السلام عليكم ورحمة الله الفوبيا شعور مضطرم وشديد ولا عقلاني ومهيمن وملازم للانسان المصاب بهذا الخوف اللا ارادي , وهذا الخوف يشل التفكير والارادة وأحيانا الحركة ... وهي بمثابة هلع شديد وغير طبيعي ينبجس من شيء يحدث خطرا قليلا او منعدما او وضعية عادية ظاهريا و غير مضرة اطلاقا ...كما له علاقة وثيقة ببعض الاشياء او الانشطة أو الناس أو بعض الحالات والوضعيات , وأهم عارض لهذا الخلل النفسي هي الرغبة الجامحة والشديدة واللا واعية في اجتناب مصدر هذا الخوف والابتعاد عنه بكل الوسائل , كما يتجسم عبر نوبات من الذعر والهلع والقلق الشديد والصراع الذهني .... ومعظمنا له خوف غير عقلاني من شيء ما كالخوف من الفئران أو الصراصير والصياح عند رؤية كلب مثلا او الذعر لمشاهدة قطة سوداء تموء مواء غريبا , لكن عندما يصبح الخوف خارجا عن تحكم الانسان او يسيطر على علاقاتكــ و أحداثك ونشاطاتك اليومية فلا بد لك أن تذهب , عندئذ , للدكتور الأخصائي ليشخص حالتك ويشرع في علاجك . وتشير الأبحاث ان الفوبيا مرض نفسي شائع جدا لدى العديد من الناس وبالأخص النساء ... و الجدير بالذكر , كذلكــ , ان المصابين بالفوبيا يدركون ان خوفهم لا اساس له لكن مع ذلك لا يستطيعون السيطرة عليه الأســــبـــــــــــــــاب ؟ يتفق الاخصائيون على أن الفوبيا هي وليدة تمازج وتداخل بين أحداث خارجية واستعدادات داخلية , وفي تجربة علمية قام بها الدكتور مارتن سليغمان واثيت من خلالها ان بعض الاشياء والحيوانات والوضعيات لها تأثير تعود اسبابه لاستعدادات فطرية وجينية فالخوف من الافعى خوف طبيعي لدى معظم البشر وليس مثل الخوف من الازهار أو الأشجار مثلا . كما أن بعض انواع الفوبيا ترجع جذورها الى حدث قادح , كصدمة نفسية وعاطفية قوية في فترة الطفولة أو الصبا . وبعض أنواع الفوبيا الاجتماعية , كفوبيا الأماكن الواسعة لها أسباب متداخلة ومتشعبة لم تعرف لحد الآن . لكن ما توصل له علم النفس هو ان الوراثة والجينات وكيمياء الدماغ اذا ما تداخلت مع النجارب الحياتية المريرة والقاسية لها شديد الأثر في تطور ونشوء امراض القلق المرضية والفوبيا بأنواعها ونوبات الخوف الشديدة . الجانب العضوي لمرض الفوبيا ترتبط الفوبيا أساسا بالاميغدالا amygdala وهي منطقة في المخ تفرز هرمونات تسيطر على الخوف والاندفاع العدواني وتساعد في ترجمة الانفعالات التي تصدر من تعابير وجوه الناس وحركاتهم , فعندما تتم اثارة محفز الخوف والاندفاع الهجومي تخرج هذه العصيبة هرمونات تضع كامل الجسد في حالة استعداد وتأهب للتحرك الفوري او الجري او العراك . وهذه الحالة تسمى حالة الهروب او المواجهة الدفاعية أي ان رد الفعل سيكون بالتقدم الى الامام او التقهقر للوراء Fight-or-flight response. . وقد اثبتت التجارب الميدانية الاختلاف الواضح بين مراحل ردة الفعل الطبيعية لشيء خطير لكن ليس مصدرا للفوبيا وبين شيء آخر مثير للفوبيا . فمثلا لو أتينا بشخص مريض بفوبيا العقارب وأريناه صورتين , صورة لأفعى وصورة اخرى لعقرب فستكون ردة الفعل أثناء مشاهدة الصورة الاولى خوفا لكن لمدة قصيرة وذلك لأن الاميغدالا حللت الخطر على أنه غير دائم وغير مهم لكن في الصورة الثانية وبما أن العقرب مصدر فوبيا تتحفز مناطق الاميغدالا وتطلق هرمونات الانتباه والخطر بشكل متواصل ودون توقف حتى وان تم الادراك بأن الخطر ليس بتلك الاهمية ولهذا السبب اعتبر الاخصائيون بأن الفوبيا تسبب خللا وظيفيا , غير عقلاني ومنطقي , في المخ البشري . عندمـــــــــا يتحول الخـــــــوف الى فوبيــــــــــــــــا !! الخوف هو رد فعل طبيعي و متجانس مع خطر ما وهدفه الحماية والدفاع والتأهب لرد الخطر ... فعندما يداهمنا الخطر يفرز الجهاز العصبي لدينا هرمون " الأدرينالين " الذي يحفز الجسد ويهيئه للهروب او المواجهة فتتسارع دقات القلب, وتنفتح العيون ويتدفق الدم للعضلات والمخ ويرتفع السكر في الدم كذلك حتى نستمد منه الطاقة اللازمة والكافية لمواجهة الموقف ,,,, , فشيء هام وايجابي أن نستشعر الخطر ونحس بالخوف في بعض الحالات بل أحيانا أمر ضروري ونافع حتى نكون قادرين على معرفة ردود أفعالنا .. لكن في حالة الفوبيا يصبح الخوف مبالغا فيه والخطر يكبر بصورة خيالية وغير حقيقية , فمن الطبيعي جدا الخوف من كلب شرس كالدوبرمان او البيت بول لكن أن تخاف من جرو صغير بالكاد يتحرك فالامر ليس طبيعيا ويستحق المتابعة !! وان أصبح الخوف ملازما للشخص طوال الوقت ومعيقا لتفكيره ومصدر ازعاج وقلق متواصل له فعليه ان يعالج من هذا الأمر .. أنــــــــواع الفــــــــــــوبيـــــــا حدد علماء النفس والباحثون ثلاث انواع للفوبيا ; 1- فوبيا مرتبطة بأشياء محددة وهي تتضمن الخوف والرعب الفائق وغير العقلاني من وضعيات معينة بذاتها وتقسم بدورها لخمس اصناف -الخوف من الحيوانات والحشرات كالخوف من الكلاب والقطط والعناكب والسحالي والافاعي الخ -الخوف من المحيط الطبيعي وهو خوف من اشياء موجودة في الطبيعة كالخوف من الارتفاعات والمنحدرات والعواصف الرعدية والزوابع والخوف من المياه والظلام الخ -الخوف من وضعيات محددة وهو خوف تنقدح شرارته في ظل وجود وضعيات معينة ومحددة كالخوف من التواجد في الاماكن المغلقة والخوف من المصاعد والخوف من ركوب الطائرة او السياقة او المرور عبر الانفاق او الجسور او الخوف من المستشفى واطباء الاسنان الخ -النوع الرابع هو الخوف من رؤية الدماء والجروح والحقن والمواد الطبية الخ و هناك نوع آخر تصنف فيه الفوبيا التي لا تندرج ضمن الاصناف الاربع السابقة كالخوف من الاختناق والمرض والموت والخوف من مهرجي السيرك والبهلوانيين الخ وهذه الفوبيا المرتبطة بأشياء محددة منتشرة جدا وتبدأ في الظهور منذ سنوات الطفولة والمراهقة ولها ارتباطات وثيقة بالصدمات النفسية والعاطفية والأحداث الأليمة التي تقع للبعض ومن تجلياتها الذكريات المرعبة والأحاسيس المؤلمة والشعور بالخطر الدائم مما تجعلهم فاقدي الثقة في انفسهم وفي غيرهم وشاعرين بالضعف والانهزامية وانعدام الأمـــان والراحة النفسية في عالم مليء بالأخطار ... وليس بالضرورة ان يكون هذا الضرر الحاصل جسديا بل قد يكون معنويا ايضا كالتعذيب والاحتقار والضرب والاعتداء الجنسي والشتم والتعرض لكارثة من الكوارث كالحرق والغرق ورؤية جريمة قتل او اعتداء او حادث اليم او وفاة أحد الاقارب الخ , وتسبب تلك الصدمة بالتجمد والانفصال عن العالم وهي بالرغم من انها اجراء وقائي دفاعي الا انها تمنع هؤلاء المصدومين من التقدم والنجاح في الحياة وحتى وان استطاعوا تجاوزها ظاهريا في الكبر الا انها تبقى راسخة في العقل الباطن وتنعكس آثارها على رؤيتهم للعالم وتصرفاتهم مع المحيط الخارجي وشخصياتهم بل وتقلب حياتهم احيانا رأسا على عقب .. وتختلف ردات فعل الناس حسب نوع الصدمة والتجربة فيعاني البعض منهم او أغلبهم من عدة أعراض سيئة كالشعور بالذنب وتأنيب الضمير والقلق المتواصل والانعزال عن العالم ومطاردة الذكريات الاليمة والكوابيس لهم والأرق المتواصل وفقدان الرغبة في الأكل والطعام وقلة التركيز والشعور بالحزن والكآبة وفقدان الرغبة في الحياة ... الفوبيا الاجتماعية هي الخوف العارم الذي ينتاب الفرد في المناسبات والملتقيات الاجتماعية التي قد يتم فيها تقييمه سلبيا ووضعه في محك الفحص والنقد والاختبار , وهذا الخوف مرتبط بامكانية الفشل في تقديم شخصيتك وتصرفاتك بشكل مناسب وامكانية التعرض للسخرية والاستهزاء من قبل الآخرين ومن أهم مظاهر هذا الخوف هو الرهبة الشديدة من التكلم علنا امام الجميع ( كاجراء اختبار شفاهي في مناظرة هامة أو نقاش عام في مقهى او الالتقاء بأناس تقابلهم للمرة الأولى الخ ) الخـــوف من الأمـــــــاكــــن العامــــة والمفتــــــوحة ! يتعرض المريض بهذا الخوف الى نوبات رعب وقلق شديد من التواجد في أماكن مكتضة ومليئة بالناس حيث امكانية الانسحاب والخروج من ذلك الجمع صعبة او مستحيلة او لما يكون طلب المساعدة غير متوفر بالشكل اللازم وان كنت مصابا بهذه الفوبيا فأكيد ستتجنب الذهاب الى الاماكن العمومية مثل المجمعات التجارية او المسرح او السينما او حفلات الزواج أو الوقوف في صف طويل وربما تتجنب التواجد في السيارات او ركوب الطائرة او القطار او الحافلة وتفضل البقاء فقط في المنزل . أعـــــراض الفوبيـــــــــــــــــــــــا ! أهم الاعراض هي الخوف والذعر والقلق المشوب بالخوف خاصة اذا اقترب الشخص من مصدر الخوف وقد يزداد هذا الخوف اذا كان الهروب منه امرا صعبا ومن أهم تجليات هذا الرعب هي صعوبة التنفس واللهث الشديد وتسارع دقات القلب والاحساس بالضيق وعدم الارتياح ورعشة أطراف البدن والشعور بالاختناق والتعرق الغزير والغثيان والاحساس بآلام في المعدة وشيء ما من الدوخة والاغماء الخفيف والاحساس بالانفصـــال عن الواقع او الجسد وفي بعض الحالات القصوى يفقد المصاب الاحساس بالسيطرة على نفسه و يشعر وكأنه دخل في دائرة الجنون بالاضافة للاغماء والخوف من الموت ! والأخطر من كل هذا ان محاولة الهروب من أسباب الفوبيا يؤثر على التوازن النفسي لذلك الشخص وعلى حياته بصفة عامة ... متى يكون طلب المساعدة امرا ضروريا ؟ رغم أن الفوبيا تحدث عدة مشاكل اجتماعية ونفسية لكن ليست بتلك الخطورة فلو فرضنا ان لك فوبيا من الافاعي وانت تعيش في المدينة فالمشكل تقريبا منعدم , لكن لو فرضنا أنك تخاف من الاماكن المغلقة فالمشكل سيكون عويصا اذ قد ترفض عرضا مغريا لعمل ما لانك ستكون مجبرا على ركوب المصعد . أو لو كنت تخاف من المرتفعات فستضطر أن تقود سيارتك عشرات الأميال الاضافية لتتجنب عبور الجسر او طريقا في مرتفع , او قد تحرم من السفر وتضييع عدة فرص للسياحة او العمل في بلدان اخرى لأن السفر لها يتطلب ركوب الطائرة . وفي مثل هذه الحالات يكون طلب المساعدة والعلاج شيئا محتما وضروريا للتخلص من اعباء هذا الحمل المخيف سبــــــــل العـــــــــــلاج وفقا لآراء الأخصائيين في السلوكية وعلماء النفس ، فان أبرز الطرق المستخدمة في علاج المرض هي العلاج بالمواجهة Exposure Therapy أو تغييب الاحساس بالفوبيا desensitization حيث يتعرض المريض او يواجه , بطريقة مريحة ومنظمة , الشيء أو الموقف الذي يخاف منه ويكون ذلك بطريقة تدريجية حيت تكون البداية بتخيل الموقف ذهنيا ثم يتم عرض مصدر الرعب واقعيا , فمثلا لو كان عندك خوف كبير من العناكب فاول شيء ستقوم به هو تخيل رؤية عنكبوت ثم يتم عرض صور عديدة لها وفي مرحلة لاحقة ترى عناكبا في الحقيقة وجها لوجه , ورغم ان الأمر ليس بتلك السهولة حيث تكون المواجهة طويلة وتتطلب تحكما في الاعصاب وردة الفعل , ومع الاحاطة من الاطباء ووجود الاصدقاء المقربين وافراد العائلة واتباع مراحل محددة بطريقة متدرجة ومحاولة تهدئة الاعصاب بعد كل مرحلة سيتم التغلب على الفوبيا الملازمة للشخص المصاب مع الوقت , اذ سيحس المريض بأن الوضعية التي يواجهها ليست بتلك الخطورة وبالتالي سييستطيع التحكم فيها والسيطرة على نوبات الخوف والذعر والقلق. الطريقة الثانية هي المواجهة غير المباشرة حيت يتم عرضك على الشيء الذي تخاف منه وستشاهد كيف ان الطبيب او الاشخاص الآخرين يتصرفون بطريقة طبيعية ومريحة , دون خوف , مع ذلك الشيء الذي تخاف منه مما قد يشجعك على القيام بنفس الشيء بعد عدة جلسات .. وفي بعض الحالات الخطيرة والعويصة من الفوبيا يتم استعمال طرق أخرى أكثر تعقيدا وتتطلب جلسات عديدة كطريقة التنويم المغناطيسي والايحاء وتناول أدوية وحقن معينة تخفف من آلام الخوف , ومؤخرا تم التوصل الى حل هام وهو التعامل مع الفوبيا عبر اجهزة الكمبيوتر ووضع المصاب في وضعيات ثلاثية الابعاد وكأنه يواجهها في الواقع ويتم رصد الانفعالات وايجاد الحلول تبعا لذلك .. وأسئلتي للأعضاء الكريم هي ما يلي : 1- ضع تعليقا بسيطا على الموضوع ككل 2- ما هي الأشياء التي تثير خوفك وقلقك وانشغالك الدائم ؟ ولماذا ؟ 3- هل تعاني من بعض أعراض الفوبيا ؟ 4- هل شعرت بالضعف والاستسلام في موقف معين ؟ تحياتي للجميع , وأرجو ان تكون مقالتي هذه مفيدة لكم انتظر التفاعل الايجابي منكم أصدقائي الأعزاء .. مقالة منقولة من أجل النقاش و تبادل الفائدة