من قادة الولاية السادسة التاريخية..سي زيان عاشـــور
آخر
الصفحة
samiaalger
  • المشاركات: 22
    نقاط التميز: 31
عضوة جديدة
samiaalger
عضوة جديدة
المشاركات: 22
نقاط التميز: 31
معدل المشاركات يوميا: 0
الأيام منذ الإنضمام: 3418
  • 20:46 - 2016/01/09


الشهيد زيان عاشور..أول قائد للولاية السادسة التاريخية 

 

في بحث للدكتور عباسي عن القائد زيان عاشور جاء فيه:


بقرية البيض البسيطة الهادئة التابعة لبلدية البسباس بناحية سيدي خالد ولاية بسكرة كان ميلاد القائد زيان عاشور سنة 1919، وبزاوية أحمد برميلة بالقصيعات زاول تعليمه الأولي ، وببلدة عين الملح حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ العيد بن الباهي أحد شيوخ البلدة  سنة 1935.

   بعد ذلك التحق الشاب زيان بالزاوية المختارية بأولاد جلال حيث نال قسطا كافيا من العلوم الشرعية و العربية ،ثم التحق بالخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي سنة 1939 .و في سنة 1945 انخرط في حزب الشعب، ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية وكان مكلفا بالدعاية و الأخبار بناحية أولاد جلال ،ونتيجة لنشاطاته "المشبوهة" في عرف الاستعمار ، ألقي عليه القبض لنشاطه الدعائي في الحملة الانتخابية لفائدة مرشحي حزبه ليعاد إلى السجن سنة 1948 ، وقد تعرض الشهيد للكثير من الإغراءات المادية وحتى التهديدات قصد التخلي على نشاطه السياسي إلا أنه رفض ولم يرضخ.

    سافر إلى فرنسا للقيام ببعض المهمات السياسية في مدينة " ليون"  LYON  ،ليعود سنة 1952 إلى أرض الوطن ويتم اعتقاله من جديد، و في سنة 1953رزق بابن سماه ( جمال عبدالناصر ) تيمنا بنجاح الثورة المصرية في 23يوليو ( جويلية ) 1952، و في السنة نفسها أستدعي للمشاركة في مؤتمر الحزب ببروكسل ( بلجيكا ) و لم يتمكن من الحضور بسبب منع السلطات الاستعمارية له و إقدامها على اعتقاله لمدة قصيرة. 

       آمن سي زيان عاشور بفكرة الكفاح المسلح لطرد الاستعمار منذ وقت مبكر، وبحسه الوطني وإيمانه العميق وخبرته في الحياة فهم قبل غيره أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الاستعمار هي لغة القوة لا غير، وعلى ضوء هذه القناعة وهذا الفهم بادر إلى تشكيل جيش خاص به أسماه "جيش الصحراء " قوامة حوالي 1500 رجلا أعدهم ودربهم وسلحهم  ليخوض بهم الكفاح ضد فرنسا في هذه المنطقة ، وقد عرف بين الناس بثلاثة ألقاب" سي زيان،القائد زيان، الشيخ زيان " وكل لقب يمثل منطلقا فكريا ومرجعية معينة تتصل بتكوينة ومعتقداته السياسية والدينية والعسكرية.

     قبيل اندلاع ثورة نوفمبر 1954المباركة كانت للقائد زيان اتصالات مستمرة مع بعض مفجريها ، وكان يمثل بالنسبة لأب الثورة الجزائرية سي مصطفى بن بولعيد بيضة القبان كما يقولون، بحيث كان يراهن عليه في تنظيم منطقة الصحراء أو شمالها الشرقي تحديد ، بالنظر إلى المكانة التي يحظى بها في هذه المناطق، لذا أوكل إليه مهمة التحضير والإعداد لانطلاق الثورة في هذه المنطقة ،والعمل على إنشاء الخلايا واللجان للقيام بتلك المهمة، فكان بذلك أول مسؤول عن الولاية السادسة قبل مؤتمر الصومام، ودون انتظار شرع سي زيان في إجراء الاتصال بأعيان المنطقة وتوحيدهم والعمل على جمع السلاح  وتجنيد الشباب و تدريبهم و تنظيم اللجان الشعبية و خلايا المسبلين في المدن و القرى استعدادا لمباشرة الثورة على الاستعمار. وهذا ما جعل السلطات الفرنسية تقدم على اعتقاله مرة أخرى في : 01/11/1954 ، حيث قبع في سجن الكدية بقسنطينة أين وجد صديقه ورفيق دربه الشهيد  سي مصطفى بن بولعيد،وبعد خروجه مباشرة من السجن سنة 1955 التحق بالمناضلين الثوريين في ناحية  بوسعادة  لمواصلة التحضير معهم لانطلاق الثورة في  هذه الناحية ، وممن وقع عليهم اختياره المناضل عبد القادر بن دلاوي الذي كلفه برئاسة مكتب بوسعادة والشروع في الاتصال بأعيان أعراش المنطقة ،ومن بوسعادة تحول إلى أولاد جلال للغرض نفسه،  وكانت المنطقة التي تحت قيادته تشمل مدن بوسعادة  ، بن سرور ،عين الملح ، أولاد جلال ،الجلفة ،مسعد ،الأغواط ،حاسي بحبح ،وجبال اقعيقع ،و قد بلغ تعداد المجاهدين الذين كانوا تحت إمرته سنة  1956، أكثر من ألف جندي على ما ذكر.*

   في مارس سنة 1956 دعاه القائد مصطفى بن بولعيد لحضور اجتماع إطارات الثورة  بالمنطقة الأولى بالجبل الأزرق ،وما كاد يلتئم شمل المدعوين لذلك الاجتماع حتى استشهد مصطفى بن بولعيد ، فألقى  سي عاشور كلمة تأبينية على روح صديقه وقفل راجعا إلى منطقته. 

     إن روح الصداقة  والإخاء التي جمعت بين الشهيدين العملاقين الشاوي مصطفى بن بولعيد، والعربي النائلي سي زيان عاشور ووحدة التصور والهدف لديهما تمثل نموذجا رائعا لتلاحم أبناء الجزائر على اختلاف أطيافهم  ومناطقهم وانصهارهم في بوتقة الشدائد و المحن ، وكانت هذه الروح الانصهارية الوحدوية الرائعة التي تحلى بها الصف الأول من قادة الثورة عاملا مهما من عوامل النصر الحاسم  الذي حققته  الثورة  الجزائرية  ضد العدو الفرنسي وأعوانه من الخونة والعملاء  في نهاية المطاف.

    عندما وصل العميل بلونيس  إلى منطقة الجلفة مع نهاية سنة 1956 قبيل استشهاد القائد زيان عاشور بوقت قليل ،  حاول  فور وصوله فتح قناة اتصال مع سي زيان عاشور ،مستغلا معرفته السابقة له منذ أيام نضالهما القديم  في حزب مصالي الحاج ، وكان سي زيان يومئذ  قائدا على المنطقة  فطلب منه الدعم والحماية مدعيا أنه تعرض  لمشاكل ومضايقات لأنه من أتباع مصالي الحاج ومن المؤمنين بأفكاره وبرنامجه ، فاستجاب لطلبه  قاصرا دعمه له ببعض المؤونة على ما ذُكر ،لكن سي زيان سرعان ما تخلى عنه بعد أن بلغته أنباء عن سلوكه المشين والفظائع والانتهاكات التي ارتكبها أتباعه في أوساط البدو وسكان الخيم، فأمر نائبه عمر إدريس بضرورة طرده خارج حدود المنطقة ، بل و محاربته  والتصدي له واستئصال شأفته من المنطقة نهائيا.

     كان الشهيد زيان يحظى بتقدير قادة الثورة في الولاية السادسة واحترامهم  وإكبارهم فضلا عما كان يحظى به خارجها ،فإليه يرجع الفضل في تهيئة المنطقة  وجمع شتاتها وتوحيد أعراشها وقبائلها لاحتضان الثورة ، فقد عمل  رحمه الله على تفكيك الأزمات الأولى التي كادت تعصف بالثورة في الولاية ومنها أزمة توزيع المناطق التي نشبت بين سي الحواس قائد المنطقة الثالثة(الناحية الثالثة) من" الولاية الأولى أوراس النمامشة"، والحسين بن عبد الباقي قائد المنطقة الصحراوية وقتها .

      وفي حوار صحفي له مع جريدة صوت الأحرار وصفه المجاهد الطاهر لعجال بأنه " رجل وطني مخلص ،يحفظ القرآن الكريم استطاع  بفضل السمعة التي  يحظي بها في المنطقة أن يكوّن جيشا قبل أن تصل الطلائع الأولى للثورة سنة 1955....كان تحت لوائه أكثر من ألف جندي ، وهذه هي حقيقة الالتباس الواقع حول انتمائه للحركة الوطنية المسلحة من عدمها"  وقبل ذلك وصفه البطل مصطفى بن بولعيد بالرجل الذي يمكن الاعتماد عليه في الصحراء ،" هذه الأدلة وغيرها تؤكد أن الشيخ زيان هو من رجال الثورة الأوائل الذي كان على علم بها منذ شهر جويلية 1954واختاره رجالها لقيادتها ،وكانت مكانته مسؤول منطقة منذ الوهلة الأولى مثل غيره من قادة المناطق"

   خاض الشهيد عدة معارك مع القوات الفرنسية جرت كلها  في سنة 1956 ،ومنها معركة "قعيقع "، ثم معركة قرب عين الريش ،ومعركة جبل مناعة .

    يعتبر الشهيد زيان شخصية ثورية فذة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني ، فقد تميز رحمه الله بصرامة القائد ،وحلم القادر ،وشجاعة الفارس،وكان وطنيا شهما متشبعا بحب وطنه وأبناء وطنه حتى النخاع ،لا يفرق بين المناطق والجهات، يرى نفسه أخا للجميع وأبا للجميع، وقد روى لي أحد معارفه أثناء الاحتفال بذكرى وفاته بمسقط رأسه يوم 07نوفمبر2013 أنه وُلد له أحد أبنائه وهو في الجبل ولما طالت غيبته عن البيت حملوا إليه المولود الجديد إلى الجبل ليراه فعاتبهم على ذلك عتابا شديدا وقال لهم أنا أب لكل أبناء الشعب الجزائري ، وأبنائي ليسو أعز من أبناء عموم الشعب ..رحمك الله يا سي زيان.. كم كنت كبيرا وشامخا.

   وعلى الرغم  من شخصية زيان عاشور القوية ، و نفسه الجهادي الطويل من أيام النضال في الحركة الوطنية،إلا أن  القدر لم يمنحه الوقت  الكافي لإظهار كفاءته القيادية و مهاراته العسكرية وقدراته السياسية ،و قد كان استشهاد البطل في07 نوفمبر 1956 أثناء معركة ضارية جرت وقائعها بالمكان المسمى وادي "خلفون" واستمرت ثلاثة أيام  .رحم الله الشهيد وسائر شهداء الجزائر البررة.

مصدر الدراسة / كتاب (منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير) 

المؤلف/ الدكتور عبد الحميد عباسي ..ص 132-135

 

 




 من قادة الولاية السادسة التاريخية..سي زيان عاشـــور
بداية
الصفحة