في موضوع سابق رأينا أن الخليل بن أحمد استخرج من دوائره بحورا مهملة
فهل لهاته البحور شواهد من الشعر العربي
و هل النظم عليها يعتبر تجديدا في الشعر
قضية كثر فيها الخلاف ....إليكم الموضوع :
الموضوع مقتبس من بحث للسيد : خلفان بن ناصر الجابري - باحث من سلطنة عمان -
البحور الستة المهملة في الدوائر الخليلية :
لقد رأى الباحث أحمد سليمان ياقوت* : أن ينفض الغبار عن هذه البحور, ويوضح تفعيلاتها وإمكاناتها, وقد حدد زحافات وعللا لها مستنبطة من النسق العام الذي تجرى عليه البحور مع مراعاة الذوق والإيقاع الموسيقي لها قدر الإمكان علما بأنه يمكن أن يكون لها زحافات وعلل أخرى غير التي استنبطت.
1- البحر المستطيل:
بحر مهمل من بحور دائرة المختلف التي تحوي الطويل والمديد والبسيط, ووزنه: مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
وهذا الوزن هو نفسه وزن الوسيم:
فعولن فاعلاتن فعولن فاعلاتن *** فعولن فاعلاتن فعولن فاعلاتن
الذي قيل بأنه خارج عن دوائر الخليل وهو كما ترى موجود فيها.
ومن شواهده :
لقد هاج اشتياقي غرير الطرف أحور
أدير الصدغ منه على مسك وعنبر
أمط عني ملاما برى جسمي مداه
فما قلبي جليدا على سمع الملام
أيسلو عنك قلب بنار الحب يصلى
وقد سددت نحوي من الألحاظ نصلا
ويمكن أن يستخدم هذا البحر مجزوءا أي مفاعيلن فعولن مفاعيلن أو مشطورا مفاعيلن فعولن ويحكى لامرئ القيس أشعارا بهذا الوزن منها :
ألا يا عين فابكي على فقدي لملكي
وإتلافي لمالي بلا حرف وجهد
تخطيت بلادا وضيعت قلابا
وقد كنت قديما أخا عز ومجد
(السكاكي, 1937: 169).
ويمكن أن تجعل من تام المستطيل أيضا .
الزحافات التي تصيب هذا البحر :
1- القبض : فعولن فعول , مفاعيلن مفاعلن
2- الكف : مفاعيلن مفاعيل
صور هذا البحر :
1- العروض صحيحة الضرب صحيح
فعولن فعولن
2- العروض صحيحة الضرب مقصور
فعولن فعول
3- العروض صحيحة الضرب محذوف
فعولن فعو
4- العروض مجزوءة مقبوضة الضرب مجزوء صحيح
مفاعلن مفاعيلن
5- العروض مجزوءة مقبوضة الضرب مجزوء مقبوض
مفاعلن مفاعلن
6- العروض مجزوءة مقبوضة الضرب مجزوء محذوف
مفاعلن مفاعي
7- العروض مشطورة صحيحة
الضرب مشطور صحيح
فعولن فعولن
2- البحر الممتد:
هذا البحر من دائرة المختلف ووزنه :
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن *** فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
ومن شواهده :
صاد قلبي غزال أحور ذو دلال
كلما زدت قربا زاد مني نفورا
قد شجاني حبيب واعتراني ادكار
ليته إذ شجاني ما شجته الديار
ومنه قول أبي العتاهية :
عتب ما للخيالي خبريني ومالي
عتب مالي أراه صامتا مذ ليالي
وبذلك يبطل قوله أنا أكبر من العروض لأن الناظر يرى أن أبياته جرت على وزن من أوزان الشعر العربي ولم تخرج عنه(5).
ويمكن أن يستخدم هذا الوزن مجزوءا أو مشطورا وهو ذو نغم جميل كما أن النثرية لا تغلب عليه كما قال يوسف (1989: 8).
زحافاته :
1- الخبن : فاعلن ? فعلن , فاعلاتن ? فعلاتن
2- الكف : فاعلاتن ? فاعلات
صوره :
1- العروض صحيحة (فاعلاتن) ولها ثلاثة أضرب :
أ- صحيح : فاعلاتن
ب- مقصور : فاعلات
ج- محذوف : فاعلن
2- العروض مجزوءة صحيحة (فاعلن) ولها ضربان :
أ- صحيح : فاعلن
ب- مقطوع : فع لن
3- بحر المتوفر أو المتوافر:
وهو من دائرة المؤتلف التي تضم الوافر والكامل, ووزنه :
فاعلاتك فاعلاتك فاعلاتك *** فاعلاتك فاعلاتك فاعلاتك
غير أن تفعيلتي العروض والضرب لا تأتيان فاعلاتك وإنما فاعلا أو فاعلن ولذلك جعل بعضهم وزنه فاعلن متفاعلن متفاعلن في الشطرين, وقد قال الصفاقسي في سبب إهماله أنه ما يلزم عليه من المحذور, وهو إما لزوم الوقف على المتحرك إن ترك الحرف الأخير على حاله من المتحرك أو عدم تماثل أجزاء البيت إن سكن لأنه من دائرة المؤتلف وهي مبنية على تماثل الأجزاء (السالمي,1993: 97).
ويرى الشريف أن السبب في إهمال فاعلاتك أن السبب الثقيل لا يفارق الخفيف فهما معا كالصوت الواحد ولذلك يسميها العروضيون فاصلة فلولا أن مجموعها عندهم شيء واحد أو كالشيء الواحد لما وضعوا لهما معا اسما, وهذا غير متحقق في فاعلاتك (الدماميني,3091: 9-01, 71).
ومن شواهده :
1- ما رأيت من الجآذر بالجزيرة
إذ رمين بأسهم جرحت فؤادي
2- ما وقوفك بالركائب في الطلل
ما سؤالك عن حبيبك قد رحل
ويرى الباحث أن يسمى هذا البحر المتسارع لتسارع الحركة فيه بدلا من المتوافر, وما ذكره الشريف لا يتفق معه فيه لأننا نتعامل مع البحر كوزن يتكون من تفعيلات تترابط فيما بينها لتشكل إيقاعا معينا لا كوحدات منفصلة.
أنواع الزحافات :
1- تسكين الكاف المتحركة فيه
ملحوظة : دخول الخبن في هذا البحر غير مستساغ إيقاعا.
صوره :
1- العروض (فاعلاتك ) ولها ضربان:
أ- فاعلن بـ فاعلات
2- العروض (فاعلن) ولها ضربان:
أ- فاعلن ب- فاعلات
4- بحر المتئد:
وهو من بحور دائرة المشتبه ووزنه:
فاعلاتن فاعلاتن مستفع لنفاعلاتن فاعلاتن مستفع لن
ولا يمكن أن يستعمل مجزوءا لأنه سيكون مجزوء الرمل.
من شواهده:
1- ما لسلمى في البرايا من مشبه
لا ولا البدر المنير المستكمل
2- كن لأخلاق التصابي مستمرئا
ولأحوال الشباب مستحليا
وهو ذو نغم جميل.
أنواع الزحاف فيه:
1- الخبن
2- الكف
صوره:
1- العروض صحيحة (مستفع لن) ولها ضربان:
أ- صحيح (مستفع لن)
ب- مخبون مقصور: (متفع ل ) = (فعولن)
؛قال الصفاقسي: وزعم الزجاج أن سبب اطراحه ما يلزم عليه لو تم من وقوع مستفع لن المفروقة الوتد في العروض وهو مجتنب عندهم لأنها عمدة والأسباب مع الوتد المفروق ضعيفة« (الدماميني,1903: 19-20).
وهذا كلام غير مقبول ويكفي للرد عليه ورود مجزوء للخفيف في الشعر العربي وهو
(فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن مستفع لن).
5- بحر المنسرد:
وهو أيضا من دائرة المشتبه ووزنه:
مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن *** مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن
ولا يستعمل مجزوءا .
ومن شواهده:
1- على العقل عول في كل شأن
ودان كل من شئت أن تداني
2- لقد ناديت أقواما حين جابوا
وما بالسمع من وقر لو أجابوا
زحافاته: 1- القبض 2- الكف
صوره:
العروض صحيحة والضرب صحيح
فاع لاتن فاع لاتن
؛قال الصفاقسي: وعلل الزجاج اطراحه بما تقدم(6)« (الدماميني,1903: 20)
وهو كلام غير مقبول- أيضا - ويكفي للرد عليه ورود مجزوء المضارع
مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن فاع لاتن
مع العلم أن بحر المضارع لا يستعمل إلا مجزوءا .
6- بحر المطرد:
وهو أيضا من دائرة المشتبه ووزنه:
فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن *** فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن
ويمكن أن يستعمل مجزوءا
ومن شواهده:
1- من مجيري من الأشجان والكرب
من مزيلي من الأبعاد بالقرب
2- ما على مستهام ريع بالصد
فاشتكى ثم أبكاني من الوجد
قال الدماميني عن هذا البحر: ؛ولا عل ة لاطراحه لا تمامها ولا مجزوءا إلا عدم السماع« (الدماميني,1903: 02).
أنواع زحافاته: 1- القبض 2- الكف
صوره:
1- العروض صحيحة (مفاعيلن) ولها ضربان:
أ- صحيح (مفاعيلن)
ب- مقبوض (مفاعلن)
2- العروض مقبوضة (مفاعلن) ولها ضربان:
أ- صحيح (مفاعيلن)
ب- مقبوض (مفاعلن)
3- العروض مجزوءة صحيحة ولها ضربان:
أ- مجزوء صحيح (مفاعيلن)
ب- مجزوء مقبوض (مفاعلن)
4- العروض مجزوءة مقبوضة ولها ضربان:
أ- مجزوء صحيح (مفاعيلن)
ب- مجزوء مقبوض (مفاعلن)
مما سبق تتضح لنا عبقرية الخليل بن أحمد في علم العروض كما رأيناها في وضع أول معجم في اللغة, ولقد حاول الباحث قدر جهده إبراز صور البحور المهملة(7) وهناك بلا شك صور وبحور أخرى لم يذكرها, ولذلك فإنه يدعو الشعراء إلى النظم عليها حتى تكون مستعملة وتضاف إلى البحور الستة عشر.
""" إن نظرية الدوائر العروضية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مكتشف بحر المتدارك ومكتشف أي بحر وضع بعده. """
* 15- ياقوت, أحمد سليمان. (1989). عروض الخليل ما لها وما عليها, ط1, دار المعرفة الجامعية: الإسكندرية.
* تنبيه : إن كان هناك أي خطأ في النقل أو النسبة إلى المصادر يرجى التنبيه عليه .