التدوين التاريخي عن العرب المسلمين

ارتبطت نشاة حركة التدوين التاريخي في بدايتها في طبيعة الدعوة و الرسالة الاسلامية و هنا يجب ان نستحضر خطورة التحول الذي احدثه الاسلام كدين و رسالة في شبه الجزيرة العربية من مجتمع تحكمه القبلية و العصبية ليس لديه وعي و غياب التنظيم

اتجه المسلمون الى تسجيل الاحداث فكان ظهور الرسول (ص) حدثا عظيما و لذلك فان تسجيل الاحداث بدا مع ظهور الاسلام و لذلك فان المسلمون اهتموا بتسجيل ما يرتبط مع الرسول و ما يرتبط به من اصحابه

فالتدوين التاريخي عند العرب المسلمين يتصل بالحديث الشريف حيث كان الاهتمام كبيرا في معرفة ما رواه الرسول (ص) لانه كان المثل الاعلى و كان كلامه صادقا و قدوة لجميع المسلمين

اما بالنسبة لبداية التدوين عند العرب المسلمين فيعتقد انها كانت في زمن بن ابي سفيان و لكننا نجد ان التدوين الفعلي قد بدا حوالي منتصف القرن الثاني الهجري حيث كان الاتجاه العام الى كتابة التاريخ قد بدا الى كتابة التاريخ قد بدا من ناحيته الخاصة لا العامة و هي سيرة الرسول (ص)

سنة 143هج (760م) بدا تدوين العلوم العربية و شرع علماء الاسلام في هذا العصر في تدوين الحديث و الفقه و التفسير قبل هذا العصر كان الائمة يتكلمون من حفظهم او يرون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة.

و ما يلحظ هو ان الامم الاخرى استاثرت بطريقة الاسلوب الذي اعتمده المسلمون في تدوين الاحاديث و هي طريقة الاسناد التي ستعتمدها امم اخرى في تسجيل احداثها

و من الحقائق التي يؤكد عليها الذهبي المتوفى سنة 748هج ان القرن الثاني الهجري هو فترة الانتقال من مرحلة التسجيل الغير مرتب الى مرحلة التصنيف المبوب.

* مراحل نشاة التدوين التاريخي *

نلاحظ في نشاة التدوين التاريخي انه مر ب3 مراحل هي

مرحلة التدوين الاولى: تبدا مع بداية العهد الاموي و تستمر حتى نهايته في مطلع القرن الثاني الهجري و كان اهتمام التدوين فيها متجها بصورة خاصة الى مواضيع محددة من السيرة النبوية الشريفة.

و بدات عملية التدوين نقلا عن الشفاه و بعض الوثائق الاثرية و الكتب الدينية التي نزلت قبل الاسلام و اشتهر في هذه المرحلة بعض الرواة مثل

عقيل بن ابي طالب - عمر بن خولة - ابو الخنساء عباد بن كسيب ساهمو في الخطوات الاولى للانتقال بالتاريخ من من حالة المعرفة الشفهية الى المعرفة الكتابية و من التاريخ المروي الى التاريخ المكتوب.

مرحلة التدوين الثانية: و تبدا من مطلع ق2 هجري حتى نهايته تقريبا في هذه المرحلة اهتم الاخباريون بجمع الاخبار المختلفة فوجد المؤرخون في هذا المجال ميادين هامة لفعاليتهم الفكرية و الثقافية و مواضيع مهمة للناس من النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لم تطرق سابقا فظهرت العديد من الكتب و الرسائل التاريخية المهتمة بالتاريخ الاسلامي بشكل خاص و بتاريخ العرب الجاهلي و تواريخ الامم الاخرى بشكل عام و من مؤرخي هذه المرحلة مجد ابو محنف - سيف بن عمر - الهيثم بن عدي - المدائني و هو من رواد نهاية المرحلة

مرحلة التدوين التالثة: امتدت هذه المرحلة حتى نهاية ق3 هجري و خلالها توطد علم التاريخ العربي الاسلامي و توطدت مناهجه في التدوين من حيث الاعتماد على التسلسل الزمني و ظهرت المؤلفات المتخصصة ككتب التراجم و الطبقات المتنوعة كطبقات الادباء و الاطباء و الرسل و الملوك و ظهرت ايضا الموسوعات التاريخية الكبيرة و شهد ظهور حركة الترجمة و التطور الحضاري الذي حصل في العصر العباسي الاول و امتلك المؤرخون خبرات اظافية جعلتهم اكثر عمقا في النظرة التاريخية لمختلف الحضارات و هذه المرحلة هي المرحلة التي استقر فيها علم التاريخ مع نشاة التدوين التاريخي المنظم و من المؤرخين المشهورين في هذه المرحلة نجد: الهيثم بن عدي الذي وضع اول كتاب في التاريخ على اساس السنين و على اساس الطبقات لتراجم الرجال و قد احتلت كتب التراجم مكانا مرموقا في تاريخ العرب فيما بعد فما الفه العرب في هذا المجال يفوق ما الفه الرومان و اليونان و من هذه الكتب المهمة: كتاب الطبقات لابن سعد و يتعلق بشكل خاص بحياة الرسول (ص) و الصحابة.

* اصناف الكتب التاريخية التي ظهرت عند المسلمين *

* كتب السيرة النبوية: (سيرة ابن اسحاق - ابن هشام) و تنقسم الى 3 اقسام

- المبتدئ: تاريخ الرسالات السابقة عن الاسلام و يشير الى تاريخ اليمن في الجاهلية و تاريخ القبائل في الجاهلية و يشير الى اجداد الرسول

- المبعث: يشير الى بعثة الرسول (ص) و تكون هنا الاشارة الى حياة الرسول بمكة و الهجرة نحو المدينة و يثرب و الحبشة

- المغازي: يتناول هذا الجزء حياة الرسول (ص) في المدينة و الغزوات التي قام بها الرسول (ص) ضد الكفار

* كتب الطبقات: هي كتب ارتبطت بعلم الحديث اذ يعرف اصحابها برواة الحديث

* كتب التراجم: لا تلتزم الترتيب بحسب الطبقات و انما تعتمد الترجمة

* كتب الفتوح: تتعلق بالفتوحات الاسلامية ككتاب (فتوح المغرب و مصر و الاندلس - فتوح الشام)

* كتب الانساب: جمع الاخبار (انساب القبائل العربية) مثل كتاب (جمهرة النسب) و (نسب قريش) و (جمهرة عرب الانساب)

* التواريخ المحلية: تؤرخ لاقليم بعينه ككتاب "تاريخ بغداد"

* مدرستي المدينة و العراق *

تمثلان المدارس الكبرى التي كان لها الفضل في حركة التدوين التاريخي عند المسلمين

مدرسة المدينة: لها اهمية كبيرة لان اعلامها كان لهم احتكاك كبير بالصحابة و ابناء الصحابة ضمت مجموعة من الاسماء بعضهم كانو اخباريين جمعو اخبار تتصل بالمغازي و جمعو صحف تضم احاديث نبوية و كان لهم الفضل في بث الاخبار عن ابناء الصحابة و البعض الاخر يعتبر من اعلام مدرسة المدينة كانت كتابتهم حول الاحزاب السياسية كالشيعة و الخوارج هؤلاء الاعلام كان لهم اهتمام بتسجيل احداث الرسول (ص) و الاحداث التي تهتم بفترة الخلفاء

مدرسة العراق: جاءت في مرحلة تالية على مدرسة المدينة تمثل بعض التحولات السياسية و الاجتماعية التي عرفتها الدولة الاسلامية و كان للاخباريين الفضل في بث اخبار بلاد العراق و ارتبطت هذه المدرسة بالاماكن التي اتخدها المسلمون في بلاد العراق كالكوفة و البصرة و من اعلامها ابو محنف و هو من اخباريي اهل الكوفة و كان ذو نزعة شيعية الف حول حروب الردة و الفتوح.

الطبري: كان مؤرخا وضع كتابا في التاريخ بعنوان " تاريخ الرسل و الملوك" من 13 جزء

عوانة المدائني: توفي سنة 225هج و هذا الاخير اهتم باخبار الكتب و كان له علم بشعر الانساب و هو من الكوفة

سيف بن عمر: توفي سنة 180هج و هو من بلاد العراق كان معتدلا في عقيدته