¤||¤ الســــــ عليكم ورحمـــ الله ــــة وبركاته ــــــلام ¤||¤
الحمدُ لله وكفى , وسلامٌ على عباده الذين اصطفى , وبعدُ :
مرحبا بكم أحبائي في منتداكم منتدى الدراسة و المناهج التعليمية.. 

مـن الـدلالات إلـى الإشكـاليـة
تتحدد الشخصية في تصور العامة اعتمادا على المظاهر الخارجية القابلة للملاحظة كالجاه أو النفوذ أو الثروة أو السلطة، إنها محددات تعتبر بمثابة معايير تقوم عليها المكانة الاجتماعية للشخص، و لكن كما يتحدث العامة عن الشخصية يتحدثون أيضا عن انعدامها حينما يميل الشخص إلى الميل للخضوع و الاستسلام، و إذا عدنا إلى لسان العرب نجده أيضا يركز على المظاهر الخارجية القابلة للملاحظة، ذلك أن معنى الشخص في اللغة العربية يدل على كل جسم ضخم و بدين و بذلك يكون ظاهرا، أما في اللغة الفرنسية فكلمة personne و personnalité مشتقتان من اللاتينية persona التي تدل على ذلك القناع الذي كان يرتديه الممثل ليتناسب مع دوره في المسرحية.
أما إذا عدنا إلى المعاجم المتخصصة روبير، لاروس، لالاند، فنجد أن الشخصية تتحدد من خلال معنيين؛ معنى عام و مجرد، فهي تدل خاصية الكائن الذي يكون مسؤولا أخلاقيا أو قانونيا على أفعاله، و المعنى الثاني معنى مادي محسوس و يتمثل في الخاصيات الأخلاقية السامية التي تميز الشخص عن مجرد كونه فردا بيولوجيا، و بذلك تشكل هذه الخاصيات العنصر الثابث و المنظم في سيرته، الشيء الذي يجعله متميزا عن غيره.
إن الشخصية إذن لها طابع عام و مشترك بين جميع الكائنات البشرية من حيث مسؤوليتها الأخلاقية و القانونية، و من ثم فهي لا ترتبط بالمكانة الاجتماعية، كما أن لها طابعا خاصا يتجلى في مجموع الصفات التي تميز الشخص عن غيره تمييزا واضحا رغم ما يشترك فيه من صفات مع الآخرين، كما أنها محددة زمنيا لارتباطها بتاريخ الفرد و تخضع لسيرورة نمو عبر مراحل معينة.
إن الشخصية عبارة عن وحدة بنيوية معقدة يتفاعل فيها بيولوجي طبيعي مع ما هو نفسي معرفي و اجتماعي ثقافي و إبداعي، فهي نتاج لتفاعل هذه العوامل المجتمعة فهي بنية دينامية تتجلى عبر تمظهرات خارجية [ الجانب الفزيولوجي الجسمي و السلوك الخارجي ]، و تقوم في أساسها على خصوصية الشخص و تكيفه بصورة ملائمة مع محيطه.
إن هذا يقتضي أن نحدد الفرق ما بين الشخص و الشخصية و هل يمكن القول أن الشخصية مرادفة للشخص أم أن هناك فرقا جوهريا بينهما، إن هذا الاختلاف هو ما تحـدده الـدلالتين الفلسفية و العلمية:
أ- الدلالة الفلسفية: إن الحقل الدلالي الفلسفي لمفهوم الشخصية يتأسس على التصور الفلسفي للإنسان كشخص باعتباره ذاتا تعي وجودها و حريتها و تتمتع بالإرادة و تشعر بالمسؤولية و تدرك ما هو ثابت في وجودها الشيء الذي يجعل منها ذاتا مجردة، و من ثم يكون الشخص هو الجوهر و الماهية في حين تصبح الشخصية ذلك المظهر الخارجي الذي يعكس حقيقة الجوهر.
ب- هذا التمييز بين الشخص و الشخصية سيتبلور بشكل أكثر وضوحا مع العلوم الإنسـانية، و ستعتبر الشخصية مجرد نمط أو نموذج نظري ينشأه العالم من أجل فهم و تفسير سيرة الشخص و سلوكه.
و هذه الأنظمة الثلاثة هي:
1- نظـام الشخص من حيث هو عضوية بيـولوجية و ذات واعية مسؤولة أخـلاقيا و قانونيا عن أفعالها.
2- النظام النفسي؛ فالإنسان له حياة نفسية تنمو و تتطور تبعا لمراحل نموه الجسمـي و النفسي و بما يعرفه هذا الأخير من أزمات و ما يراكمه من خبرات و تجارب.
3- النظام الاجتماعي: إن الفرد لا يعيش منعزلا عن الاخرين بل يدخل في علاقات متعددة معهم ضمن محيط سوسيو ثقافي لكونه يعيش داخل أشكال من التنظيمـات و المؤسسات الاجتماعية و الثقافية.
هذه الأنظمة الثلاثة تتفاعل فيما بينها بالإضافة إلى أنظمة أخرى اقتصادية و سياسية لتعطي للشخصية طابعها البنيوي المعقد و تجعل منها مفهوما متعدد الدلالات يختلف باختلاف الحقول المعرفية و الخطابات التي تستعمل ضمنها بل و قد تتعدد داخل الخطاب الواحد، من هنا يتبلور مفهوم الشخصية كمفهوم إشكالي يقوم على مفارقات و تقابلات تجعل حقيقة الشخصية يتجاذبها ما هو فطـري طبيعـي و ما هو ثقافي مكتسب، و ما هو ذاتي فردي مع ما هو اجتماعي موضوعي، ما هو ثابت بنيوي و ما هو متغير تاريخي، ما هو ظاهر و ما هو باطن خفي إضافة إلى قدرتها على الفعـل بـدل الانفعـال و تطلعها إلى تحقيق حريتها و استقلالها بدل خضوعها و امتثالها.
من خلال هذه التقابلات التي يتضمنها مفهوم الشخصية يمكن طرح التساؤلات التالية: هل تتحدد الشخصية انطلاقا من المظاهر الخارجية أم من خلال الواقع الباطني المستتر خلف القناع، هل يمكن تفسير و فهم الشخصية بالاعتماد على نظام الشخص أم على مقومات النظام النفسي أم انطلاقا من مقومات النظام الاجتماعي ؟
أم أن هذا الفهم و التفسير لا يستطيعان استيعاب المحددات الأساسية للشخصية إلا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار ترابط و تكامل مجموع الأنظمة التي تتفاعل في تكوينها ؟
هل يملك الإنسان من الحرية ما يجعله قادرا على اختيار شخصيته وفق النموذج الذي يتلاءم مع تطلعاته و هل يستطيع تغييرها وفق ما يريده أم أنه محكوم (بحيثيات) بحتميات محددة تشرط وجوده و تحدد بالتالي شخصيته.

\\ منقول \\
في الـنهاية .,أرجو أن يكون المـوضوع
قد نال إعـجابكم .,و الـفائدة هي الـغاية
تـقبلوا تـحيتيأخـوكم زكريــاء
