
لِ"غسان" أو"عنهُ"
ولأنَّها الذِكرى الأربعِينية لرحِيلكَ كَان لا بُد من الانسِكاب قليلاً (أو كثِيراً , أنا لا أتحكمُ فِيَّ حِين أكتُب للعُظماء)..!
غسانُ يا وجعَ الكلِمة, أيُها "الرَجُل الذِي لا يُمكن قتلهُ" لأنّك خالدٌ خُلودَ الأبجدِية,
خُلودَ الشُهداءِ والوطنِ المُضرجِ بدمائهم الطاهِرة,
خُلودَ الزيتُونِ الشَامِخ فِي مُواجهةِ أمواجِ التصحُر البشرِية والطبِيعية ..!
حِين أقرأكَ أشعرُ بغُيومكَ تُمطِرُنِي صدقاً,حُزناً ورِقةً والكثِير من المشاعِر الأخرَى
التِي لا أُلفِي لهَا اسماً سِوى أنّه يُمكنني أن أقُول أن حرفكَ متخمٌ برائحة الحياةِ المُختلفة , وإن لم تعِش طويلاً
فإنكَ ستعِيش طويلاً فِي ذَاكِرتِي وذَاكرة كُل من قرأكَ وعرفكَ وأحبّك ..!
يا لنقائكَ المُذهِل حقاً , ويَا لهَذا الزخمِ المُهوِل مِن الأشياءِ التِي كنتَ تحملُها بين ثَناياَ صدرِك مُخفياً إياها ما استطعتَ عن الجمِيع,كاشفاً إياها - وأنت تدرِي أو لا تدرِي - حين تكتُب,
لا أخفِيك غسان, أحببتكَ رجلاً وكاتباً ووطناً ووضعتكَ على جنبٍ مع أشيائِي التِي تخُصنِي وتُحدِدُنِي شخصِيةً وشخصاً ..!
كنتُ أودُ لو كنتُ على قيدِ الحَياةِ حِين احتِضاركَ, كنتُ لأقُول لكَ حِينها : مُت مُرتاحاً ونمْ قرِير العينِ أيُها الرجُل الذِي لا يُمكن قتلُه إلا مِن الداخِل,
مُت بهدوءٍ -جسداً- فرُوحكَ ستظلُ فِينا لأبدِ الآبدِين , وسيظلُ ذِكرُكَ إنعاشاً لأبجدية كُل عاشقٍ "مغدورٍ" مِن الوطنِ,مِن الحبِيب,مِن الأهلِ,مِن المُجتمعِ, ومِن نفسه ..!
مُقتطفاتٌ مِن ما قرأتُه لكَ :
( إنني أتحدث عن وجود أكثر تعقيداً من ذلك وأكثر عمقاً . ماذا أقول لك وكيف أشرح لك الأمور؟ دعيني أقول لك كيف: أمس كنت أذوّب شمعة فوق زجاجة، أتلهى بهذه اللعبة التي يكوّن فيها الإنسان شيئاً فوضوياً وغامضاً من زجاجة وقضيب شمع، وكان ذوب الشمع قد كسى جسد الزجاجة بأكمله تقريباً ، وفجأة سقطت نقطة من الشمع الذائب دون إرادة مني وتدحرجت بجنون فوق تلال الشمع المتجمد على سطح الزجاجة واستقرت في ثغرة لم أكن قد لاحظتها من قبل وتجمدت هناك فجعلت ثوب الشمع بأكمله يتماسك من تلقائه. ) فِي رسالةٍ لغادة السمَان
( في كل مرة يرمي بصدره فوق التراب يحس ذلك الوجيب كأنما قلب الأرض ما زال ، منذ أن استلقى هناك أول مرة، يشق طريقاً قاسياً إلى النور قادماً من أعمق أعماق الجحيم، حين قال ذلك مرة لجاره الذي كان يشاطره الحقل، هناك، في الأرض التي تركها منذ عشر سنوات، أجابه ساخراً:
"هذا صوت قلبك أنت تسمعه حين تلصق صدرك بالأرض "، أي هراء خبيث ! ) في روايته رجالٌ تحتَ الشمسِ
( لقد كان صمتي إعلانا راعدا عن " شيء آخر" في حياتنا عشنا دائما في معزل عنه فاذا به، فجاةً، أقوى ما في حياتنا...
من الذي قتل ليلى الحايك اذن ؟
أجيبك ببساطة : شيء آخر هو الذي قتل ليلى الحايك، شيء لم يعرفه القانون ولا يريد أن يعرفه.. شيء موجود فينا، فيك أنت، فيّ أنا، في زوجها، في كل شيء أحاط بنا جميعاً منذ مولدنا..
نعم أنا جزء من الجريمة، و أنت كذلك، و لكن الذي نفذ الجريمة هو وحش غامض ما زال و سيظل طليقا. ) في روايته "من قتل ليلَى الحايك ؟ أو الوجه الآخر"
لوهلةٍ ظننتُنِي كتبتُ شيئاً يستحِقُ أن يُرسلَ إليكَ,
ولكِن بعد أن قرأتُ ما كتبتُ فضلتُ أن أستبدِل "إلَى" ب "عنْ" كي لا أسقُط فِي شركِ رسالةٍ لستُ بقادرةٍ عَلى كِتابتها كما يجب .