الاعلام ابان الثورة التحريرية-جريدة المجاهد نمودجا ......2
آخر
الصفحة
samo efct

  • المشاركات: 16486
    نقاط التميز: 8254
عضو أساسي
samo efct

عضو أساسي
المشاركات: 16486
نقاط التميز: 8254
معدل المشاركات يوميا: 2.8
الأيام منذ الإنضمام: 5963
  • 16:58 - 2010/07/11
ويذكر أحمد حمدي أن صحيفة المجاهد مرت بثلاث مراحل أساسية : المرحلة الأولى هي التى كانت تصدر خلالها الجريدة فى مدينة الجزائر وتمتد هذه المرحلة من أول يوم صدرت فيه فى جوان 1956 الى 25جانفي 1957 حيث تمكن المستعمر من إكتشاف مقرها فى حي القصبة إبان معركة التحرير.أما المرحلة الثانية فهي المرحلة التى أصبحت تصدر فيها من مدينة تيطوان بالمغرب من 5 أوت 1957 الى أول نوفمبر من السنة نفسها حيث حولتها لجنة التنسيق والتنفيذ الى تونس لتكون قريبة من قيادة الجبهة.وأما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي المرحلة التونسية وتمتد من أول نوفمبر 1957 الى غاية حصول الجزائر على إستقلالها وهي أطول مرحلة مقارنة بالمراحل السابقة.
صدرت المجاهد فى المرحلة الأولى كنشرة مسحوبة على الرونيو ، ولم يتجاوز سحبها للعدد الواحد2000 نسخة.وهذا مما أدى الى ضياع بعض الأعداد.وتجدر الاشارة الى أنه صدر خلال هذه المرحلة سبعة أعداد.وقد خصص العدد الرابع لنشر مقررات مؤتمر الصومام فى حين ضاع العدد الخامس والسادس.وتم تدمير العدد السابع فى مخبأ الجريدة بحي القصبة مع آلة الرونيو التى كان يسحب عليها.
أما المرحلة المغربية فتبدأ من 25جانفي1957 الى 5أوت 1957 حيث عادت الى الساحة بشكل جديد فبعد أن كانت نشرية تسحب على آلة الرونيو أصبحت صحيفة وتسحب فى المطبعة.بالاضافة الى خروجها من السرية الى العلنية.كما أنها أعلنت رسميا أنها هي اللسان المركزي الوحيد لجبهة التحرير الوطني والمعبر عنها.وبذلك تحول شعار الصحيفة من ( لسان حال جبهة التحرير الوطني) الى (اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني).كما تم حذف شعار (الثورة من الشعب والى الشعب)ثم عاد من جديد إبتداء من العدد التاسع.وقد صدر خلال هذه الفترة ثلاثة أعداد فقط.
أما المرحلة التونسية فتبدأ عقب إنعقاد الدورة الثانية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية بالقاهرة المنعقد فى الفترة الممتدة من 20أوت الى 27أوت 1957 .وفى هذه الفترة تم فصل الطبعة العربية عن الطبعة الفرنسية على أساس أن التوجه الإعلامي يجب أن يكون إتجاه الرأي العام الأوروبي والدولي.ولكن هذا الفصل لم يمس الأفكار والأراء .وتجدر الإشارة فى هذا السياق الى أنه عقب إستشهاد عبان رمضان (العدد 23 الصادر بتاريخ 7ماي1958 )تولى الإشراف على المجاهد أحمد بومنجل الى أن تم الإعلان عن الحكومة المؤقتة يوم 19سبتمبر 1958 حيث أصبحت تابعة لوزارة الأخبار تحت إشراف محمد يزيد.وبصورة عامة كان المجاهد قد أصدر 120عددا، وصلنا منها116عددا وتضمنت 1386 مادة إعلامية توزعت على الأنواع الصحفية-ما عدا الأخبار- كما يلي:
114 إفتتاحية(هناك عددان بدون إفتتاحية و4أعداد مفقودة)
209 مقالات
273 تقريرا صحفيا
200 تعليقا
127 عمودا
149تحقيق صحفيا
50حديثا صحفيا
154 دراسة
وقد تركزت هذه المادة الخبرية على الدفاع والتعبير عن أفكار جبهة التحرير الوطني وإبراز أصالة الشعب الجزائري والعمل على تدويل القضية الجزائرية وفضح أساليب ودعاية العدو أمام الرأي العام المحلي والعالمي.
ومما يمكن قوله باختصار أن الدعاية الإعلامية المخصصة للرد على دعاية الاستعمار الفرنسي قد إحتلت حيزا كبيرا.حيث فضحت الدعاية الاستعمارية وتعرية أساليبها ،وفضح جرائم الاستعمار أمام الرأي العام العالمي وتحصين الشعب الجزائري من التضليل الإعلامي الذى مارسته فرنسا، والأخبار المزيفة والملفقة وذلك بقول الحقيقة ، ومواجهة الصحافة الاستعمارية على المستوى الدولي.ففى أول عدد تكشف المجاهد عن هوية محرري الأخبار الإستعمارية وهم أعضاء المكتب الثاني التابع لمخابرات الجيش الفرنسي حيث تقوللم يعد أحد يصدق البلاغات الطنانة التى يختلقها المكتب النفساني الثاني التابع للجيش الفرنسي، ليتبرع بتوزيعها على وكالات الأنباء فى العالم أجمع.)
وعن كذب الإعلام الفرنسي تنشر المجاهد حديثا لأسير فرنسي أطلق سراحه يقول فيهإننا نعرف زيف البلاغات الفرنسية ولا يصدقها أحد منا، إنهم لا يعرفون كيف يكذبون، وفى كثير من المرات كنا نعيش بأنفسنا الوقائع الصارخة التى تكذب بلاغات القيادة الفرنسية...).إن نشر مثل هذا التصريح له تأثير كبير على الجزائريين والفرنسيين على السواء.إن التزييف الفرنسي للأخبار والأحداث بلغ أوجه إذ أسست أجهزة ضخمة لمتابعة إعلام جبهة التحرير الوطني وتزييفه وتزويره .فصحيفة المجاهد الناطقة باللغة الفرنسية قد تعرضت فى أعدادها 61،62،63،64،65،و66 لعملية تزييف تامة لكن المجاهد فضحت العملية، وتم التنديد بها من قبل الصحافة العالمية وخاصة فى الملتقى العالمي الثاني للصحافيين فى بادن(النمسا) من 8 الى 22 أكتوبر1960.
إن دراسة محتوى صحيفة المجاهد يحتاج الى وقت طويل لا يسمح به المقام ، ولكننا سنركز فقط على بعض المقالات كعينة. ففى الرد على الصحافة الفرنسية كتبت جريدة المجاهد قائلةإجتهدت الصحافة الاستعمارية مع سوء طويتها المعتادة فى الادعاء بأن المقاومة الجزائرية المعلن سيفها على المكتسحين الوحشيين ما هي الا عمل بعض العصابات الثائرة على القانون المتعطشة الى الدم ولا دين لها ولا مذهب.وقد إمتنعت دائما تلك الصحافة من إعتبار جيش التحرير الوطني كجيش حقيقي بكل معنى الكلمة وليس من المفيد فى إطار هذه المقالة الاخبارية أن تجيب على هاته المفتريات.)
كما تعتمد المجاهد على مقالات بعض الكتاب الأجانب للرد على أكاذيب فرنسا.وقد تزيد هذه المقالات مصداقية أكثر لما تنشره الصحيفة ويكون لذلك تأثير داخلي وخارجي.فتحت عنوان(صحافي أجنبي يشهد أن فرنسا تخبئ الهزائم العسكرية التى تتكبدها فى الجزائر)كتبت تقول:
(الارهاب ينتشر فى الجزائر هذا هو العنوان الذي صدرت به جريدة نيويورك تايمز فى عددها الممتاز 4/8/1956 مقالا لمراسلها فى الجزائر MICHEL KLARK ونحن ننقل منه بعض الفقرات يبين تحليل الحالة أن الأمن والنظام قد إزداد تغيرهما خلال شهر جوان وجويلية.وقد صرح روبير لاكوست الوزير المقيم بالجزائر فى الأسبوع الأخير أمام مجلس الوزراء أن الثورة قد ردعت وأن الحالة أصبحت فى تحسن مستمر.لكن الثوار قتلوا من الجنود الفرنسيين خلال شهر يولية(جويلية) أكثر مما قتلوا منهم فى شهر يونيه(جوان)... هذا ومن الظاهر أن البلاغات الرسمية لا تعطي صورة صادقة عن الحالة الراهنة فى الجزائر التى لا نشك فى أنها أردأ مما تفصح عنه التصريحات الرسمية.)
كما إهتمت المجاهد بتنوير الرأي العام بأهداف الثورة .ففى العدد الثاني وتحت عنوان(لماذا نكافح) كتبت الصحيفة قائلة إننا نكافح لتحرير الجزائر تحريرا شاملا لكي يسترجع الجزائريون حياة إجتماعية مناسبة فى نطاق الشخصية القومية الجزائرية وباعتبار التطور التاريخي فى العالم.)
ولتبيان وحشية المستعمر للرأي العام الوطني والدولي كتبت الصحيفة فى العدد الثالث مقالا تحت عنوان:'كيف يقتل جنود الاستعمار النساء الحوامل' كما إهتمت الصحيفة بما قالته الصحافة الدولية عن الجزائر.فأقتبست العديد من المقالات. كما خصصت صفحات للحديث عن الأحداث كنصف الشهر السياسي ونصف الشهر العسكري وردود الأفعال الدولية حول قضية الجزائر.
وعلى العموم لايمكن التطرق بالتحليل لمختلف المواضيع التى تناولتها الصحيفة طيلة سنوات صدورها ولكن يمكننا القول بأنها ركزت على النقاط التالية:
1. التركيز على كشف الزيف وتعرية الاشاعة والدعاية المضادة وبيان الكذب والتناقض فيها لإسقاط فاعليتها ، وتوجيه رد الفعل ضد مروجيها.، ومحاكمة الخصم وتحديه وكشف تناقضه ةتآمره وكذبه وتضليله مما يعريه أمام الرأي العام، وتشكيل الحواجز بينه وبين المساحة البشرية التى يسعى للتأثير عليها فيفقد ثقتها وتجاوبها معه.
2. إستعمال الإسقاط كأسلوب إعلامي آخر ذا فاعلية نفسية لهز العدو من داخله وإشعاره بتفاهة شخصيته ومواقفه ليكون الهزيمة فى أ‘ماقه النفسية،ويسلب منه الروح المعنوية ، والقدرة على المواجهة بتوجيه الخطاب اليه كطرف هزيل يوضع موضع الاستهزاء والسخرية.
3. إستعمال أسلوب الاستمالة والتأثير باستخدام أسلوب نفسي ووجداني مؤثر فى الطرف المتلقي بتوجيه الخطاب اللين والكلمة الجذابة والاستهواء المؤثر اليه.ليشعر المتلقي باحترام الإعلام الموجه الى شخصيته وحسن نية الجهة التى تخاطبه، وحرصها على حفظ مصالحه وكرامته، لتكوين علاقة حسنة بينه وبين الطرف الذى يوجه اليه الخطاب الإعلامي فيكسب وده وثقته ويتقبل أفكاره وخطبه.
4. إستعمال الموضوعية والاقناع المنطقي.فكما يخاطب الإعلام الجانب النفسي والعاطفى عند الانسان ويستعمله كمدخل لشخصية المتلقي للخاطب الاعلامي، وللتأثير على مساحات واسعة من الرأي العام فانه يستخدم الإقناع المنطقي والأسلوب العقلي والموضوعية العلمية ليشعر العدو وأتباعه بثقته بنفسه وتفوقه عليه لتشكيكه فى قناعاته ووضعه فى موضع الضعيف المتهم.
5. تحطيم الرموز المعادية حيث تشكل القيادة والرموز المعادية الهدف الأول للإعلام والحرب النفسية المضادة .ذلك أن الرمز والقيادة هي القوة المركزية والموجه الحركي للجماعة والأمة، وكلما كان للجماعة والأمة ثقة برموزها وتقديس لقيادتها وإرتباط وثيق بها صعب إختراق الأعلام المعادي لتحصيناتها الفكرية والدعائية لذا فان مثل الموقف يتطلب من الخطاب الإعلامي المضاد تحطيم الرمز المعادي، وعزل تأثيره، وتدمير الثقة به .ويستخدم الإعلام هذا الأسلوب لتعرية المنحرفين وكشف زيفهم وجنايتهم على الانسانية وعلى إتباعهم لفك الارتباط، وتحطيم التأثير النفسي على الرأي العام.
وفى الختام نتمنى أن هذه المداخلة المتواضعة قد بينت خطورة الاعلام وأهميته، وفى الوقت نفسه بينت كيفية تفطن الثورة لمثل هذا السلاح ووظفته جنبا الى جنب مع الكفاح المسلح.
 الاعلام ابان الثورة التحريرية-جريدة المجاهد نمودجا ......2
بداية
الصفحة