كانت الحضارة العربية الاصيلة بسيطة متواضعة في مظهرها. لكن حدث تطور سريع وعميق في هذا الميدان بعد ظهور الاسلام واثراء العرب واتصالهم مع حضارات عريقة و غنية. فنجد الارستقراطية في الحجاز تقبل على بناء البيوت الفخمة و تعقد مجالس الادب و الطرب. وقد انتشر فن الموسيقى والغناء بمكة و المدينة و شاع استعمال بعض الالات كالعود و الطنبور و الناي والصنج والدف. واشتهر عدد من المطربين مثل طويس والغريض وجميلة وحبابة.
لكن اهم مظهر لهذا التطور الفني يتمثل في الهندسة المعمارية التي بقيت لنا منها اثار تدل على مستواها الرفيع. فنجد معاوية ىرضي الله عنه مثلا يدخل تحسينات جوهرية على مسجدي البصرة والكوفة و تحولهما من مظهرهما البسيط الى مظهر فني رائع. و نجد الوليد بن عبد الملك يعيد بناء المسجد النبوي الشريف بالمدينة مستعملا الحجارة والفسيفساء والذهب ويستعين في ذلك ببنائين من الروم و القبط .
وقد اتجه المجهود العمراني اولا الى استحداث عدد من المدن مثل واسط بالعراق و الرملة بفلسطين والقيروان بافريقية (تونس) وغيرها. وادخلت اصلاحات جوهرية على المدن القديمة مثل مكة و البصرة و الكوفة و دمشق والفسطاط.فجلبت قنوات الماء الى دمشق واجريت اشغال كبيرة لتنظيم الري بالعراق.
ويبرز الجمال الفني خاصة فيما بقي من مساجد هذا العصر وقصوره مثل قبة الصخرة و المسجد الاقصى و مسجد دمشق و مسجد القيروان. وتميز هذه الاثار بهندستها وزخرفتها. فنجد قبة الصخرة عبارة عن مسور مثمن الاضلاع يتوسطه دائرتان من الاعمدة تعلو اصغرهما قبة.اما المسجد الاموي بدمشق فقد بني على انقاض كنيسة قديمة .وهو يشتمل على رواق معمد يضم ثلاثة بلاطات و اقواس محمولة على اركان و جناحين و سقف من الخشب ومحراب و قبة حجرية عالية و فناء يحيط بهرواق عال و مئذنة. و يعد المسجدين من اروع الاثار العالمية و افخمها. وتفوق زخرفتها و خاصة فسيفساء المسجد الاموي ما عرف عند الامم السابقة و تعتبر من مفاخر الفن الاسلامي. وقد استفاد الامويون و لا شك من الفرس و البزنطيين في انجاز هذه المشيدات. ولكن هندسة المساجد باجزائها و مرافقها و تنسيقها عمل اسلامي بحت.
ولا ننسى ان نشير في الاخير الى قصور بني امية التي بقيت منها اطلال مثل قصر المشتى وقصر عميرة وخربة المفجر فهي ايضا تحتوي على روائع فنية من نقوش و رسوم و فسيفساء.