حصل خِصام بيني وبين ابنتي في ليلة، فانسحبتُ إلى فِراشي حزينة مُغضبة، فلما رأت حزني وغضبي من كلامِها وتصرفِّها اختفت في غُرفتِها لبرهة، وجاءت بورقة مطوِيَّة، وألقتها بجانِبي ثم قبَّلتني وبعدها نامت.
وفي الصباح قرأتُ رسالتها فوجَدتُها تُعبِّر لي عن أسفِها وحُبِّها لي بأكثر من لغة وبرسوم طفولية مُعبِّرة. وأفرحتني رسالتُها. وأدركت من خِلال هذا الحدث البسيط أننا جميعا نستحِق الحب والحنان ممَّن هم حولنا، ولكِننا – للأسف – لا يُعبِّر بعضنا لبعض عن الحب والتقدير. فتجد مثلا زميلتان في العمل لمدة سنين، ولم تُعبِر إحداهما للأخرى عن مدى حُبِّها وتقديرِها.
ونفس الأمر يقع بين الأزواج والإخوة والعائلة وغيرِهم.
إن التعبير عن الحب والتقدير للآخر شيء جميل وراقي في نفس الوقت، ويُدخِل البهجة في النفس، وهو شيء بسيط ولا يُكلِّف شيئا.
وهذا أيضا من صميم ديننا ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبِر الصحابة بحبِّه لهم ، فعن مُعَاذ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقالَ: "يَا مُعَاذُ واللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لاَ تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك". حديث صحيحٌ، رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح.
وأرشد صلى الله عليه وسلم الى إخبار من نحِب بحبِّنا له، فعن أَنسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَرَّ بِهِ رجل، فَقال: يا رسول اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذا، فَقَالَ لَهُ النبيُّ ﷺ : أَأَعْلمتَهُ؟ قَالَ: لا قَالَ: "أَعْلِمْهُ" فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ في اللَّه، فقالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْببْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود بإِسنادٍ صحيح.
ولعلنا إذا أدركنا أننا سنفتقِد فرصة التعبير عن الحب حينما يُوارى أحبابنا التراب ، لعلِمنا أنه من الأجدر أن نُعبِّر لهم عن وُدِّنا ما داموا أحياء، فوردة تُعطى في حياة من نُحِب خير من باقة ورد توضع على القبر.