جواب مفصل من الليث حجو على سؤالك
عقلية أحرف النفي ضمن النظام السابق ورقابته
في بداية الحرب، سيطر الثوار على إحدى المناطق السورية وكتبوا على الجدران عبارة: "يسقط بائع الجولان"، وعندما استعاد النظام السيطرة على هذه المنطقة وقبل أن تبدأ عمليات انتشال الجثث أو إسعاف المصابين، سارع أحدهم إلى ذلك الجدار الذي يرمز للعدو الثائر كي يحوّله إلى جدار صديق بتغيير العبارة المفترية فتصبح كالتالي " لن يسقط بائع الجولان" ومع إضافة حرف النفي أصبح بإمكانه متابعة عملياته العسكرية بكل انضباط.
هذه هي عقلية الرقابة في ظل النظام السابق، وهذه هي الطريقة التي كنا نراهن عليها دائمًا لتمرير ما نريد قوله، دون أن يطالنا مقص الرقيب أو مقصلة "حماة الديار".
واجهنا أنواع وعقليات مختلفة من الرقابات وربما كانت اللجنة الأخيرة هي الأسوء على الإطلاق.
بعد القراءات المتأنية من لجنة الرقابة المكلّفة بقراءة النص (بدون ذكر أسماء) والعصف الذهني الدؤوب، تمخّضت عنها مجموعة من التهم، من بينها مثلاً تبنّي النص "مقولات الثورة المزعومة" (حسب تقرير الرقابة)، وبحثوا مطوّلاً عن أي إشارة أو دلالة يمكنها أن تثير النزعات الطائفية أو المناطقية للنص من خلال اللهجة المستخدمة، وصولًا إلى ذكر اسم المحافظة داخل النص، ثم طالبت اللجنة بعدم المساس بأي موظف حكومي، مهما كانت وظيفته، بدءًا من الشرطي "راجح" وسائق سيارة الإسعاف، وصولاً إلى المرضعة التي قدمت حليبها للطفل مقابل مساعدة مادية، ودفع هذا العصف عند أحد القرّاء (بدون ذكر أسماء) إلى التدخل بأرقام المشاهد والتي لن تظهر على الشاشة.
وأخيراً تدخلوا في تغيير اسم إحدى الشخصيات الرئيسية في المسلسل، حيث تم استبدال اسم "نصر" باسم "فرج" خوفًا من تشويه صورة انتصارات القائد ضد شعبه، لكنهم لم يدركوا وبسبب جهلهم، أنه يمكننا أن نروي الحكاية بأكثر من طريقة، على سبيل المثال، ومن باب الواجب الأخلاقي لا بد لنا أن نقدم لكم أحد أهم أبطال هذا البلد وليس المسلسل فحسب، وكان لنا الشرف في حضوره ولو كان من خلال صورة معلّقة على الجدار، إنّه الشهيد البطل اللواء "عمر الأبرش"، الذي اغتاله حافظ الأسد بعد أن كبّد العدو الصهيوني خسائر فادحة في معركة تل المخافي أو معركة وادي الدموع ولم يلتزم بأوامر حافظ الأسد بالانسحاب.
استخدمنا الذكاء الاصطناعي لدمج صورة شخصية "يوسف" (بسام كوسا) مع صورة الشهيد البطل اللواء "عمر الأبرش"، وظلت هذه الصورة حاضرة بشكل دائم في المسلسل. ربما تمكنا من تقديم تحية إجلال وتقدير لهذا البطل، ونحن واثقون كل الثقة بأن الرقيب الأمني وبسبب حرصه على أمن الوطن فإنّه لن يلتفت إلى الكبائر، وسيبقى منشغلًا بالصغائر و أحرف النفي…..
وأخيرًا، لا بد من الإشارة إلى بعض الأشخاص والأصدقاء داخل اللجنة الوطنية للرقابة الذين كان لهم دور إيجابي في محاولة تمرير النص. لكن للأسف، كان صوتهم أضعف أمام السلطة الأمنية في اللجنة، وهي السلطة العليا، إلى أن حسم الموضوع السيد وزير الإعلام السابق، الأستاذ "زياد غصن" لصالح النص وإصدار الموافقة على الحلقات الـ 15 الأولى. وبقي السيد الرقيب رئيس لجنة الرقابة يتوعّد بأنه "لن" يمرر هذا النص.
في التعليق الأول، ستجدون رابطًا لفيديو يروي القصة الكاملة للواء "عمر الأبرش"