الإستنساخ و التعديل الوراثي بين الرفض و القبول
آخر
الصفحة
العروي
- عضوية مقفولة -
العروي
- عضوية مقفولة -
  • 23:50 - 2008/01/18

  بسم الله الرحمان الرحيم                                

                     عرض حول            : الإستنساخ و التعديل الوراثي بين الرفض و القبول

 

 

 

     مقدمة :   حتى تاريخ 1970 ميلادية كان إجراء الأبحاث على الحمض النووي ( ADN )من أصعب الأمور التي كانت تواجه علماء الوراثة و الكيمياء.و كانت معظم الأبحاث تجرى بشكل غير مباشر على الحمض النووي الريبوزي ( ARN )أو البروتين.و لكن الحال تحول بشكل كامل فأصبح علم الوراثة المتعلق بفحص ADN (و المعروف بعلم الوراثة الجزيئية)من أسهل العلوم و أكثرها تطورا.لقد أصبح من السهل صنع نسخ عديدة من أي جين (مورث) أو مقطع محدد من ADN .كما أمكن معرفة تسلسل الأحماض النووية بسرعة تتعدى المئات في اليوم الواحد.كما استطاع العلماء استكشاف الجينات الموجودة  على الكروموسومات كما استطاعوا تغيير و تعديلها بالشكل الذي يريدون و ليس هذا فحسب بل استطاعوا أن يعيدوا هذه الجينات المعدلة إلى الخلية و غرزها في الكروموسوم الذي يريدون.كما أمكن إنتاج كميات كبيرة من البروتينات كالهرمونات و اللقاحات المختلفة و التي كانت تنتج في السابق من الجثث الميتة أو تستخلص من الحيوانات و التي كانت تحوفها المخاطر من انتقال العدوى إلىالإنسان.كما أن هذه الثورة العلمية فتحة المجال أمام الكثيرين من محبي هذا العلم في اختراع و اكتشاف طرق جديدة و حديثة في التعامل و حفظ و تغيير هذه المادة الحيوية في الإنسان و الحيوان و النبات.لقد غير هذا العلم المنطلق كالصاروخ الكثير من المفاهيم الطبية و التي دفعت كثير من كليات الطب إلى تعديل مقرراتها لتزويد طلابها بالمزيد من هذا العلم. لقد أُطلق على عملية نسخ و تعديل و زرع الجينات اسم الهندسة الوراثية و هو اسم عام لا يحدد فكرة معينة أو تقنيه محدده، ولكنه يعني بكل ما يقام به في تغيير أو تعديل المادة الوراثية.و يتفرع من هذا العلم الكثير من التقنيات و هي متناثرة و موزعة على الكثير من فروع الطب و العلوم. إذن فما هو الإستنساخ وكيفية حدوثه وما هي أبعاده ؟و ما هو التعديل الوراثي ؟.

     

        1 _ الإستنساخ : مفهومه. كيفية حدوثه :

                 

                  أ   ( مفهوم الإستنساخ :

 

                    أولاً: معنى الاستنساخ في اللغة :

        الاستنساخ من النسخ، والألف والسين والتاء للطلب، ويطلق النسخ على معنيين، أحدهما: النقل: ومنه نسخ الكتاب: أي نقل صورته إلى كتاب آخر، قال تعالى: إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) الجاثية : 29 ( ، أي ننسخ ما تكتبه الحفظة، فيثبت عند الله سبحانه، والآخر: الإزالة، ومنه قول الله تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) البقرة: 106}، والمعنى الأول هو المراد من الاستنساخ في هذا البحث، وهو طلب الحصول على نسخة أخرى غير المنقول عنها، وقد يطلق على هذه التقنية: النسخ، أو الاستنساخ الحيوي، أو العذري، أو اللاجنسي، أو البشري، أو نحو ذلك من إطلاقات تبعاً لنوع الاستنساخ.
                       ثانياً: معنى الإستنساخ في عرف العلماء :  

        الاستنساخ من (نسخ) وهو الحصول على صورة طبق الأصل عن النسخة الأصلية، عن طريق زرع خلية عادية في بويضة افرغت من الكروموزوم، أي من الإرث الجيني، بحيث تصبح خلية قابلة للتكاثر عن طريق الانقسام الخليوي المعتاد، ثم ملؤها بخلية أخرى من كائن مكتمل النمو، تحمل صفاته الوراثية وزرعها في رحم أنثى بالغة.. لتأتي النتيجة جنيناً أو مولوداً مستنسخاً عن صاحب الخلية المزروعة .

 

                  ب ( كيفية حدوث الإستنساخ :    ) مثال النعجة دولي (

      

        أحدث الإفصاح عن استنساخ النعجة " دولي" في أوائل سنة 1997 دويا هائلا في عموم الكرة الأرضية على كافة الأصعدة العلمية والدينية

والاجتماعية. و هذه أهم   الخطوات التي   قام بها   العالم   وايلموت في عملية   استنساخ   دولي :
أولا: أخذ 277 بيضة من مبيض نعجة أنثى ذات رأس أسود، وتم نزع نوى هذه البيوض وأبقى على السيتوبلازم والغشاء الواقي فقط.
ثانيا: استخرج نوى عددا من خلايا ضرع نعجة بيضاء الرأس.
ثالثاَ: غرس داخل كل بيضة مفرغة من نواتها نواة من خلية الضرع ذات الرأس الأبيض. وهي النوى التي تحتوي على الـ 46 كروموزوم وهذا ما يسمى" بالحقيبة الوراثية" التي تعطي جميع الخصائص الذاتية للمخلوق.
رابعاَ: وضع كل خلية من الخلايا الجديدة في أنبوبة اختبار، و سلط عليها صعقة كهربائية، فتحركت بعض الخلايا للانقسام. وانقسمت فعلاَ 29 خلية، وبلغت هذه الخلايا مرحلة ( 8 - 10 خلايا متماثلة ).
خامساَ: قام بزرع الخلايا المتماثلة في مكانها في الرحم. و واحدة فقط وصلت إلى إتمام النمو فولدت النعجة دولي مماثلة لأمها ذات الرأس الأبيض.

 

 

 

 

           2 _ الإستنساخ : فوائده و مخاطره على البشرية :

 

               لقد انتقد الكثير هذه التقنية لخطورة تطبيقها على العنصر البشري، وبعض الدول حرّمت الأبحاث المتعلقة بها. وانطلقت وسائل الإعلام، وتباينت ردود الفعل الأولى من الاستنساخ البشري إلى ثلاثة آراء:الأول يشجعه، وهو موقف المتخصصين في علاج العقم. والثاني يعارضه، وهو الموقف الذي اتخذته حكومات إنكلترا وألمانيا وفرنسا. والثالث يرى عدم التسرع في الرفض أو القبول، بل تحديد فترة مؤقتة توقف فيها الأبحاث حتى تستكمل دراسة النواحي الاجتماعية والأخلاقية للاستنساخ وبعدها يقرر استئنافه أو توقيفه. وهو موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي دعت إلى وقف تمويل الأبحاث المستخدمة في الاستنساخ البشري لمدة خمس سنوات.

                   أ ( فوائد الإستنساخ :

 

            1 - يفيد الاستنساخ فى المحافظة على السلالات النادرة سواء كانت نباتية او حيوانية ومعرضة لانقراض بسبب التلوث الصناعى وخوفا من ان تتحمل البشرية اثار الافتقار الى التنوع البيولوجى Biodiversity الذى قد يعرض البشرية للمخاطر فيقوم الاستنساخ هنا بمهمة لا نجد بديل عنها وهو ما تقوم به الدول المتقدمة وهو ما يعرف بالبنوك الوراثية والتى يتم فيها جمع السلالات والأنواع النادرة وحفظها وإكثارها واستنساخها من اجل الحفاظ على معلوماتها الوراثية والتى تعتبر مصدر لمربى النبات والحيوان للاستفادة منها والآخذ منها فى استحداث وتطوير نباتاته وحيواناته من خلال التقنيات الحديثة فى التربية كالهندسة الوراثية ونقل الجينات.
2- يفيد الاستنساخ فى مجال البحث العلمى فمثلا انتاج فأر ليكون موديلا لفأر آخر يعانى من مرض وراثي محدد لإجراء تجارب علاجية وراثية لتحديد افضل سبل العلاج والتى يمكن تطبيقها على الانسان يكون هنا للاستنساخ فائدة عظيمة لاختيار افضل وانسب الطرق الصالح للبشرية.
3- اكثار الحيوانات المهندسة وراثيا لانتاج العقاقير بمعنى مضاعفة المصانع الحيوية عدديا لزيادة انتاج العقاقير.
4- اكثار التراكيب الوراثية التى اثبتت كفاءتها فى انتاج الغذاء للبشر.

                   ب ( الاستنساخ البشري و مخاطره :

                      أولا   : مخاطر الإستنساخ   البشري من الناحية الشرعية :

            - لا يصحّ أن يكون الإنسان محلّاً للتجارب العمليّة كما هو الحال بالنسبة للجماد و النّبات و الحيوان ؛ و ذلك لأنّ سبحانه و تعالى كرّم الإنسان و فضّله على جميع خلقه : خلقه بيده و نفخ فيه من روحه و جعله خليفة في الأرض ،و سخّر له كلّ ما في السماء و الأرض..بل و ملّكَهُ وحده جميع ما في الأرض بما في ذلك من بحار و أنهار و أرض ،و نبات و طير و حيوان ..و ما في باطن الأرض و البحر.
و لم يخلق الله سبحانه و تعالى هذا الإنسان المكرّم المستخلََف ليكون محلّاً للتجارب كما هو حال الجماد و النبات و الحيوان .
قال الله تعالى :
﴿ ولقد كرّمْنا بني آدم و حملناهم في البرّ و البحر و رزقناهم من الطيّبات و فضّلْناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا
الإسراء:70.
و أمّا منهج الله تعالى في خلق الإنسان : فقد بيّنه لنا سبحانه بنفسه إذ بدأ خلقه من طين ، ثمّ سوّاه و نفخ فيه من روحه ، ثمّ جعله بشراً سويّاً..ثمّ خلق من هذه النفس البشريّة التي سوّاها فأحْسَن خلقها زوجها ليسكن إليها ، ثمّ جعل منهما من بين صُلْب الرجل و من بين ترائب المرأة : جعل من هذا الماء نطفة ثمّ تكون علقة ثمّ تكون مضغة ، ثمّ تكون عظاما ، ثمّ تُكسى هذه العظام لحما ، ثمّ تُنفخ فيه الروح ، ثمّ يكون خلقا آخر ..
                           ثانيا :   مخاطر الاستنساخ البشريّ من الناحية الصحية :

فإنه سوف يؤثر سلبا بلا شكّ على النوع الإنسانيّ ؛ لأنه سوف يُضعفه كما أكد ذلك علماء الوراثة في ندوات علمية : لأنّ الاستنساخ البشريّ الكامل من خلية بشرية لا جنسية إنما يكون من خلية كاملة النضج ، و دخلت في مرحلة الشيخوخة ..و هذا بطبيعة الحال سيؤثر على النسخة التي ستنشأ عنها في المستقبل ؛ لأنها ستحمل كلّ الصفات الوراثية التي تتعلّق بها ، و منها : المرحلة العمرية ..وكما هو معلوم عند علماء الوراثة أنّ لكلّ خلية حيّة في جسم الإنسان عمرا محددا تولد ثم تموت ...
و إنه إذا كان النسخ من إنسان لذات الإنسان ..و هذا لا يُتصوّر إلّا مع امراة بنواة خلية منها توضع في بويضتها بعد تفريغها من نواتها ثمّ أعادتها إلى رحمها لاستكمال الجنين فيها ..فقد تحققت وجهة نظرنا في تحقيق هذا الضعف لهذا المستَنسَخ الجديد على فرض ميلاده حيّا ..و إنه يزيد الضعف مع الاستنساخ.
و هذا بطبيعة الحال مخالف لمنهج الله تعالى في خلقه الذي قال فيه سبحانه و تعالى
: " و أنه خلق الزوجيْن الذكر و الأنثى من نطفة إذا تُمنى " .
و أمّا إذا كان النسخ بين رجل و امرأة حيث تُؤخذ خلية الرجل غير الجنسية ، و تُؤخذ نواتها ، و توضع في بويضة الأنثى بعد تفريغها من نواتها ..ثمّ توضع في رحمها لاستكمال نموّها حتى ميلادها .
فهي إن كانت زوجته .. فما هي الفائدة إذن في هذا المنهج؟
و إن كانت غير زوجته فهو غير مشروع بالجماع ؛ لأنه سوف يؤدي إلى اختلاط الانساب و ضياعها بين الناس
.

 

           3 _ فوائد التعديل الوراثي :

                              التعديل الوراثي هو إدخال صفات وراثية جديدة على صنف ما من النباتات باستخدام التقنيات البيولوجية (الحيوية)حيث    يحسن من نوعية و جودة المنتج الزراع ي . فمثلا تضاف جينات بعض النباتات سريعة النمو إلى النباتات بطيئة النمو بهدف زيادة كمية الإنتاج .                                                                                                                                                                                 هذا و قد كان أول نبات تجرى عليه عملية التعديل الوراثي هي الطماطم و يتمثل هدف التعديل في إطالة فترة نضجها و عدم فسادها في وقت سريع .
                                *   الفرق بين النباتات المعدلة وراثيا و بين النباتات العادية
             الهدف من زراعة النباتات العادية و النباتات المعدلة وراثيا واحد . وهو إنتاج أنواع محسنة وذات إنتاج أكبر لكن الاختلاف هو في الطرق التي يتم زراعة هذه النباتات بها .   فالنباتات العادية هي النباتات التي تزرع بصورة عادية و تكون طبيعية 100% حتى و إن هجنت مع أصناف أخرى بهدف تحسين الإنتاج . أما النباتات المعدلة وراثيا فيتم باستخدام أحدث التكنولوجيا المتوصل إليها في عالم الهندسة الوراثية و نقل الجينات المطلوب نقل صفاتها من صنف إلى آخر بواسطة بعض أنواع البكتيريا أو بما يعرف بقاذف الجينات البيولوجي .

أمثلة على التحسينات التي يقوم بها التعديل الوراثي .
1)
إنتاج محصول أكبر من النباتات التي لم تعدل وراثيا
2)
إنتاج أنواع من الأرز مثلا تحتوي على البروتينات الموجودة في الفو ل . و هكذا و يكون هدف المنتجين الأساسي لهذه النباتات المعدلة وراثيا هو الربح حتى لو كان على حساب صحة الناس .

* فوائد التعديل الوراثي :

         كما ذكرت أن فوائده تعتمد على إنتاج سلالات ذات فوائد غذائية أكبرأو تحويل الخصائص الجينية لبعض النباتات مثل إنتاج البطيخ بدون بذر . كما يزيد من مقاومة النبات للحشرات . فمثلا نبتة القطن تتم مهاجمتها من قبل حشرة تدعى دودة القطن التي قد تهلك محصول كامل من القطن فتم تطوير نوعية محسنة من نبتة القطن تحتوي على مضادات لهذه الحشرة الأمر الذي يضمن عدم مهاجمة هذه الحشرة للقطن و بالتالي سلامة محصول القطن .

:   خاتمة

 المرجوا  أن يكون الموضوع في المستوى.

                                                                       من إنجاز: محسن العروي

                                                                      حرر بتاريخ:16/11/2007

                                                                                                                                             

 الإستنساخ و التعديل الوراثي بين الرفض و القبول
بداية
الصفحة