أبو العباس أحمد التيجاني
آخر
الصفحة
LeoupDIB

  • المشاركات: 8534
    نقاط التميز: 4309
عضو أساسي
LeoupDIB

عضو أساسي
المشاركات: 8534
نقاط التميز: 4309
معدل المشاركات يوميا: 1.3
الأيام منذ الإنضمام: 6812
  • 15:07 - 2009/08/09

 

سيدي أبوالعباس أحمد التجاني هو أبوالعباس أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وأمه هي السيدة عائشة بنت سيدي محمد بن السنوسي المضاوي التجاني. ولد سنة 1737 بقرية عين ماضي بالصحراء الجزائرية ـ و تُوفي سنة 1815م بفاس المغربية. هو مؤسس الطريقة التجانية الصوفية و الزاوية التيجانية.

 

ولادته ونشأته

ولد سيدي أحمد بن محمد التجاني عام 1150هجرية الموافق 1737 ميلادية بقرية عين ماضي مقر أسلافه المتأخرين. إذ انتقل جده الرابع سيدي محمد بن سالم مع أسرته من أحواز مدينة أسفي بالـمغرب الأقصى إلى بني توجين أو تيجانه وتزوج منهم وصار أولاده وأحفاده يعرفون بالتجانيين. فهم أخوال الشيخ غلبت إليه النسبة إليهم. أما نسبه الحقيقي فيرتفع إلى محمد النفس الزكية بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب. ـ حفظ القرآن حفظاً جيداً وهو ابن سبع سنوات من رواية الإمام ورش تلميذ الإمامنافع بن أبي نعيم على يد الفقيه العلامة المقرئ سيدي محمد بن حمو التجاني الماضوى الذي تتلمذ بدوره في حفظ القرآن وقراءته على شيخه العارف بالله سيدي عيسى بوعكاز الماضوى التجاني. وكان رجلاً صالحاً مشهوراً بالولاية. وبعد حفظ القرآن إشتغل سيدي أحمد التجاني بطلب العلوم الأصولية والفرعية والأدبية حتى رأس فيها وأدرك أسرار معانيها يستوي عنده في اهتمامه المنقول والمعقول. واستمر في طلب العلم ببلاده حتى بلغ مرتبة أهلته للتدريس والإفتاء قبل أن يرحل رحلته الأولى إلى فاس. ثم ما لبث وهو في عين ماضي أن مال إلى الزهد والانعزال والتأمل وحبب إليه التعبد وقيام الليل حتى إذا بلغ سن الرشد زوجه والده من غير تراخ اعتناءً بشأنه وحفظاً وصوناً لأمره ومراعاة للسنة. وصار الشيخ يدل على الله وينصح عباده وينصر سنة رسوله ويحيى أمور الدين وقلوب المؤمنين وصار يضرب المثل به وبداره في إحياء السنة وأتباع المحجة البيضاء والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ولعل هذه المؤهلات هي التي جعلت سكان بلدة عين ماضي يوافقون بالإجماع على خلافة والده في رئاسة الزاوية رغم صغر سنه الذي كان يبلغ آنذاك ستة عشرة سنة. وهى المهمة التي مارس خلالها لمدة خمس سنوات تدريس القرآن والسنة وعلوم إسلامية أخرى. تحصّل في مطلع شبابه على العلوم النقلية و العقلية، حتى أنه أفتى ودرّس وعمره لم يتجاوز 16 ربيعا بعد، بعد فقده لوالديه إثر توفيّهما بسبب تفشي وباء الطاعون عام 1166 في المنطقة ازداد شوقه إلى الفرار إلى الله ورغب في التقرب إليه ومعرفته وعمره آنذاك 16 عاماً، في 18 من عمره صار مُدرّسا في قرية عين ماضي والْتفّ حوله طلاّب العلم فأفاد وأجاد.

  رحلاته

لم يكتف سيدي أحمد التجاني بالرصيد الفقهي والصوفي الذي حصل عليه بمسقط رأسه في المغرب الأوسط، فشد الرحال إلى مدينة فاس سنة 1171هجرية الموافق 1758 ميلادية. وفاس هي المدينة الإدريسية ذات الأهمية العلمية والرمز التاريخي والشحنة الروحية القوية. غادر سيدي أحمد التجاني عين ماضي، في أول رحلة له إلى مدينة فاس وعمره 21 سنة. وخلال المدة التي قضاها بها كان يحضر مجالس العلم ويحاور ويساجل كبار علماءها. إلا أن اهتمامه كان يبدو منصبا على الجانب الروحي أكثر من أي شيء آخر، يشهد على ذلك نوعية الأشخاص الذين التقى بهم وشد الرحال إليهم داخل المدينة وخارجها: التقى في مدينة وزان بالعارف بالله الولي الكبير مولانا الطيب بن سيدي محمد بن اليملحي العلمي الوزاني القائم آنذاك بأمور الطريقة بالزاوية الوزانية خلفاً لأخيه الشيخ مولانا التهامي الوزاني. وقد كان مولانا الطيب رضي الله عنه ذائع الصيت، أذن له مولاي الطيب في تلقين ورده لكن امتنع سيدي أحمد التجاني لاشتغاله بنفسه. وفي جبل الزبيب ببني وانجل تعرف على العارف بالله سيدي محمد بن الحسن الوانجلي. التقى بمدينة فاس الولي الصالح سيدي عبد الله بن سيدي العربي بن أحمد بن محمد المعني الأندلسي من أولاد معن، وتكلم معه في عدة أمور ودعا له ثلاثا بأن يأخذ الله بيده. انتقل سيدي أحمد التجاني إلى بلد الأبيض في ناحية الصحراء حيث زاوية الشيخ الصديقي الشهير سيدي عبد القادر بن محمد الأبيض المعروف بسيدي الشيخ. فاختارها منزلاً وقراراً وانقطع فيها للعبادة والتدريس والإفادة لمدة خمس سنوات، من أوائل سنة 1181 هجرية. وكانت تأتيه الوفود للزيارة والأخذ عنه، فكان يمتنع عن ذلك كل الامتناع ويقول كلنا واحد في الانتفاع، فلا فضل لأحد على الآخر في دعوة المشيخة إلا سوء الابتداع. وقد زار خلال هذه المدة بلدة عين ماضي مسقط رأسه ودار آبائه وأجداده.

  رحلته إلى الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم

ومن زاوية الشيخ بالصحراء ارتحل سيدي أحمد التجاني إلى تلمسان، مدينة الجدار، ثم غادرها عام 1186 هجرية الموافق 1772 ميلادية، قاصداً زيارة بيت الله الحرام وزيارة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام. فلما وصل إلى بلاد ازواوى، سمع بالشيخ الإمام سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري، ذي الصيت الواسع. فزاره وأخذ عنه الطريقة الخلوتية. ولما وصل تونس، في نفس السنة، لقي بعض الأولياء بها، منهم الولي الشهير سيدي عبد الصمد الرحوي. ومكث سيدي أحمد التجاني سنة، ما بين مدينة تونس العاصمة ومدينة سوسة، فأفتى بها وأجاب على كثير من الأسئلة، ودرس عدة علوم وكتب، في مقدمتها كتاب الحكم. فذاع صيته وبلغ خبره إلى أمير البلاد. فطلب منه الإقامة بالديار التونسية للتدريس والإفادة من علومه، وأعطاه داراً وخصص له أجرة مهمة للعمل. غير أن سيدي أحمد التجاني، الذي كان وجدانه مشدودا إلى ما هو أطهر وأسمى، لما جاءه كتاب الأمير أمسكه وسكت وتهيأ من الغد للسفر بحراً لـمصر. وبمجرد وصوله إلى مصر القاهرة، بحراً التقى بشيخها الأكبر، في ذلك الوقت، سيدي محمد الكردي المصري داراً وقراراً العراقي أصلاً ومنشأ. ومن مصر توجه إلى بيت الله الحرام. وكان وصوله إلى مكة في شهر شوال عام 1773م الموافق 1187 هجرية. فسمع بها بالشيخ أبي العباس سيدي أحمد بن عبد الله الهندي، الذي لم يكن له إذن بملاقاة أحد. ورغم ذلك أخذ عنه سيدي أحمد التجاني عن طريق رسول خاص. وبعد أن أكمل شعائر الحج وزيارة قبر جده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، توجه إلى لقاء سيدي محمد بن عبد الكريم السمان.

  العودة من المشرق إلى المغرب والرحلة الثانية إلى فاس

عاد إلى القاهرة مع ركب الحجيج. وبمجرد وصوله ذهب لزيارة الشيخ الكردي والسلام عليه تأدبا. فرحب به وطلب منه أن يعود لزيارته كل يوم. فامتثل لرغبته. وتطور هذا اللقاء اليومي بينهما إلى جلسات علمية ومناظرات. فكان الكثير من الحاضرين يطرحون خلالها ما أشكل عليهم من المسائل والقضايا، فكان يجيب عليها بكل كفاءة واقتدار. فذاع صيته بمصر، ووفد عليه الكثير من العلماء للاستفادة من علومه الغزيرة. ثم عاد إلى تونس، ولم يمكث بها طويلا، وارتحل إلى تلمسان عام 1188هجرية الموافق 1774 ميلادية. فقضى فيها حوالي ثلاث سنوات في العبادة والمجاهدة والدلالة على الله. وفي سنة في 1191هجرية الموافق 1777 ميلادية عاد سيدي أحمد التجاني ثانية من تلمسان إلى فاس، قاصداً زيارة مولاي إدريس الأزهر. والتقى في هذه الرحلة بكاتبه سيدي محمد بن المشرى الحسنى السباعي السائحي التكرتى الدار. ومنذ التقائه به صار يؤم به الصلاة وبأهله، ويقوم مقامه في كتابة الأجوبة حتى سنة 1208 هجرية، الموافق 1794 ميلادية، وهي السنة التي بدأ فيها سيدي أحمد التجاني القيام بالإمامة بنفسه. وفى مدينة وجدة وهو قافل إلى فاس التقى بسيدي علي حرازم الفاسي لأول مرة، فتوجها معا إلى مدينة فاس. وبعد زيارة ضريح مولاي إدريس أخبر تلميذه علي حرازم بأنه عازم على العودة إلى تلمسان، فودع تلميذه في نفس السنة التي وصل فيها إلى فاس وطلب منه ملازمة العهد والمحبة وصدق التوجه الله. مكث سيدي أحمد التجاني في تلمسان مدة ثم غادرها إلى قصر الشلالة وأبي سمغون، حيث ضريح الولي الصالح الذي سمي القصر باسمه. حل سيدي أحمد التجاني بقصر أبي سمغون سنة الموافق 1196 هجرية 1781 ميلادية وبها أنشأ طريقته الطريقة التجانيةعام ( 1196هـ)وصارت فاس المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها تخرج الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة. ثم انتقل من أبى سمغون من بلاد الصحراء، في السابع عشر من ربيع الأول سنة 1213 هجرية، ودخل فاس في السادس من ربيع الثاني في العام نفسه. وبعد أن ركز سيدي أحمد التجاني أسس الزاوية استمر في نشر الطريقة والإذن في الأوراد. فانطلقت الطريقة التجانية لتعم المغرب الأقصى بكاملها والصحراء والسودان الغربي. وقد برز سيدي أحمد التجاني شيخاً عارفاً بالله كرس حياته للتربية الروحية والأخذ بيد السالكين، خصوصاً بعد هجرته إلى فاس للإقامة بها بصفة نهائية إلى لقي ربه في صبح يوم الخميس السابع عشر من شوال سنة 1230 هجرية الموافق 1815 ميلادية، وله يومئذ ثمانون سنة، ودفن في فاس، رضي الله عنه وأرضاه.

  من صفاته وأقواله رضي الله عنه

كان الشيخ رضي الله عنه من أعظم الأئمة في من أجمع العلماء على تعظيمه وتوقيره واحترامه من غير مدافع ولا منازع من أرباب الصدق، وإليه انتهت رئاسة هذا الشأن في تربية السالكين وتهذيب المريدين. فهو رضي الله عنه شريف الخلاق، لطيف الصفات، كامل الأدب، جليل القدر، وافر العقل، دائم البشر، مخفوض الجناح، كثير التواضع، شديد الحياء، متبع أحكام الشرع وآداب السنة، محباً لأهل الصلاح والفضل، مكرما لأرباب العلم. سئل رضي الله عنه أيكذب عليك قال: نعم؛ إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فاعملوا به وإن خالف فاتركوه. من نصائح سيدي أحمد لحفظة القرآن: أقل ما يجزئ حافظ القرآن في كل يوم حزبان.

 أبو العباس أحمد التيجاني
بداية
الصفحة