الشاعر الجزائري أحمد الغوالمي (1920-1996)
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ®ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ±
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آµط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©
نسر فلسطين

  • ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ´ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¦أ¢â‚¬â„¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾: 594944
    ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€کط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ· ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ²: 59658
مشرف سابق
نسر فلسطين

مشرف سابق
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ´ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¦أ¢â‚¬â„¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾: 594944
ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€کط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ· ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ²: 59658
ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع† ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ´ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¦أ¢â‚¬â„¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾ ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¸ط·آ«أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§: 83.8
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ£ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ° ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¥ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¶ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ¦: 7097
  • 11:30 - 2008/04/28

الكلاسيكي الجديد أو الحداثي المرتدّ !...
بقلم د.يوسف وغليسي*

بعْد جْد محترم، أسهم فيه كلُّ من مختار طالب بن دياب وزبيدة حنون، والسيدتان odette petit و wanda voisin، وسعادة سفير الجزائر بفرنسا محمد غوالمي، كان عاقبتَه نشْرُ ما تيسّر من ديوان الشاعر الجزائري أحمد الغوالمي، في نسخة ثنائية اللغة (عربية-فرنسية)، صدرت عن منشورات (publisud) بباريس(1) ، هاهو ذا الدكتور عبد الله حمادي يَتأكد المتاعبَ وحده، ويُقْبِل على نشْر ما يوشك أن يشّكل الأعمال الشعرية الكاملة لهذا الشاعر المَظلوم، ويكادُ يأتي على الأخضر واليابس من شعره، في نسخة أنيقة صادرة عن منشورات وزارة الثقافة(2)، مصدّرة بمقدّمة عريضة تناهز السبعين صفحة، هي بمثابة فانوس نقدي تاريخي يضيء دهاليز هذه الشعرية المندثرة !.



لقد أحسن «جامعُ» هذا الديوان، و«محقّقه»، صنعًا حين صاحبَه بـ «الصوت الشعري المنسي في ديوان الشعر الجزائري»؛ فقد كان فعلا كذلك أو ربّما أسوأَ حالا، ولا أدلّ على ذلك من هذه الكتب الكبيرة في تاريخ الشعر الجزائري، الخالية من مجرّد الإيماء إلى اسمه؛ كـ (تاريخ الأدب الجزائري) لمحمد الطمار، و(الشعر الديني الجزائري الحديث) لعبد الله ركيبي، و(تطور الشعر الجزائري منذ سنة 1945 حتى سنة 1980) للوناس شعباني،...وعبثًا تفتش عن أحمد الغوالمي في (موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين)، الصادرة سنة 2003، دون أن تستطيع إلى ذلك سبيلا !... .


بل من المؤسف كذلك أن يعوج المرحوم صالح خرفي على المشهور والمغمور من شعراء الجزائر الحديثة في كتابه الضخم (الشعر الجزائري الحديث)، دون هذا الشاعر الذي يكتفي بإيماءه خاطفة إليه في فهارس كتابه، حين يسوق مجملَ ما نُشر من قصائد في جريدة (البصائر)، فيورد ثلاثة نصوص يكتفي باللقب العائلي لصاحبها «الغوالمي»(3).


وقد نُلْفِي، من باب التذكّر الذي يشبه النسيان (إنْ لم يكن أَمَرَّ وأدْهى !، سيرة مقتضبة لأحمد الغوالمي في « موسوعة الشعر الجزائري»(4) ، تتجاهل تاريخ وفاته، رغم أنّ هذا التاريخ سابق لصدور الموسوعة بست سنوات كاملة (1996-2002)، بل الأدهى أنّ فهرس أسماء الموسوعة ذاتها يورد الشاعر باسم (غوالمي محمد)، وهو –كما نعلم جميعا- اسمُ ابنه السُفير وليس اسمًه !... .


أمّا ما كُتِب عن أحمد الغوالمي، قبل صدور ديوانه، فلا يكاد يتجاوز الراحل سليمان الصيد في (نفح الأزهار عمّا في مدينة قسنطينة من الأخبار)، والدكتور عبد الله ركيبي الذي أوشك أن يُسلّم قصيدته «أنين ورجيع» ريادة الشعر الجزائري الحرّ، في كتابه عن الشاعر مبارك جلواح، وإنْ لم يقرّرْ ذلك، بل أورده في سياق الترجّي بأسلوب من يترقّب شيئا لا وثوق بحصوله: «لعلّها أول قصيدة تكتَبُ بهذا الشكل»(5) (الشاعر جلواح من التمرّد إلى الإنتحار، 1986، ص46)، ثم شلتاغ عبّود شراد الذي نقل هذه الريادة إلى بلقاسم سعد الله، وذلك في كتابه (حركة الشعر الحر في الجزائر) (6) ، قبل أن تصبح هذه المسألة محسومة تاريخيا، وقد أكّد ذلك-بمزيد من الإسهاب التاريخي والنقدي- الدكتور محمد ناصر في كتابه (الشعر الجزائري الحديث) (7) الذي أنزل الغوالمي المنزلة اللائقة التي يحتلها في تاريخ القصيدة الجزائرية.


وكذلك أومأ إليه الدكتور عبد الملك مرتاض، في دراسته «التجربة الشعرية الحداثية في الجزائر»، وجعله من شعراء القصيدة (البين-بيْن) التي افترعها الغوالمي وسعدالله، وطوّرها خمار وباوية، وهم شعراء يستهويهم العمود تارة فيركنون إليه، ويلوح لهم بريق الحرية تارة أخرى، فيحاولون الإنجذاب نحوه.


يقول مرتاض إنّ الغوالمي «كان ينازع أبا القاسم سعد الله ريادة الشعر الجديد حتى إذا جاء عليه عهد الإستقلال كتب مقالة غريبة (...) تنكر فيها للشعر الحر، وسخر سخرية شديدة ممّن يكتبونه»(8) .


وقد سبق لي أن تحدّثتُ عن هذه الرّدة الشعرية بمناسبة الحديث عن أحد هؤلاء الشعراء الأحرار، في مقالة نشرتُها بإحدى المجلات المشرقية، جاء فيها: «والطريق في الأمر هو أنّ معظم هؤلاء الرواد (الأحرار) سرعان ماعاودوا للإحتماء بطريقة الأوائل في الكتابة الشعرية، بل إنّ أحدهم (وهو أحمد الغوالمي) قد قلب ظهر المجنّ للشعر الحر، ناعتا إياه –بسخرية مرّة- الشعر الحافي الخالي من الأوزان والقوافي، فكانت حريتهم الشعرية أضيقَ أفقا من فلسفة الدعوة إلى الشعر الحر، ولم تكن القصيدة الحرة سوى عَرَض تجريبي طارئ في حياتهم الشعرية، فكانوا –في أحسن أحوالهم- على ملّة نازك الملائكة»(9) الجزائرية الحرّة الأولى (بلقاسم سعد الله، أحمد الغوالمي، بلقاسم خمار، عبد القادر السائحي، محمد الصالح باوية،...) مجرّد محاولات تعْوزها الجرأة الإيقاعية الكافية لتفجير النمط القديم وخلخلة نظام البيت العمودي، حيث لم يستطع أصحابها أن يتخلصوا من تأثير الهندسة العروضية الخليلية.


يمكنني القول إنهم رسموا هيكلاً شعريًا حرَّا بروح عمودية مقيَّدة !، ولا أدلَّ على هذا من ارتداد الغوالمي عن صنيعه «الحداثي»، ومهاجمته لهذا الشعر الحرّ الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوعن بل إنّه راح يعلّل صمت الشعراء القدامى بتهافت الأقلام على هذا الشعر (الهُزْروف) !.


وقد نستثني، من بين هؤلاء، بلقاسم سعد الله الذي يبدو أن التجريب الشعري الحر-لدْيه- يستند إلى حدّ أدْنى من المقوّمات والقناعات النقدية الحداثية التي يؤكّدها نصّه النقدي التاريخي، الوارد في سياق (تصميم للشعر الجزائري الحديث)، نشره في مجلة (الآداب) اللبنانية سنة 1957:«كنتُ أتابع الشعر الجزائري منذ سنة 1947، باحثا فيه عن نفحاتٍ جديدة وتشكيلات تواكب الذوق الحديث، ولكني لم أجد سوى صنمٍ يركع أمامه كلّ الشعراء بنغم واحد وصلاة واحدة. ومع ذلك فقد بدأتُ أول مرة أنظم الشعر بالطريقة التقليدية، أي كنتُ أعْبد ذات الصّنم وأصلّى في نفس المحراب، ولكني كنتُ شغوفا بالموسيقى الداخلية في القصيدة، واستخدام الصورة في البناء(...) غير أنَّ اتصالي بالإنتاج العربي القادم من الشرق –ولاسيما لبنان- واطّلاعي على المذاهب الأدبية والمدارس الفكرية والنظريات النقدية، حملني على تغيير اتجاهي ومحاولة التخلص من الطريقة التقليدية في الشعر....»(10).


فهل كان أحمد الغوالمي كذلك؟ أو قريبا من ذلك؟
مالذي يجعل شاعرا تقليديا يمتطي صهوة الحداثة؟ !
ومالذي يجعل الشاعر الحداثي يرتدّ عن حداثته؟
هل كان الغوالمي الشاعر الإصلاحي مؤهّلاً لكتابة قصيدة حرّة حديثة في ذلك الوقت المبكّر من حداثة القصيدة الجزائرية؟ !.
ألا يمكن لقصيدة –في ذلك السياق التاريخي- أن ترِد إصلاحية في مضمونها، حرّة في شكلها؟ !.
هل كان الغوالمي شاعراً صائبا حتى يُقْبلَ ثم يُدبِر بهذه بهذه البساطة؟ !... .


من الواضح أنّ أحمد الغوالمي شاعرٌ تتجاذبه نزعتان: إحداهما فردية وجدانية، والأخرى إصلاحية إجتماعية؛ أو بالأحرى " تختلط فيه الروح الرومانسية بالروح الإصلاحية»على حدّ تعبير عبد الله ركيبي(11)، فعلى أيِّجانبيْه كان يميل؟ !.


في الحوار الذي أجراه الأديب الصحفي عبد الرحيم مرزوق مع الشاعر، بجريدة النصر (أكتوبر1991)(12)، يورد الغوالمي كثيرا من الأفكار المحافظة ويصرّ عليها:
-التركيز على رسالية الشعر، وتسخيره سلاحا لمجابهة الإستعمار: "..وقد عشت الكثير من مِحَن هذا الشعب أيام الإستعمار فكنتُ اللسان الذي يذوذ عن كرامة الوطن بنقل المشاعر التي تختزن في وجدان المواطن كحبه للوطن ودفاعه عن اللغة العربية [التي] هي هويته وشخصيته، وحرصه على الإسلام الذي هو عقيدته، قد تكون هذه هي الدوافع التي أيقظت في نفسي شيطان الشعر لأواجه به غلاة الإستعمار، ولا أرى أكثر من هذا الدور للشاعر».
-التركيز على التوجّه الوطني الإصلاحي:
«ذوقي أدبي إصلاحي، وعندي غيرة على الوطن».
-مراعاة التقاليد واحترام قيم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومحاولة تجنّب الموضوع الغزلي في الكتابة الشعرية:
«جمعية العلماء غرست فينا بذور التربية والإصلاح، فنشأنا على تقديس الأخلاق واحترام التقاليد، هذا هو المانع الذي جعلني لا أخوض في مثل هذه المواضيع التي أعتبرها ثانوية رغم أنه عندي مقدرة على الغزل ولكن لم أقلْه مراعاة للتقاليد، ومما كتبتُ في هذا المجال قصيدة ذاتية واحدة لا داعي للتطرق إليها لأن مضمونها شخصي».
كما يتمنى في خاتمة الحوار أن تتوّج الحركة الثقافية الجزائرية «بنهضة أدبية موفقة، شرط أن تراعي تقاليد الشعب».
-عصامية المرجعية العروضية وتقليديةُ الثقافة الشعرية:
«تعلّمتُ الوزن بمفردي من (ميزان الذهب)...»؛ وواضحٌ أنّ هذا الكلام يحيل على كتاب السّيد أحمد الهاشمي (ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) الذي هو أحد أهر كتب العروض التقليدية.... .
-الإعجاب بشعرية القصيدة العمودية وتفضيلها على القصيدة الحرة: «..وقد حرصْتُ على نظم الشعر العمودي إعجابا ببلاغته وكثافة خيالاته، لهذا السبب كنتُ أتحاشى الشعر الحر، وللناس طبعًا مذاهب».


إنّ كلّ هذه الإعترافات التي ترسم الغوالمي شاعراً مجبولا على احترام التقاليد، لا تنفي أبداً أنه شاعر مسكون بتحرّرٍ داخلي ربّما ختقتْه هذه التقاليد الخارجية، وبالعودة إلى ديوانه نجده قد خاض في موضوعات شعرية وجدانية، وهام في أودية طبيعية طبعتْ بعضَ قصائده بروح رومنسية حانية (البَرد، الثلج، وقفة على جبل إيدوغ، فصل الربيع،...).


وهو بصنيعه هذا ينمي إلى جيل شعري جزائري من أقطابه: عبد الكريم العقون (1918-1959)، والطاهر بوشوشي (1918)؟ ! ومحمد الأخضر السائحي (1918-2005)، وعبد الله شريط (1921)، وأحمد الطيب معاش (1928-2005)، ومحمد في مجلة (هنا الجزائر)، وتشبّهوا –أحيانا- بشعراء (الرابطة القلمية) أو (جماعة أبولو)، وعلى ذكرْ هذه الجماعة فإنني لا أستبعد أن يكون عنوان قصيدة الغوالمي الحرّة الرائدة (أنين ورجيع) استنصاصا مقصوداً لعنوان ديوان زعيم جماعة أبولو أحمد زكي أبي شادي (أنين ورنين) !.


من مظاهر الجدّة أيضا في قصائد ديوان الغوالمي، إذا أخذناها في سياقها التاريخي، أن نعثر على طائفة من الأناشيد الطفولية الثورية الحماسية (ص:200،240،241،248،249،250،...) التي لا شك أنها من إرهاصات شعر الأطفال الذي أرسى الغوالمي أولياتها رفقة شعراء رواد آخرين كمحمد العيد ومفدي زكريا والسائحي ومحمد الصالح رمضان ومحمد العابد الجلاّلي... .


يتضمّن ديوان الغوالمي 111قصيدة، يتنازعها الإطاران العمودي والحر، بنسبتين متفاوتتين جدًّا؛ حيث يستبدّ الشكل العمودي بـ109 قصيدة(98.19%) مقابل قصيدتين اثنتين حرّتين لا تشكلان إلا نسبة 01.8%، وهذه النسب تعكس-بوضوح- ما صرّح به الشاعر حين أعلن ميله الصُّراح إلى الشكل الأول.


ومن بين 111قصيدة، نجد الشاعر قد حافظ على القافية الموحّدة في 89 قصيدة (80.18%)، ونوّع القوافي في 22قصيدة (19.81%)، فكأنّ هامش الحرية في الخاتمة الإيقاعية لديه لا يتجاوز خمُس الديوان، وإنْ كان ذلك نصيبا محمودا بالقياس إلى ما دَأبَ عليه أمثاله من الشعراء العموديين، وصنيع كهذا لابدّ أنْ يؤخَذ في سياق القصائد المقطعية التي كَلِفَ بها الشعراء الرومنسيون.


وقد بَدا واضحاً كذلك تصرّفه في كَمِّ البيت العمودي ، حيث وردت في الديوان 22 قصيدة مجزوءة جزْءا اختياريا (بنسبة 19.81%)، فإذا أضفنا إليها 07 قصائد (ستّ من المجتث وواحدة من الهزج) توصَف بحورها بأنها واجبة الجزء، بلغت هذه النسبة( 26.12%) (دون مراعاة قصيدة «أبطال الجزائر» التي يجمع فيها بين تام الرمل ومجزوئه !)، وأمّا الشّطر فلا يتجاوز قصيدتي (وحدة الوطن) ، و(نوفمبر) بنسبة (01.8%)، على حين يبقى التّمام سيّدَ هذه النصوص (79 قصيدة، بنسبة 71.17%).


من جهة أخرى، أردنا أن نعْرف البحور التي استأثرت باهتمام الغوالمي ونسبَها، فكانت كالتالي:


1.الوافر (26 قصيدة بنسبة 23.42%).
2.الكامل (25 قصيدة بنسبة 22.52%).
3.الخفيف(17 قصيدة بنسبة15.31%).
4.البسيط(08 قصائد بنسبة 07.20%).
5.الرمل (07قصائد بنسبة 06.30%).
6-الطويل، المتقارب، المجتث، الرجز (بـ06 قصائد لكل بحر وبنسبة 05.40% لكلّ منها).
7.المتدارك (قصيدتان اثنتان، بنسبة 01.8%).
8.الهزج (قصيدة واحدة، بنسبة 0.9%).


مع الإشارة إلى قصيدة واحدة أخرى (0.9%) شاذّة إيقاعيا، حافظ فيها الشاعر على القافية الموحدة، لكنه تحرّر من الوزن، بحيث يصعب أن نضعها في إطار عروضي محدّد، هي قصيدة (في البستان، ص249).


ويبدو أنّ هذا الترتيب الإيقاعي ينسجم إلى حدّ كبير مع الترتيب الإيقاعي لبحور القصيدة العمودية الجزائرية عموما، بحسب الإحصاء الذي قام به الدكتور محمد ناصر في (الشعر الجزائري الحديث(13) ص246)، باستثناء ما يمكن أن يلاحظ بشأن وزن الوافر الذي يقفز قفزة عملاقة في شعر الغوالمي.


ويمكن أن نلاحظ أيضاً أن الغوالمي قد كتب قصائده على 11 بحرا كاملا، بمعنى أنه قد استفرغ نسة 68.75%، من الطاقات الإيقاعية التي يتيحها النظام الموسيقي الشعري العربي، وأما النسبة الباقية 31.25% منها فارغةٌ أصلا (على أساس أنّ بحري المضارع والمقتض قد انقرضا-أوكادا- في الشعرية المعاصرة !)، فكأن الشاعر إذن قد استغل نحو 80% من القدرات الإيقاعية للقصيدة العربية.


لكنّ أكثر ما يلفت الإنتباه، مرّة أخرى، في شعرية الغوالمي هو هذا الإنفصام في شحصيته الشعرية، وليس أدلّ على ذلك من ديوانه هذا الذي يضمّ قصيدتين حرّتيْن (أنين ورجيع:121، هنيئا بالإستقلال هذا نهاره:159)؛ حيث ألزم نفسَه بالتزام راء مفتوحة قبل الروي في (الممثل)، تماماً كما ألزم نفسَه بالتزام حرف الدخيل (ئـ) قبل روي (هنيئا بالإستقلال...)، وهو قيدٌ لم يفرِضْ أكثرُ علماء القافية تزمُّتاً غير الإلتزام بحركة الحرف (كسرة الدخيل هنا)، فكيف يشق الغوالمي على نفسه ويتقيّد بهذه القيود (التي لم يُردْ غيره منها غير استعراض المهارات اللغوية والعروضية كما فعل المعرّي في لزومياته وربما أيضا صفي الدين الحلي في بعض بديعياته)، وهو أي كسر هذه القيود في قصيدتين أخريين وربّما ثلاث !...


لكنّ الأغرب من ذلك أن يكون الغوالمي الذي كتب (أنين ورجيع) سنة 1955 وهو شَرِيك سعد الله في التأسيس لحداثة المعمار الشعري الجزائري، هو نفسه الغوالمي الذي كتب سنة 1973 (رشحات على الوزن الحافي الخالي من الأوزان والقوافي)، وهو المقال الذي يعرّض بالشعر الحرّ ويجعله «حافيا»، كما جعله العقاد«سايبًا»، ومفدي زكريا «لقيطا» !.


وهكذا يجعل الغوالمي من الشعر الحرّ الكامل الذي كتبه في عهد الثورة (هزْرُفًا) ناقصا يَأنَفُ منه في عهد الإستقلال، ولا شك أنّ اصطناع مصطلح الهزروف كان مقصودا، من باب أنه «قد يكون هذا نوعًا من السخرية ممن لا يحسنون نظم الشعر»(14)


ومهما يكنْ أحمد الغوالمي: كلاسيكيا جديدا أو حداثيا مرتدًّا، إنّ مجرّد طبع أعماله الشعرية الكاملة هو حدثٌ كبير في تاريخ الشعر الجزائري، فهنيئا لنا بهذا، وهنيئا –خصوصا- للدكتور عبد الله حمادي صانع هذا الحدث.


ولا أملك في الأخير، من باب الغيرة على الديوان و«محقّقه»، إلاّ أن أسجّل هذه الملحوظات التي أتمنى تداركها إنْ أتيحت لديوان الغوالمي فرصةُ إعادة الطبع:


1.تصحيح بعض الأخطاء الطباعية التي قد تنقلب إلى أخطاء في المفاهيم التاريخية أو المعرفية؛ كأنْ يذكر المحقق في تقديمه أنّ الشاعر أحيل على المعاش تارةً في ديسمبر 1983 (ص13)، وأخرى (وهي الأصحّ) في 1982(ص20).
أو أن يثبت 07أكتوبر1991 تاريخا لعدد جريدة النصر المتضمّن حوار الجريدة مع الشاعر(ص36)، ثم يثبت 17أكتوبر في صفحة أخرى (ص37)،أو أن يذكر أن قصيدة «الممثل»قد نشرت سنة 1946(ص120)، والصواب هو 1953، حسب الرواية التونسية(15).
2.إن عنوان محاورة الجريدة مع الشاعر، الوارد في مقدمة الديوان (شباب الجزائر عائد على سفينة الصمت، ص24) هو عنوان مصحّف، محرّف قليلا، صوابه الكامل هو : (أحمد الغوالمي قاطعاً الصمت:
سيّاب الجزائر عائدٌ على سفينة الشعر).
3.وردت بعض الأخطاء في رواية بعض الأبيات، مثل :
-«في الذوق واللمعان مثل تمرها...» (ص144)، والصواب:«..مثل تمرتها».
-«والدرِّ من معدن الألاء مجدود» (ص144)، والصواب:«..اللألاء».
-«مرحى لنا بك يا عمر**شرّفت مجمعنا الغر»(146).
ولا يستقيم هذا البيت إيقاعيا ودلاليا إلا إذا قلنا : «..الأَغَرْ».
-«سيري كبنْت الرّقّ..»(ص99)، والصواب :...الشَّرْقِ.
-«لك القدح المعلّى من من...»(ص107)، والصواب: مِنْ مَنَارٍ.
4.لقد خرّج «المحقّق» بحور قصائد الديوان، لكنّه أهمل أخرى؛ حيث غفل عن بحور خمسِ قصائد (ص:149، 150، 249، 250)، كما جانب الصوّاب أو لم يدقق في خمسِ أخرى هي: (بني الإسلام والضاد، ص94) التي يبدو حملُها على مجزوء الهزج أقرب إلى منطقها الإيقاعي من مجزوء الوافر، وقصيدة (يا فلاح، ص240) التي تبدو بعيدة عن «مجزوء البسيط» !، بل هي من مجزوء الرجز.
وقصيدة (على لسان لاجئة فلسطينية:196) التي هي من مجزوء الكامل تحديدا (وليس الكامل !)، وقصيدة (وحدة الوطن: 156) التي هي من مشطور المتدارك وليس من المتدارك ! .
وقصيدة (نوفمبر:178) التي هي من مشطور المتدارك وليس من مجزوئه، كما ورد !.
5.يسمّي الدكتور عبد الله حمّادي صنيعَه هذا (الذي لاشكَّ في أهمّيته الأدبية والتاريخية الجَسِيمة) «جمْعًا» و «تحْقيقًا»، ونحن هنا نستسمح أستاذنا الكبير في الإعتراض على هذا الوصف (وخاصة أنّ صاحبَه هو سيّد العارفين بطبيعة المحقّق وشروط التحقيق؛ إذْ سبق له أن أبلى البلاء الكبير في هذا المضمار الشاق !)؛ ذلك أنّنا سمعْنا من سعادة السّفير (ابن الشاعر) أنّ أسرةَ الشاعر قد سلّمت الدكتور حمادي ديوان الغوالمي مجموعا(*) !، وبمراجعة بسيطة لقصيدتيْ (بنت المغارب) و(فلا تحفل بغير العلم زادا)، على كتاب (الأدب الجزائري في تونس)(16) للدكتور محمد صالح الجابري الذي نقَلَ القصيدتيْن من جريدة (الصريح) التونسية، نلاحظ اختلافا واضحًا في رواية بعض الأبيات (ممّا يقطع الشك باليقين، ويرجّح أنّ الدكتور حمادي لم يعدْ إلى أرشيف الصحافة التونسية، بل اكتفى بالعودة إلى «المخطوط الجاهز» الذي لاشك أنّ صاحبه قد أدخل عليه تعديلات طفيفة...)، كما يلاحظ أنّ هوامش القصيدتيْن (التي قد توهمُ بأنها هوامش التحقيق !) هي نفسُها الهوامش التي وضعَها الشاعر لقصيدتيْه !، وأنّ توثيق زمكان نشر القصائد في الصحافة التونسية والجزائرية هو عمل الشاعر نفسه لا المحقّق، كما يبدو من خلال صور القصائد المخطوطة بخطّ الشاعر أو النّاسخ، ساعتها يغدو «التحقيق» مجرد «غنيمةٍ باردة» !.


وحين يسكت المخطوط عن هذه الإشارات، يسكتُ «المحقّق» أيضاً؛ فنجد أنفسنا أمام قصائد كثيرة لا توطئة لها ولا هوامش (ماعدا بحر القصيدة) [أنظر صفحات: 157، 162، 163، 165، 184، 185، 186، 192، 194، 196، 239، 240،...]، كيف ذلك وقد عوَّدنا الدكتور حمادي -في تحقيقاته العلمية البارعة-أن يجعل فضاء الحواشي أوْسَعَ من فضاء المتون؟ ! .


وعلى كلّ حال، فأنا لا أتصوّر أنّ الدكتور حمادي كان يضيره شيء لو أنّه حذف كلمة (تحقيق) من غلاف الديوان، لأنّ المقدمة الضافية البارعة التي جعلها تحتلّ رُبُعَ صفحات الديوان تُغْنيهِ عن أيّ فعْل آخر.


معذرةً لأستاذي الكبير على هذه «الجمل الإعتراضية» التي ما أردتُ من ورائها غير ما علَّمني في مقياس (تحقيق المخطوطات) ذات سنة خالية من سنوات الدراسات العليا (عليها السلام !، وآمُلُ أن يكون ما فعله الدكتور حمادي فاتحةً لأفعالٍ مماثلة مع شعراء جزائريين آخرين قضوا نحْبهم ولم يتركوا لنا دواوين مطبوعة تذكّرنا بهم (حمزة بوكوشة، الزاهريّان بل الزاهريّون الثلاثة !، موسى نويوات، الأمين العمودي، سعد الدين خمار، الطاهر بوشوشي،...)، وآخرين مشرفين على الموت، بل هم أموات في أجساد حيّة تستغيث ! (قد يكون منهم أحمد بن ذياب، وبدرجة أقل محمد الصالح رمضان،...)، حفظهم الله ورعاهم !.

 الشاعر الجزائري أحمد الغوالمي (1920-1996)
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آµط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©