السلام عليكم ورحمة الله تعالى

أحد أفلام الرعب التي أثارت اهتمامي بقصتها وغموضها هو العين أو oculus, ذلك

للأجواء المُختلفة والغامضة والتي أثارتني طوال الفيلم, رأيتُ هنا أسلوباً ذكيّاً تم اتّباعه

من طرف المُخرج وأعجبني عبثه بعقولنا عوض عبثه بمـــشاعـــــرنا

 حسب ما شاهدته من أفلام الرعب الصادرة بسنة 2014 فلم يكن هناك من يستحقّ الإشادة من بينها سوى It Follows, التجربة الناجحة لشاب يُدعى

دايفيد روبرت ميتشيل, فكرة ممتازة أتت منه وحوّلها لتجربة سينمائية مثيرة رغم بعض من عيوبها, والتي نستطيع أن نطلق عليها اسم هفوات الشباب

وكانت هناك أفلام رعب أخرى بتلك السنة لم تغادر تفكيري, ومن بينها هذا الفيلم, وجدت فيه شيئاً مُختلفاً, ليس من ناحية القصة ولا الإخراج, بل كان

شيئاً مُرعباً فيه حقّاً, هذا لأن المخرج عبث بعقولنا, ومن خلال ذلك نجح في استثارة الخوف بداخلنا

المُخرج مايك فلاناجان يقدّم فيلم الرعب هذا زاجّاً إيّانا في متاهة ليس من السهل الخروج منها, هذه ميزة عمله ونقطة اختلافه عن بقية أفلام الرعب

التي انتشرت مؤخراً كالوباء, لدرجة أن صنف الرعب مُهدّد بكونه صار حكراً على الفاشلين, حيث كل هرطقة تخطر على بال شخص يتم تحويلها لفيلم

يثير الضحك بدل أن يثير الخوف, والأهمّ هو انعدام المعنى

قبل أن أضع قصة الفيلم وأتطرق لسلبياته وإيجابياته عليّ أن أؤكّد لكم أن هناك العديد من الأشياء الناقصة والتي فوّتها المُخرج, لكن من وجهة نظره فما

عرضه علينا يكفي, وكأنّه يقول لنا : صدّقوني لستم في حاجة للمزيد!!

تيم (برنتون ثويتس) شاب تم نقله لمصح عقلي منذ كان طفلاً لارتكابه جريمة، وحان الآن موعد إطلاق سراحه بعد اكتمال علاجه، لكنه يجد أخته كايلي

(كارين جيلان) التي افترقت عنه منذ تلك الحادثة في انتظاره لإثبات براءته، وبراءة ضحيته، وأنّ المجرم الحقيقي قُوىً خارقة للطبيعة مرتبطة بوجود مرآة!،

لكن الآن حتى ذاك الطفل الذي شاركها قصة المرآة لم يعد يؤمن بها!، فهل كل الحكاية من نسج خيالهما ؟ هناك وسيلة واحدة للتأكد، أن يقفوا أمام المرآة، فهل

تعكس المرآة إلا الواقع؟

بناءً على القصة القصيرة التي كتبها مايك فلاناجان رفقة جيف سيدمان خطّ مايك وجيف هاورد نص الفيلم, في لبّ هذا النص عبثٌ بالماضي والحاضر لا ينتهي, بل

يعبث بعقول المُتابعين, وصل الأمر بالكاتبين لدرجة العبث بما هو واقعي وخيالي, حتى يصعب على المُشاهد التفريق بينهما كما صَعُب على أبطال الفيلم, صحيح أن

بداية الفيلم اعتيادية رأيناها بعدة أفلام سابقة, لكنها هنا مُضلّلة, مُبهمة, لا يمكنك أخذ انطباع واضح عن القصة منها فقط, بل عليك مُتابعة كل لحظة من الفيلم لعلّ

وعسى أن تتمكّن من فك غموضه وفهم جزء منه, جزءية الإثارة تجلّت من خلال هذا النص المحبوك جيّداً, كما وأنّ التزام الكاتبين بفرضياتهم سدّ الثغرات الممكنة

الإخراج يُنسب له كل الفضل في إيصال فكرة الفيلم, مايك فلاناجان يبني الحالة ويصبّ تركيزه كاملاً على تحقيق ذلك بدل التركيز على صنع لقطات مرعبة, هو هنا لا

يريدنا أن نخاف, بل يسعى لجعلنا نتوه, لا يجعلنا نعرف ما لا يعرفه البطل بل يجعلنا نعيش حالته, حينما تأكل أحد الشخصيات الزجاج ظنّاً منها أنّها تفاحة فنحن نشعر

وكانّنا أكلناها معها, فنحاول لفظها كما فعلت هي. أصدق تعبير عن مجريات أحداث الفيلم هو الجنون, لن تعرفوا متى تقولون لأبطال القصة أن يهربوا! ولا متى تقولون

لهم لا تبرحوا مكانكم! لن تعرفوا أبداً حقيقة ما ترونه في اللحظة التي ترونه بها

أداءات ممتازة من الأطفال "أناليس باسو” و”غاريت رايان”، وجيدة من باقي فريق العمل، وأداء مزري من "برنتون ثويتس” الذي فشل بأن يأتي بأكثر مما يأتي به

ممثلوا أفلام الرعب الذين يقدمون أداءات مزرية بدرجة تُشْعِر أن اختيارهم يتم تبعاً لمستوى رداءتهم، فيرفض صناع فيلم الرعب كل من يستطيع تقديم أداء فوق

الوسط

 تصوير جيد من "مايكل فيموجناري”، وموسيقى "الأخوين نيوتن” مناسبة

تصنيف الفيلم هو R بسبب العنف الدموي. برأيي هذا فيلم رعب ناجح بسبب القصة الذكية والأسلوب الذي اتّبعه مايك فلاناجان في سردها علينا

7/10