كان -رضي الله عنه- عظيم التواضع للخلق والحق، وكل الصور تدل على ذلك. رفعه الله بتواضعه درجات في الجنة.
[[ فعن الفضل بن عميرة أن الأحنف بن قيس قدم على عمر في وفد من العراق في يومٍ صائفٍ شديد الحر وهو محتجز بعباءة، يهنأ بعيرًا من إبل الصدقة، فقال: يا أحنف ! ضع ثيابك، وهلم فَأَعِنْ أمير المؤمنين على هذا البعير؛ فإنه من إبل الصدقة، فيه حق لليتيم والمسكين والأرملة، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين! هلا أمرت عبدًا من عبيد الصدقة ليكفيك هذا.
قال عمر : ثكلتك أمك، وأُيُ عبدٍ هو أعبد مني ومن الأحنف ؛ إنه من ولي أمر المسلمين فهو عبد المسلمين، يجب عليه ما يجب على العبد لسيده من النصيحة وأداء الأمانة ]].
فيا لله! ورب عمر إن مشهدًا كهذا خير من الدنيا وما فيها.
يقول عبد الله بن عمر بن حفص : إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يحمل القِرْبَة على عنقه، فيقال له في ذلك فيقول: إن نفسي أعجبتني فأردتُ أن أذلها. بل إنه لربما أخذ بيد الصبي يلقاه، فيقول له: ادْعُ لي؛ فإنك لم تذنب قط.
بل إن ابن عباس -رضي الله عنه- دخل عليه يوم طُعِنَ فقال: [[أبشر يا أمير المؤمنين! أسلمت حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول الله حين خذله الناس، وتوفيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو عنك راضٍ، ولم يختلف في خلافتك رجلان.
فقال عمر : أعد، أعد. فأعاد. فقال عمر : المغرور مَنْ غُرَّ. ولو أن لي ما على ظهرها من بيضاءَ وصفراءَ لافتديتُ به من هَوْلِ المطلع، وددتُ أني أنجو كَفافًا لا أجر لي ولا وزر ]]. تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83]. وكان متواضعًا للحق يقبله في السر والعلن، لقد كان بينه وبين رجل كلام في شيءٍ - كما أورد ابن الجوزي في تاريخه - فقال له الرجل: [[اتق الله يا أمير المؤمنين! فقال له رجل من القوم: أتقول لأمير المؤمنين: اتق الله؟!
فقال له عمر على الفور: دعه، فليقلها لي، نِعْمَ ما قال؛ لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نقبلها منكم ]].
يا ليت هذه الكلمة تكون عنواناً ولجامًا يلجم به نفسه كل من ولي من أمر المسلمين شيئًا صَغُر أو كَبُر؛ إذًا لصلح الحال، وتغيرت الأحوال، وكسدت سوق النفاق،
ولكن
|