبشكل اسبوعي وطيلة السنة عكس الافلام فمادا فعلوا ؟ اصبحوا ينتجون مسلسلات ويختاورن ممثلين سينمائيين حتى يقاربوا أعمال الفن السابع فمثلا Persons of Interest و The Following و House of Cards و Hannibal نجد على الترتيب السابق كل من Jim Caviezel و Kevin Bacon و Kevin spacy و Mads Makeleson وهؤلاء ممثلون سينمائيون استعان بهم المخرجون لأعمالهم ومن هده الاعمال المسلسل True Detective فالطاقم التمثيلي والذي يتضمن أحد أجمل الثنائيات التي شهدتها الشاشة ” ماثيو مكونهي و وودي هاريلسون ” شاهدنا هذا الثنائي بشكل مختلف تمامًا في نهاية التسعينات من خلال الفيلم الكوميدي EDTV بالإضافة لعمل ثاني كوميدي هو الآخر جمعهما عام 2008 بعنوان Surfer, Dude. ومن لديه خلفية عن هذه المعلومات لن يستغرب أبدًا التوافق الكبير بين ماثيو و وودي في True Detective حيث أنهما شركاء ورفاق في الواقع أيضًا أي في حياتهما الشخصية .
-هدا المسلسل الدي أنا في صدد الحديث عنه هدا المسلسل الدي يزعم البعض اننا نضخمه ولا ادري لمادا نضخمه هل سيتم تكريمنا من المنتجين أو سيملؤون جيوبنا بالدولار ؟ لا يا اخوتي هو فقط أخد الأشياء نصيبها وقول الحقيقة التي تظهر لنا بغض النظر عن أشياء أخرى والحقيقة أن هدا المسلسل ضخم فعلا فلا حاجة له بتضخيمه فبمجرد مشاهدته ستشعر بأنك تنظر إلى أحد المشاهد السينمائية المحبوكة يقدمها واحد من كبار مخرجي الشاشة الكبيرة. فبمجرد أن تبدأ مشاهدة الحلقة الأولى وترى المشهد الافتتاحي الذي أعاد إلى ذاكرتي مشهد الحرائق من تحفة المخرج الكبير تيرينس ماليك Days of Heaven ستوقن تمامًا بأنك أمام عمل بصري ساحر. بالإضافة للمشهد الختامي للحلقة الرابعة والذي جعل المسلسل حديث الجميع حتى من لم يسمع به من قبل. ست دقائق متواصلة يتخللها مشاهد قتالية وطلقات نار حقيقية وأناس يركضون هنا وهناك وسيارات شرطة تحيط بالمكان .. كل هذا تم تصويره بكاميرا واحدة فقط. إن هذا المشهد هو نتيجة عظيمة لعمل جماعي كبير حيث بدى وكأنه لوحة استعراضية متقنة في أدق التفاصيل. الجميع كان في المكان المناسب في الوقت المناسب. هذا المشهد لم يرفع من سقف المسلسل فحسب بل أثر على معايير التلفاز كاملةً ونزع تلك الحواجز التي لطالما وضعت عالم التلفاز تحت عالم السينما.. فبعد ما قدمه هذا المسلسل نستطيع القول بأن الأعمال التلفزيونية قادرة على تقديم مشاهد متكاملة وعمل إخراجي مبهر لتنافس تلك التي نشاهدها على الشاشة الكبيرة.
-ورغم عشقي لأفلام الجريمة والغموض ما كنت لأحلم ان أشاهد مسلسلا في الجريمة والغموض وينال اعجابي وأهم سبب لعدم نجاح مسلسلات الجريمة والغموض هو دلك التكرار الدي منعها من التميز والبزوغ لكنني تفاجأت من هدا العمل القدير للمخرج والكاتب Nic Pizzolatto فقد أبدع و حطم كل المقاييس.
-مجرد أن تنظر إلى بوستر المسلسل الذي زيّن بأحد أشهر مقولات نيتشه Man is the Cruelest Animal ستعي أنك أمام عمل فلسفي عميق وليس عمل جرائمي آخر .. مايميز نيك أنه لم يقدم مسلسلًا من هذا النوع بالطريقة التقليدية، بل اتخذ من هذه القضايا والجرائم عامل مساعد وليس أساسي في تكوين القصة. العامل الأساسي هنا هو الشخصيات فقط. لننظر إلى روائع أخرى قدمها التلفزيون حذت نفس حذو نيك من قبله: سوبرانوز وعالم العصابات.. ماد مين وعالم الإعلانات.. بريكنق باد وعالم الكيمياء. تشترك هذه المسلسلات بأن كتّابها وضعوا الشخصيات أولًا وركزوا على تطويرها ومن ثم توظيف "ثيم المسلسل” ليساعد في هذا التطور. لطالما اعتقدت بأن من أهم صفات الكاتب الجيد معاملته لشخصيات قصته وكأنهم اطفاله، أو جزء لا يتجزأ منه.. لا بأس باعطائهم نهاية سعيدة بعد جميع العناء الذي واجههم في السابق. ولكن شاع كثيرًا للاسف اعتقاد خاطئ بأن النهايات السعيدة تقلل من قيمة العمل وتجعله بشكل أو آخر "رخيص”. ولكن المعتقدين بذلك نسوا بأن السعادة أمر نسبي تختلف من شخص لآخر، فمثلًا النهاية السعيدة لشخصية تؤديها ميق راين في أحد أفلامها الرومانسية هي الزواج من حبيبها.. بينما النهاية السعيدة لوالتر وايت هي مفارقته الحياة في المكان الوحيد الذي استشعر فيه بأهمية وجوده في هذه الدنيا وكم من لم تعجبه نهاية ديكستر بينما الكثيرين ومنهم أنا اعجبتني وأيضا نهاية مسلسلنا هدا وجدتها مميزة.

-المسلسل كله عبارة عن ثمان حلقات تعرض لنا احداث جرت في ثلاثة أزمنة مختلفة.. ماضٍ ينقسم بين عامي 1995 و 2002 .. وحاضر يجري في 2012
ابداع من ماثيو في دور رست جعلني افقد صوابي من شدة تقمصه للشخصية ولا ننسى وودي أبدع ايضا أيما ابداع و السيناريو والتركيز على الشخصيات و القصة المحبوكة بطريقة ممتازة وخاصة الأداء و الحوار السيكولوجي الفلسفي الذي تميز به رست جعلني أعشق هدا المسلسل فالعبقري نيك قام من خلال هذا العمل بتقديم شخصية لم نشهد مثلها في السابق.. شخصية ستسجل في تاريخ التلفزيون وتسكن أعماقنا حتى بعد ما انتهى المسلسل.. المحقق رست كول. فهذا الرجل من جهة يشبه محقق عالم دي سي والقصص المصورة "باتمان” .. الغامض والمكسور الذي عانى بشدة من فقده لعائلته و وجه غيضه ليكرس حياته في القضاء على المجرمين، ومن جهة أخرى فهو كالمحقق الأذكى والأغرب صاحب التعليقات الساخرة وغير المفهومة "شيرلوك هولمز”.
من هنا نقول أن نيك لم ينجح في كتابة المسلسل فحسب، بل نجح في ابتكار شخصية رمزية مختلفة ومحببة من قبل الجميع.. فمن منا لم يضع المحقق رست كول كصورة شخصية في شبكات التواصل الاجتماعية أو هنا في منتدنا ستار تايمز ههه.

-من مميزات المسلسل أنه لم يتحدث عن التحقيق في جريمة قتل فقط بل كان يتكلم عن فلسفة رست مع الحياة والدين وفلسفة مارتي في طريقة تعامله مع زوجته وابنته وتبريره لخيانته
وفي الآخير الإثنين تغيرت فلسفتهم.
-صراحة بعد مشاهدتي للمسلسل للمرة الخامسة استثقلت جميع المسلسلات التي اتابعها حاليا ولم أعد استصيغها الا انه ظهر مسلسل هو في حلقته السادسة أبهرني الى الآن واخرجني من قوقعة True Detective لكن ان أقول لكم هو افضل منه فساكون كادبا لكن بعد انتهاء الموسم الاول سأقارن بينهما مقارنة عادلة وهدا المسلسل هو FARGO ابداع.. ويشبه TD من حيث الثوب السينمائي الا أن الممثلين فيه ليسوا بجودة ماثيو الأوسكاري او وودي .... باختصار ترو ديتكتف لا يروي قصة عن محققين اثنين، بل هو عن محققين يروون لنا قصة ما.
-وساقولها الآن لن ينجح الموسم الثاني من مسلسل True Detective وانتم على ما أقول شاهدين وسأدكركم بها حتى وان كان كما يقولون أنهم سياتون بنجوم كبار كديكابريو و برات بيت فلا اعتقد انهم سينجحون كنجاح الموسم الأول ..فقط لأن الموسم الأول كان شيئا استثنائي ولا يكرر وتميز عن باقي المسلسلات باسلوبه العبقري.
-آسف على الاطالة ولو اطلقت العنان للكتابة لسردت لكم المسلسل من الألف الى الياء في انتظار تعليقاتكم الممتعة و آرائكم التي اتلدد بقرائتها سواءا وافقت آرائي أو خالفتها
تحياتي ....