دبي - الأسواق.نت
تستمد مذيعة أخبار أسواق المال في قناة العربية زينة صوفان حرفيتها من تجربة إعلامية ثرية، تنقلت خلالها وعلى مدى أكثر من 15 عاما بين وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، العربية منها والعالمية، فمارست أدوارا متعددة بين مراسلة من أرض المعركة تارة، ومذيعة أخبار سياسية تارة أخرى، ومعدة برامج اقتصادية واجتماعية في محطات عديدة.
وفيما تهوِي أسواق المال، ويصبغ الأحمر شاشات التداول، وتحبس اتجاهات الأسهم أنفاس الرجال، تنقل زينة الأخبار بهدوء أعصاب وإطلالة فريدة، فتقاليد المهنة تتطلب منها التجرد من العاطفة التي يمكن أن تفقد الصحفي المحترف وضوح الرؤية. وهي وإن كانت تنجح في إخفاء انزعاجها من حدوث نزيف في السوق؛ إلا أنها بالتأكيد لا تتحكم في ملامح وجهها "الباسم" عندما تسلك سوقٌ ما طريق الصعود.
هي لبنانية المولد، إلا أنها نتاج ثقافات متعددة ساهم في تكريسها تنقلها بين عدد من البلدان العربية، وزواجها من مصري، وصولا إلى انتقال الزوجين إلى دبي، حيث رزقا بابنتين تطمح زينة أن تجعل منهما مواطنتين "عالميتين" بامتياز.
وفي حديث خصت به "الأسواق.نت" لمعرفة الوجه الآخر (الشخصي والاجتماعي) للمذيعة، كشفت زينة صوفان عن اللقاء الذي جمعها بهيثم بعد 10 أعوام من مغادرتهما الجامعة في مناسبة اجتماعية مهدت لزواجهما، وقالت إنها لا تفكر في إطلاق عمل خاص وإنما تشتاق للعمل الصحفي المكتوب، وتحلم بأوقات فراغ في يومها الطويل تمكنها من العودة إلى المطالعة.
|
هجرة الأسرة إلى السعودية
بعد 7 سنوات من ولادة زينة، غادرت عائلتها لبنان عام 1977 نتيجة ظروف الحرب الأهلية إلى السعودية؛ حيث استقرت هناك سنوات طويلة، عمل والدها خلالها مستشارا قانونيا لعدد من الشركات، فاستطاع توفير حياة كريمة لزينة وأخيها الوحيد ووالدتهما.
تقول زينة "أيقن أهلي أن ظروف الحرب ستستمر، وأن مرارة الحياة تحت القصف واللجوء إلى الملاجئ قد تطول، لذلك غادروا إلى السعودية، وكنت محظوظة لأنني عشت طفولتي في أجواء دافئة وآمنة، بينما كان أقراني من الأهل والأصدقاء في لبنان يعيشون ظروفا حياتية في غاية القسوة الصعوبة".
وتضيف "الكثير من الذكريات الجميلة لطفولتي في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية لا تزال ترافقني. أشتاق لأماكن كثيرة قضيت فيها سنوات حلوة. نادي "شاطئ الغروب" حيث كنا نقضي عطلة نهاية الأسبوع مع الأصدقاء، نلعب التنس، ونمارس التزلج "السكيتينغ"، ومدارس الظهران الأهلية التي فتحت أمامي أبوابا كثيرة، ومكنتني من نسج صداقات سيبقى بعضها الأقرب إلى قلبي ما حييت". |
|
العودة الفردية إلى لبنان
بعد إتمامها الثانوية العامة، عادت زينة إلى لبنان بغرض إتمام دراستها في الجامعة الأمريكية في بيروت، لكن ظروف الحرب عام 1989 فرضت عليها المغادرة من جديد.. لكن هذه المرة إلى القاهرة.
قالت زينة عن تلك الفترة "في إحدى المرات كان القصف قريبا جدا من غرفتي في سكن الطالبات في الجامعة، تحطمت النوافذ، وتناثرت شظايا الزجاج على سريري، كانت تلك مواجهتي الأولى مع الحرب. تحولت الجامعة إلى مدينة أشباح. غادر آلاف الطلبة وبقيت و20 طالبة أخرى -أهلهم خارج البلاد- وحدنا لأيام عدة تحت القصف".
عادت زينة إلى السعودية، ورأت أن الأسرة القلقة على مصير ابنتها دبرت إجراءات نقل دراستها إلى الجامعة الأمريكية في القاهرة، وهو الأمر الذي لم يكن لزينة أن تعترض عليه. |
|
القاهرة.. نقطة التحول
تخصصت زينة في القاهرة في دراسات الشرق الأوسط، وكانت عضوا نشطا في الحياة الطلابية.
عن تجربة القاهرة قالت: "رأيت موزاييك جميل في مصر، جنسيات مختلفة، وحياة مثيرة في الجامعة، خضت انتخابات مجالس الطلبة، ومثلت الجامعة في الخارج، ونشطت في النادي اللبناني، واعتصمت دفاعا عن القضية الفلسطينية.. كنت باختصار أشارك في أي نشاط متاح، حتى إنني كنت عضوا في فرقة الفلكلور السوداني!".
التقت زينة خلال فترة تواجدها في الجامعة الأمريكية بالشاب هيثم الذي أصبح عام 2003 زوجا لها.
قالت زينة: "موضوع ارتباطنا أو زواجنا لم يكن واردا إطلاقا، كنا أصدقاء ضمن (الشلة) التي عرف هيثم فيها بسرعة بديهته وخفة ظله". |
|
العمل مع "المستقبل"
عام 1993 وبعد تخرجها عادت زينة إلى لبنان، وعملت في تلفزيون المستقبل مراسلة صحفية تغطي التحولات الكثيرة في تلك المرحلة، وكانت مرافقة إعلامية مكلفة بتغطية أنشطة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري بما في ذلك رحلاته الخارجية.
قالت زينة عن تلك المرحلة: "كنا نعيش حلم انبعاث لبنان بكل معنى الكلمة. كانت الحماسة تغلبنا في تغطية أخبار إعادة الإعمار. لن أنسى قصص عودة المهجرين، وحفل فيروز الأول في وسط بيروت المهدم. تغطية هجمات العدوان الإسرائيلي على الجنوب، وخاصة عملية "تصفية الحساب" في صيف 1993 كانت مرهقة للغاية في ظل الإمكانات المحدودة للإعلام حينها". |
|
العمل مع رويترز
بعد عامين من العمل مع تلفزيون المستقبل، تلقت زينة عرض عمل من وكالة الأنباء العالمية رويترز التي تعتبرها مدرسة حقيقية تعلمت فيها متطلبات المهنة من بحث وأمانة ودقة وسرعة.
وأضافت: "أول مدير لي في رويترز كان بولنديا صارما كاد يسبب لي عقدة نفسية نتيجة ملاحقته لي طالبا إعادة تحرير تقاريري مرات ومرات على مدى ساعات طويلة حتى تخرج بشكل متكامل ولائق، وأنا اليوم عندما أراجع قصاصات مقالاتي التي نشرتها كبريات الصحف العالمية نقلا عن رويترز أتذكر فضله علي، وأعترف بأنني أدين له بالكثير". |
|
العمل الخاص
بعد فترة العمل مع رويترز وبزوغ نجمها، عملت زينة بشكل حر من بيروت مع العديد من المحطات ووسائل الإعلام العربية والعالمية من بينها قنوات بريطانية وألمانية ويابانية حتى أنشأت مع زملاء آخرين مكتبا خاصا يقدم الخدمات الإعلامية، ويرفد عددا من وسائل الإعلام بتقارير ومنتجات إعلامية، قبل أن يحدث التحول المثير!. |
|
زواج زينة من صديق سابق
"لم ير أحدنا الآخر 10 سنوات بعد التخرج، وكان هيثم سافر إلى أمريكا، وأنا استقررت في لبنان، التقينا في عرس أحد أصدقائنا في القاهرة، وأخذ كل منا يخبر الآخر عما فعل طوال السنين الماضية، وبينما كنا غارقين في الكلام جاء مصور الحفل ليلتقط لنا صورة، وسألنا عن أسمائنا فقال له هيثم: "أنا هيثم سليمان، وهذه زينة صوفان خطيبتي". تحدثنا كثيرا في تلك الليلة حتى تنبهنا فجأة إلى أن العرس انتهى، والعريسين والمدعوين كلهم غادروا ولم يبق سوانا في القاعة".
وأضافت زينة: "بعد سنة اتفقنا على الزواج، واحتفلنا في بيروت والقاهرة التي انتقلت للعيش فيها عاما كاملا كان بمثابة شهر عسل طويل، بعيدا عن ضغوط العمل، وإن كنت أتواصل خلاله مع مكتبي الإعلامي في بيروت قبل أن أنسحب منه، وأراسل جريدة الحياة في فترات متقطعة". |
|
التوجه إلى دبي
تلقى زوج زينة عقد عمل من دبي في مجال تقنية المعلومات، وعلمت زينة من أصدقاء في الوسط الإعلامي أن القسم الاقتصادي في قناة العربية يبحث عن معد برامج، فتقدمت للوظيفة، وحصلت عليها، مستفيدة من خبراتها المتراكمة والدورات التدريبية في مجال الصحافة الاقتصادية التي خاضتها في رويترز.
في عامها الأول أنتجت زينة برنامجين اقتصاديين، قام بتقديمهما زملاء لها في القسم قبل أن تطلق القناة برامج الأسواق العربية. قبل تاريخ بدء الأسواق على الهواء بزمن قصير، عرض مدير القسم الاقتصادي عليها الظهور كمذيعة نظرا لعدم اكتمال الفريق آنذاك، وهو ما اعتبرته فرصة مواتية لإثبات ذاتها، وهو ما مهد أيضا فيما بعد لتكون معدة ومقدمة برنامج النفط والغاز.
تقول زينة: "العمل في قناة العربية له نكهة مختلفة، والنجاح أكثر حلاوة. كثير من الإعلاميين يجهدون لتقديم إضافة نوعية للمشاهد من مواقعهم المختلفة، لكن الفارق بين العربية ومعظم وسائل الإعلام في المنطقة هو أن صدى النجاح في العربية أكثر دويا منه في أي مكان آخر، وهذا يؤدي إلى رفع مستوى الرضا عن الذات لدى المتميزين في المحطة، وبالتالي إلى تعظيم رغبتهم في المواصلة والنجاح". |
|
قصة الحمل بطفلتيها
حملت زينة في طفلتيها -3 أعوام و8 أشهر- خلال فترة عملها في تلفزيون العربية، وقالت إنها لم تحتج أن تبلغ أحدا بأخبار حملها لأن الأهل والأصدقاء والمشاهدين حول العالم تابعوا فترة الحملين على الهواء مباشرة.
"كانت فترة حملي في 2006 مليئة بالمواقف المضحكة والصعبة؛ إذ بدأ الهبوط الحاد في الأسواق، وكانت الأرقام تتحرك بشكل جنوني، وأنا عيني عليها، ويدي على بطني أحاول تخفيف حدة الركل الذي احترفته نورا في مراحل حملي الأخيرة بها".
وأضافت زينة "معظم الأطفال يكفون عن البكاء عند سماعهم الموسيقى الهادئة، أما نورا وخلال الأشهر الأولى من عمرها فكانت تهدأ عندما تسمع "جنريك" الأسواق العربية" (موسيقى مقدمة البرنامج).
وترتبط زينة بعلاقة جميلة مع طفلتيها بتوصيلهم إلى نشاطات رياضية، وبالطبخ معهم على سبيل التسلية، والرسم، وإعطائهم كامل عنايتها في أوقات الراحة وأيام العطل. |
|
تطلعات مستقبلية
وأكدت زينة أن ما يشغلها هو تحقيق المزيد من النجاح في قناة العربية، وهي تأمل أن تتيح لها الظروف في المستقبل مزيدا من الوقت الخاص لتمضيه في أحب الهوايات إلى قلبها؛ الكتابة، والمطالعة الأدبية. |